IMLebanon

جان إيف لودريان: سأبحث مع إيران مسألة تمويل “حزب الله”!

نقلا عن صحيفة “الجمهورية”: أعلنَ وزير الخارجية الفرنسيّة عن مبادرةٍ لوضع حد للتهرّب من العقاب لأولئك الذين يستخدمون الأسلحة الكيماويّة. ورغم الاتفاق الموقّع عام 2013، فإنّ النّظام السوري لا يحترم وعوده.

بعد ثمانية أشهر على رأس الـ”كي دورسيه”، يُفصح جان إيف لودريان عن رؤيته للسياسة الخارجية الفرنسيّة. فشدد على ان الموقف الفرنسي يتّصِف بالحزم والتّوازن في ما خص الاتفاق النووي الايراني. وقال: “التّوازن هو احترام الوعد الذي أعطيناه في تموز 2015 على هذا الاتّفاق. لماذا؟ لأنّ الاتّفاق الموقّع صلب ولأنّ طهران تحترم بنوده.

وأضاف: “إنّه يمنع البلاد من الاستحواذ على الأسلحة النوويّة، الذي سيكون له عواقب وخيمة على التّوازن في المنطقة. الدولة التي تتراجع عن وعودها تقلّل من قيمة وعدها. الحزم هو الإطار الضروري لمشروع الصواريخ الباليستيّة الإيرانيّة كما هو مذكور في قرار مجلس الأمن رقم 2231. إذا أرادت إيران العودة الى المسرح الدولي، يجب عليها التعاون في هذه الأسئلة. وإلّا سيكون دائماً مشكوك بنواياها في تطوير السلاح النووي.

نحن دخلنا بحوار مع إيران حول الموضوع الباليستي والأسئلة الإقليمية. كما أنّنا نريد أيضاً إثارة موضوع تأثيرها العسكري المزعزع لاستقرار الشرق الأوسط، دعمها المالي لـ”حزب الله” وميليشيا الحوثي في اليمن.

ولذلك أعلن لكم انّني سأزور إيران في 5 آذار، وسأحافظ على هذه الصراحة كما فعلتُ دائماً منذ أيار الماضي مع نظيري جواد ظريف.

 

في ما يلي المقابلة كاملة

ما هو رأيكم بالمشهد الدبلوماسي الدولي؟

كان أهم شيء بالنسبة لي هو إظهار أنّ الدبلوماسية يمكن أن تنفذ مباشرة لخدمة جميع الشعب الفرنسي، بدءاً بأمنه. تسوية الأزمات في الخارج، مثل ما نحاول أن نفعل في منطقة الساحل في ليبيا أو سوريا، لها تأثير مباشر وفوري على الوضع في بلدنا. إنّ تعزيز مصالحنا الاقتصادية في الخارج يعني أيضاً ضمان العمل في فرنسا. تقوية أوروبا أيضاً لها تأثير مباشر على نسيجنا الاقتصادي.

وهذا العمل، أحمله ضمن سياق أنّ فرنسا أصبحت أكثر توقعاً من أي وقت مضى. إنّني أطمح إلى سياسة خارجية تكون واقعيّة، بدلاً من التوقف عند التعليقات، وتعمل بشكل ملموس.

هل يجب إعادة التفاوض على الاتفاق النووي الإيراني كما يطلب دونالد ترامب؟

الموقف الفرنسي يتّصِف بالحزم والتّوازن. التّوازن هو احترام الوعد الذي أعطيناه في تموز 2015 على هذا الاتّفاق. لماذا؟ لأنّ الاتّفاق الموقّع صلب ولأنّ طهران تحترم بنوده.

إنّه يمنع البلاد من الاستحواذ على الأسلحة النوويّة، الذي سيكون له عواقب وخيمة على التّوازن في المنطقة. الدولة التي تتراجع عن وعودها تقلّل من قيمة وعدها. الحزم هو الإطار الضروري لمشروع الصواريخ الباليستيّة الإيرانيّة كما هو مذكور في قرار مجلس الأمن رقم 2231. إذا أرادت إيران العودة الى المسرح الدولي، يجب عليها التعاون في هذه الأسئلة. وإلّا سيكون دائماً مشكوك بنواياها في تطوير السلاح النووي.

نحن دخلنا بحوار مع إيران حول الموضوع الباليستي والأسئلة الإقليمية. كما أنّنا نريد أيضاً إثارة موضوع تأثيرها العسكري المزعزع لاستقرار الشرق الأوسط، دعمها المالي لـ”حزب الله” وميليشيا الحوثي في اليمن.

ولذلك أعلن لكم انّني سأزور إيران في 5 آذار، وسأحافظ على هذه الصراحة كما فعلتُ دائماً منذ أيار الماضي مع نظيري جواد ظريف.

