IMLebanon

مَن يُنقذ اللبنانيين في السويد؟

كتبت ربى منذر في صحيفة “الجمهورية”:

ما تزال أزمةُ بعض اللبنانيين الموجودين في السويد تتفاعل، خصوصاً أنهم باتوا محرومين من أبسط مقوّمات الحياة ولعلّ أبرزها الطبابة والإستشفاء، حتى وصل الحال بأحدهم للوفاة. فما جديد هذه القضيّة؟بصوتٍ مخنوق يحمل الكثيرَ من الغصّة، روى اللبناني الكهل حنا بشارة وهيبي، عن معاناته في السويد، حيث لجأ في الماضي اعتقاداً منه أنه وجد بيتاً ثانياً: «صرلي 15 سنة طالب لجوء بالسويد وما حدا عم يوقف حدّي، وهلأ صار بدن يطلّعوني من البيت ومش عارف لوين فل»، فإلى أين يذهب بشارة، خصوصاً وأنّ وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل كان قد أكّد رفضَ لبنان إعطاء القبول باستقبال هذه الفئة من اللبنانيين على أراضي الوطن.

إذاً سنواتٌ مضت، حضنت خلالها السويد عدداً من العائلات اللبنانية التي أجبرتها الظروف على مغادرة أراضي لبنان، حتى باتت سويدية أكثر من السويديّين أنفسِهم، يدفع أفرادُها الضرائب بشكلٍ منتظم، يعيشون تحت غطاء القانون، يُتقنون وأولادهم اللغة السويدية واندمجوا في المجتمع… الى أن تذكّرت السويد فجأة أنّ لبنان بات آمناً، إذاً فليعد اللبنانيون الى بلدهم إذ إنّ دائرة الهجرة فضّلت بعد سنوات طردَ اللبنانيين من بيوتهم ليقيمَ مكانَهم مَن يتعرّضون لحروب في بلدانهم، ويحصلوا على المعونة المقدَّمة للعائلات اللبنانية.

هكذا، بكل بساطة، نام بعضُ اللبنانيين في السويد أوضاعهم مستقرّة، وصحوا على قرار توقيف الطبابة والإستشفاء والمساعدات، علماً أنّ هناك الكثير من الحالات المرَضية التي تستدعي العلاجَ الدائم والمرافقة الطبّية، كذلك طُرد البعض من بيوتهم بعدما شعرت السويد بضغط اللجوء عليه، خصوصاً وأنها كانت حرَمت هؤلاء من الحصول على الإقامة الدائمة وبالتالي لا مستندات تحميهم اليوم في حين أنّ المعاملة لم تكن بالمثل مع العائلات اللاجئة من دول أخرى والتي هاجرت حديثاً ونالت بسرعة قياسية «شرعية الإقامة» من دون عناء ولا تعب، علماً أنها لم تُسجَّل حتى اليوم أيّ حالة مخالفة للقانون من اللبنانيين.

الى ذلك، أُجبِر البعض على تسليم بطاقات التعريف الخاصة بكلّ منهم، وبطاقات الاستشفاء أيضاً، ما جرّدهم عملياً من مسكنهم وعملهم، والرعاية الطبّية ومن حقّهم في التعليم العالي أيضاً، وجعلهم عرضةً للإحتجاز في أيّ وقت من قبَل الشرطة السويدية، لعدم امتلاكهم بطاقةً تعرِّف عنهم، حتى وصلت الأوضاع الى حدٍّ مأساوي توفي على أثره اللبناني طانيوس كرم (77 عاماً) نتيجة توقيف الطبابة.

«ساعدونا»

اليوم يناشد نحو 176 لبنانياً مقيماً في السويد منذ سنوات ومعرّضين لـ«التشرّد»، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي وعدهم في السابق العمل على حلّ مع نظيرته السويدية، أو إرسال وفد لمعاينة أوضاعهم ميدانياً والعمل على حلّها، فهم لم يقصّروا يوماً تجاه لبنان بل كانوا يرسلون الأموال لعائلاتهم فيه باستمرار، ولا يختلف اثنان على أنّ لبنان يعتاش بجزءٍ كبير على أموال المغتربين.

إذاً، في حال أصرّت السويد، المشهود لها بـ«احترام حقوق الإنسان»، على تشريد اللبنانيين وفتح أحضانها للاجئين بدلاً من ذلك، كيف ستكون ردةُ فعل سلطاتها إن قرّر لبنان ترحيلَ اللاجئين عن أرضه لتكون وجهتُهم أوروبا في المقابل؟