IMLebanon

لماذا يريد وزير الطاقة عارضاً وحيداً في صفقة البواخر؟

 

كشفت صحيفة «الجمهورية» انّ تقرير إدارة المناقصات حول دفتر الشروط المتعلق ببواخر الكهرباء – 2، بلغ مراجع سياسية رفيعة المستوى، وقال احدها لـ«الجمهورية» إنه تعمّق في الملاحظات التي «تضمنها التقرير حول المناقصة، ورأى من الضروري الأخذ بها».

وعندما قيل للمرجع إنّ وزير الطاقة سيزار ابي خليل قد يحيل الموضوع للتنفيذ، أجاب: «لا يستطيع ذلك، الكلمة الفصل في هذا الموضوع هي لمجلس الوزراء، ونقطة على السطر».

بدوره، أوضح ابي خليل أنه «سيردّ هذا الاسبوع بكتاب على ملاحظات ادارة المناقصات»، مشيراً الى انّ «بعض ملاحظات ادارة المناقصات مقبول والبعض الآخر يتعارض مع نظام كهرباء لبنان المالي ولا يمكن تطبيقه في أي حال». وترك للبنانيين «استنتاج ما إذا كانت عرقلة البواخر تتمّ لأسباب سياسية أم لا».

وتبعاً لذلك، قال احد الوزراء المعارضين لِما سمّاها «صفقة العارض الوحيد» لـ«الجمهورية»: «ثمّة إجماع لدى خبراء واختصاصيين عدة بأنّ صفقة البواخر مفصّلة على مقاس شركة معينة، ولم نسمع من الوزير المعني سوى هجوم على إدارة المناقصات في الوقت الذي تتصدى لدفاتر الشروط المعلبة منذ سنين والمفصّلة على قياس شركة واحدة».

أضاف: «إنّ إصرار وزير الطاقة على اطلاق الصفقة، وإجرائها من قبل إدارة المناقصات، يبدو كمحاولة لإظهار انه يُجري مناقصة شفافة، فيما الواقع أنّ ما يجريه هو أقل من اتفاق رضائي. ذلك أنّ الأصول الإجرائية المتعلقة بالإتفاقات الرضائية، حتى وإن كان موضوعها: ضيافة أو لوازم مكتبية، تفرض إجراء استقصاء أسعار لدى عارضين عدة لاختيار العرض الأفضل قبل إبرام العقد».

وكشف «انّ الوزراء المعنيين سيطرحون هذا الملف امام مجلس الوزراء، فكما كنّا نشكّك في المناقصة السابقة، هناك أسباب كثيرة جعلتنا نشكّك اكثر بالمناقصة الثانية، والتي حاولنا ان نضع لها بعض الضوابط في جلسة مجلس الوزراء، لكن يبدو انّ ما طرحناه عمل البعض على تجاوزه وكأنّ شيئاً لم يكن.

وما نستغربه هو انّ الوزير المعني يدافع عن دفتر شروط يحتوي نقاطاً تفضيلية لعرض محدد بذاته، فيما الأفضلية الوحيدة المعمول بها لدى إدارة المناقصات هي الحفاظ على المال العام. أمّا أفضلية النقاط غير المشروعة، فهي تخالف قانون المحاسبة العمومية وتضرب مبدأ المساواة، الذي يشكّل أحد أهم المبادئ التي ترتكز عليها الصفقات العمومية.

كما انه بَدل السعي إلى تأمين العلنية الكاملة بالإعلان عن الصفقة لمدة كافية لتحضير العروض وتقديمها، يسعى جاهداً إلى اختصار المدة بأسبوعين أو ثلاثة، وكأنه مصرّ على ألا تُقَدم سوى عروض جاهزة إلى هذه الصفقة.

كما انه تجاهل أحكام قانون المحاسبة العمومية ونظام المناقصات، ليضع أحكاماً مالية خاصة تُجيز فتح العرض الوحيد، وقبوله سنداً لمادة ملغاة مرتكزة على السعر التقديري. وهنا نسأل الوزير هل وضع سعراً تقديرياً لهذه الصفقة وما هي تكلفتها ومن أين سيؤمّن مصادر تمويلها؟

أسئلة كثيرة نحتاج الى اجابات واضحة عنها، وخصوصاً في ما يتعلق بقرار مجلس الوزراء حول المناقصة، وهذا ما سنصرّ عليه في مجلس الوزراء، إذ عندما قرّر مجلس الوزراء إعادة المناقصة، كان الدافع وراء قراره إشراك أكبر عدد من الشركات فيها، بعدما أفضَت إلى عارض وحيد، ولذلك قرّر إتاحة المجال أمام المعامل الثابتة كما العائمة، واستعمال كل مواد التشغيل المُتاحة، الّا انّ الامانة العامة لمجلس الوزراء أصدرت قراراً مغايراً تماماً لِما اتفق عليه الوزراء وأعلن جزءاً منه وزير الإعلام.

وسار وزير الطاقة عكس الإتجاه، وتعمّد وضع دفتر شروط لا ينطبق إلّا على عارض وحيد، فأقفل الباب محكماً أمام خيارات البر، وخيارات التشغيل بالغاز الطبيعي، وتَمسّك بالمدة المعتمدة في دفتر الشروط السابق لتقديم العروض وتنفيذ المشروع، على رغم أنه عمل على مدى أشهر مع فريقه الإستشاري، ثم مع الإستشاري على تعديلها وإرفاق هذا التعديل بتسهيلات من دون الوصول إلى نتيجة.

فلماذا يريد وزير الطاقة عارضاً وحيداً؟ هل ليضع مجلس الوزراء أمام أمرٍ واقع يبرّر التعاقد رضائياً مع هذا العارض؟ هذا ما سنطلب توضيحه في مجلس الوزراء. مع التأكيد على إجراء مناقصة شفافة باعتماد خيار المنافسة الذي أوصَل عدم وجوده إلى إلغاء المناقصة السابقة».

وقال خبير قانوني مواكب لصفقة البواخر حول قانون المحاسبة العمومية وارتباطه بالصفقة لـ«الجمهورية»: «يوجب هذا القانون، كما نظام المناقصات، عدم إجراء الصفقة وبالتأكيد، عدم عقدها، إلّا إذا ثبت توفّر الإعتماد اللازم لها».

ونَبّه الى «انّ وضع واقعة عدم توفّر الإعتماد معطوفة على مشروع العقد المرفق بدفتر الشروط من شأنها أن تُلحق بالدولة وأموالها خسائر فادحة، من غرامات مالية غير مألوفة، إلى الإلتفاف على القوانين الضريبية، وصولاً إلى إكساب المتعاقد مع الإدارة أرباحاً غير مشروعة، إن من خلال ما يُعرف بمنح التوفير في استهلاك الفيول التي حظّرتها هيئة التفتيش المركزي بتوصيتها رقم 87/2013، لِما ألحقته من ضرر هائل وأكيد بالأموال العمومية، وإن من خلال عقد مُستتر تدفع الدولة من خلاله للشركة ثمن أيّ زيادة على طاقة الـ 400 ميغاواط مهما بلغ حجمها».