كيف تتصوّر الانتقال في سوريا، في حين أنّ المعارك لا تزال ناشطة هناك؟

إنّ المعارك تدور اليوم في منطقة إدلب وعفرين وفي الغوطة الشرقيّة. نرى أنّ الأزمة تمرّ في مرحلة تحوّل، كما مع التّدخل التركي من أجل أمنها الخاص.

وانّ النظام يهدّد المدنيّين في الغوطة بخلاف جميع قواعد قانون الحرب. تابعت فرنسا تطوّرات الأيّام الأخيرة، وبادرَت إلى طلب عقد جلسة لمجلس الأمن بشكل طارئ. لا بدّ من فرض حال استقرار ثم اتّخاذ خطوات ملموسة لتنظيفها. وعندها سيكون من الممكن، في هذا الإطار الجديد، تنظيم الانتخابات.

هل تعتقدون ذلك فعلاً؟

السبيل الوحيد لإتاحة فرصة لعملية السلام هو من خلال خلق مناخ مستقرّ يسمح بتنظيم انتخابات وتشكيل دستور جديد. يمكن أن يشكّل هذا النهج أساساً لتوافق في الآراء يشمل الرّوس أيضاً. أكّد رئيس الجمهورية أنّه كان يجب تهيئة الظروف اللازمة للانتقال السياسي الشامل.

فعليّاً، ستطلب فرنسا إيجاد المناخ المستقرّ الضروري للعملية الانتخابية. وهذا يعني سحب الجنود، وقف الاعتداءات، تبادل الأسرى وإزالة الأسلحة الكيماويّة، كلّ ذلك تحت الإشراف الدّولي.

كيف تتناسب هذه المبادرة مع عملية جنيف؟

إنّها طريقة لتغذية مفاوضات الأمم المتحدة. إذا وافق الروس، فهذا أمر جيّد. وإذا أرادوا جمع ممثلين عن الجهات السوريّة في سوتشي، فلم لا؟ فإنّ هذا الأمر لا يتعارض بالضّرورة مع هذا الإجراء. ولذلك يجب إيجاد حلّ سياسي شامل فعليّاً.

هل تستبعدون أن يتمكّن الروس والإيرانيون والأتراك من التوصّل وحدهم إلى السلام في سوريا؟

إنّ الدينامية الجماعية ضرورية. وأيّ سلام لن يدوم من دون مشاركة الولايات المتّحدة وأوروبا ودول المنطقة. ولطالما قال الرّوس إنّهم يحترمون مفاوضات جنيف وإنّ محادثات أستانا لم تكن سوى تحضيرات لهذه المفاوضات.

نحن نتابع الحوار مع موسكو. وبكلّ الأحوال لا يستطيع الروس إيجاد حلّ للأزمة منفردين. وفي يوم ما سيُعاد بناء سوريا وموارد الروس لن تكون كافية.

وفي انتظار ذلك، لن يشارك الأوروبيّون في إعادة الاستقرار والإعمار سوى في المناطق حيث ستكون الحَوكمة مقبولة من حيث الحقوق الأساسية.

تنظّم فرنسا يوم الثلثاء في باريس مؤتمراً دوليّاً حول نزع الأسلحة الكيماويّة. هل هذا الإلتزام مرتبط بالشأن السوري؟

لم ينجح نزع السلاح الكيماوي في سوريا. وما زال النظام يحتفظ بمخازن كيماويّة، ونفّذ بعد اتّفاق عام 2013 هجمات كيماوية رغم التزاماته. حذّر الرئيس الفرنسي دمشق من عواقب تكرار هكذا هجمات.

وأمام هذه الحالة، سنعلن غداً في باريس، وبمشاركة نحو 30 دولة، إطلاق مبادرة تهدف إلى محاربة الأشخاص المتّهمين باستخدام الأسلحة الكيماوية من العقاب. والدول الراغبة بذلك تحتفظ بلوائح تتضمّن أسماء المتهمين.

وتزامناً مع ذلك، اتخَذت فرنسا إجراءات لفرض عقوبات، مِثل مَنع تأشيرات السفر وتجميد الأصول المصرفية، ضد بعض الأفراد المتورّطين في هذه البرامج المتكاثرة.

وستكون المرّة الأولى التي نفرض فيها عقوبات على هذا الأساس. ونحن مصمّمون بشكل كامل على أن تتمّ محاسبة جميع الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب جرائم دنيئة بهذا الشكل.

