IMLebanon

عناوين خطاب عون أمام الأمم المتحدة

 

كتب جورج شاهين في صحيفة “الجمهورية”:

وفي الدورة الـ 72 للجمعية العامة للامم المتحدة يقف رئيس الجمهورية على منصتها اليوم ليلقي كلمة لبنان بعد غياب امتدّ لثلاث دورات تسبّب بها الشغور الرئاسي. وعلى رغم استبعاد أيّ متغيّرات في الخطاب الرئاسي فإنّ ما يزيد من أهمية هذه الاطلالة الرئاسية سيفيض ممّا دار خلال لقاءات عون في أروقتها. وعليه فهل هناك ما سيتغيّر في الخطاب؟ وما هي عناوينه؟في 24 ايلول 2013 كان آخر خطاب رئاسي لبناني على منصة الأمم المتحدة ومن بعده اعتلاها رئيس الحكومة التي آلت اليها بعض صلاحيات الرئيس المفقود بما فيها ترؤسه للوفود الرسمية الى المؤتمرات والقمم الدولية والأممية.

وعلى رغم تغيّر الوجوه فقد حافظ لبنان الرسمي على كثير من الثوابت في سياسته الخارجية ولم يخرج يوماً عن الإجماع العربي حيث ما توافر ونأى بنفسه عندما وقع الخلاف في ما بين العرب.

وخير دليل على هذه النظرية ما سبق من خطابات ألقاها الرؤساء اللبنانيون على منصات الأمم المتحدة والقمم العربية والدولية. لقد كانوا من دعاة الحوار والسلام بين العرب رغم ما شهدته الساحة اللبنانية من نزاعات بالنيابة عنهم، فتدخّلوا في الحرب اللبنانية وناصروا فريقاً على آخر وسلّحوه ومدّوه بالمال، لكنّ الخطاب الرسمي بقي على حاله ينادي بالتعاون بين الدول العربية وباستراتيجية دفاعية موحَّدة تجاه «العدوّ الإسرائيلي» على الأقل بين ما سمي «دول الطوق» لإسرائيل لعلّ بعضهم من الأقربين والأبعدين يتوقف عن استخدام الساحة اللبنانية مسرحاً لخططه المأسوية والدموية التي طاولت القادة اللبنانيين والعرب والفلسطينيين اكثر ممّا تسبّبت بأذيّة لإسرائيل التي إتُخِذَ العداء لها «قميص عثمان» لتبرير حروبهم الداخلية.

وناصر لبنان الرسمي القضية الفلسطينية على رغم ما أُلقيت عليه من أعباء رفضت تحمّلها دول عربية كبرى تمتلك مساحات شاسعة واقتصادات كبرى وثروات لا تُحصى. وبقي اللبنانيون يناصرون القضية الفلسطينية في اعتبارها «القضية الأم» الى أن فتشت الكلاب البوليسية الأميركية يوماً موكب أحد رؤسائهم في نيويورك عقب خطابه في الأمم المتحدة متحدِّثاً باسم العرب أجمعين.

كان ذلك قبل أن تنفجر الأزمة السورية في آذار 2011، فبعدها تغيّرت الاولويات في السياسة الخارجية تجاه العالم العربي ولم تتبدّل كثيراً تجاه الغرب، وبقيت العناوين الكبرى هي نفسها وتغيّرت مقاربة الملفات الداخلية بعدما استدرجت الحرب بعض اللبنانيين اليها فنادى لبنان بالنأي بالنفس اولاً ودعم المؤسسات العسكرية والأمنية لمواجهة الإرهاب الذي ضرب أجزاء من البلاد بالحديد والنار، وبالحلّ السلمي ثانياً، وتقديم العون للبنان الذي تحمّل الكلفة الكبرى التي تنوء تحتها اقتصاداتُ دول كبرى ثالثاً، وبعودة النازحين الى اراضيهم فوراً وتوفير الظروف لذلك رابعاً.

على هذه الخلفية يشارك لبنان في أعمال الدورة الـ72 للأمم المتحدة هذه السنة وسيطلّ عون اليوم من على منبرها لإلقاء كلمته، وليجدّد تأكيد سلّم اولوياته من القضايا الداخلية والعربية والأزمات الدولية، إذ لم يتغيّر خطابه عمّا سبقه سوى في ما سيتناوله في الشق الداخلي والإقليمي وسيحتفظ بالعناوين المتصلة بالقضايا العربية والدولية الكبرى.

وعلى هذه الأسس كشف العارفون مضمون الخطاب، فهو الى المقدّمة الروتينية والخاتمة السياسية سيتناول أربعة عناوين رئيسة يمكن تلخيصها بالآتي:

– وضع لبنان المستجدّ بانتخاب رئيس للجمهورية والسعي الى إحياء المؤسسات الدستورية وانتظام العمل في ما بينها ودعم مؤسساته العسكرية والأمنية لتعزيز سلطة الدولة على كل اراضيها بقواها الذاتية وما يعدّ له العهد الجديد بعد تجديد التزاماته بالتفاهمات والتعهّدات والقرارات الدولية كافة حفاظاً على دور الشريك الدولي وتحديداً لجهة تصميمه على مكافحة الإرهاب الى جانب القوى الدولية المجمعة على هذا الهدف وما تستلزمه من جهد ودم في هذه المواجهة المفتوحة على كل الإحتمالات.

– السعي الى إعادة النازحين السوريين الى حيث المناطق الآمنة في أسرع وقت ممكن بمعزل عن المواقف الدولية من هذه القضية. والى تلك المرحلة سيطالب بالإيفاء بالتزامات الأمم المتحدة والمؤتمرات والجهات الدولية والإقليمية المانحة من مساعدات وتقديم العون للبنان في مواجهة أزمة النازحين السوريين والفلسطينيين جراء الحرب السورية وما انتهت اليه من عمليات تهجير وتدمير استقبل خلالها وبعدها لبنان ما يزيد على ثلث سكانه الأصليين الى اليوم بكلفة عالية لا يمكن أن يتحمَّلها الوطن الصغير.

– الدعوة الى اعتماد لبنان مركزاً للحوار بين الديانات والحضارات فكل مقوّمات هذه الدعوة متوافرة فيه نتيجة التقاء كل هذه العناصر على أرضه وفي شعبه وهو مستعدّ لتقديم ما يستطيع من أجل هذا المركز ليكون أمراً واقعاً في خدمة الإنسانية والعالم.

– التشديد على قراءة لبنان الثابتة للقضايا العربية الكبرى وفي مقدّمها القضية الفلسطينية تحت عنوان الحلّ العادل والشامل ولجم إسرائيل وإلزامها بتطبيق القرارات الدولية ولا سيما منها حق العودة للشعب الفلسطيني المشتّت في مختلف أصقاع العالم وخصوصاً من لبنان الذي ما زال يتحمّل العبء الكبير منذ نكبة العام 1967 الى الآن.

تحت هذه العناوين الأربعة الرئيسة سيقدّم عون رؤية لبنان الإستراتيجية من كل عنوان فلا يكتفي بتصوير الواقع كما هو، بل سيقترح حلولاً ومخارج وآلية عمل تسهّل بلوغ هذه الاهداف الأربعة وما يريده لبنان من خلالها بما يضمن له حقوقه الدولية بأن يكون وطناً آمناً لمختلف بنيه يبني جسور التعاون مع العالمَين العربي والغربي.