أيّ دور يمكن لفرنسا لعبُه في كوريا الشمالية؟

نحن أمام إشارتين متناقضتين. الانفتاح الذي اقترحته بيونغ يانغ على كوريا الجنوبية، من خلال مشاركة كوريا الشمالية في الألعاب الأولمبية، أو من خلال إعادة فتح قنوات التواصل مع سيول. لا يمكننا إلا أن نكون سعداء بهذا الموقف. لكن في نفس الوقت، يؤكّد كيم يونغ اون عزمه على إنتاج أسلحةٍ وصواريخ نووية. يجب تشجيع مفاوضات نزعِ الأسلحة النووية من كوريا الشمالية، مع التشديد على فرضِ العقوبات.

وبصِفتها عضواً في مجلس الأمن ومعاهدات عدم الانتشار، فإنّ فرنسا جاهزة للمساعدة في حلّ أزمة كوريا الشمالية. وسأزور كوريا الجنوبية قريباً على رأس البعثة الفرنسية الرسمية في افتتاح الألعاب الأولمبية. وسأناقش بالعمق مع الكوريين واليابانيين كيفية إطالةِ مدّة خفضِ التوتّر بين الكوريتين.

في أيّ مجالات يشكّل دونالد ترامب مشاكلَ لفرنسا؟ وفي أيّ مواضيع يمكن التعاون معه بسهولة؟

نحن نختلف حول المناخ والاتفاق النووي الإيراني. كما أنّنا رفضنا إعلانَ الرئيس ترامب حول القدس. لكنّنا براغماتيون أيضاً، ولا يجب علينا أن نصبح معلّقين على التصريحات الأميركية. بل يجب أن نتحاور في الكواليس، وفي هذا الخصوص علاقتي جيّدة بريكس تيليرسون، الذي سيزور باريس غداً.

كيف تختلف سياسة ماكرون الخارجية عن سياسة فرانسوا هولاند؟

لا يمكن مقارنة السياق، وأوروبا لم تعد كما كانت، ورئيس الجمهورية لاعبٌ أساسي في هذا التغيير. المملكة المتحدة وإسبانيا وألمانيا دولٌ موجودة اليوم في حالاتٍ مختلفة. وصولُ دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية شكّلَ اضطراباً.

فالعالم يعيش لحظةً خاصة، ويبدو أنه مع وصول ماكرون إلى رئاسة فرنسا، باتت هي بدورِها تعيش لحظةً خاصة، لحظةٌ أخَذتها إلى وسط الاهتمام الدولي.

هاتان اللحظتان تُغذّيان بعضهما، والطاقة التي تنبعث من بلادنا تجذب وتُحيّر. ويجب علينا الاستفادة إلى أقصى الحدود، وهذا من مسؤوليتي أيضاً، وهو أمرٌ مميّز. لدينا اليوم قوّة وقدرة التأثير لم نعرفها منذ زمنٍ طويل.

كيف تتمثّل عملياً هذه القوّة والقدرة على التأثير؟

لبنان مثالٌ جيّد. قدرة تأثير الرئيس ماكرون سَمحت بحلِّ قضيةِ الحريري. وحين يقرّر الرئيس الفرنسي، عقب هذه العملية، أن يجمعَ في باريس مجموعة دعمِ لبنان، يحضر الجميع. المثال الثاني هو الصين. كان ايمانويل ماكرون من بين أوّلِ رؤساء الدول الذين استضافَهم الرئيس الصيني اكسي جين بينغ منذ تعيينه رئيساً لمدة 5 سنوات من قبَل المؤتمر التاسع عشر.

وقام بزيارته الأولى إلى الصين منذ انتخابه أيضاً لمدة 5 سنوات. ومن خلاله، توجَّه الرئيس الصيني إلى أوروبا. وسَمحت زيارتُه بتحديد برنامج للسنوات المقبلة.

إنّ السِمة المميّزة الأخرى لهذه الفترة الخمسية من حيث السياسة الخارجية هي أنّنا نعتبر أنه يجب علينا أن نتكلم مع جميع الموجودين في قت الأزمات، إلى الرؤساء أردوغان وترامب أو بوتين. وهذا ما يفعله رئيس الجمهورية بوضوح، من دون غموضٍ ومن دون خداع، مع الإرادة الحقيقية في إيجاد الحلول الفعلية للمشاكل المشتركة.

هل مِن السهل أو الصعب العمل مع إيمانويل ماكرون؟ هل تتمتّع بالحرّية الكافية؟

نتقابل وجهاً لوجه كلّ يوم ثلثاء، ونحن على تواصلٍ دائم. والعكس هو ما يمكن أن يكون مقلِقاً. يعطيني التوجيهات وأقترح عليه الاجراءات.

في المؤسسات التي أسّسها الجنرال ديغول، السياسة الخارجية مخصّصة لرئيس الجمهورية، وهي مهمّة تتطلّب الكثير ولكنّها مثيرة لخدمة فرنسا والفرنسيين.

من يهتم بروسيا؟ لدينا انطباع أنّ الموضوع قد تمّ وضعُه بين قوسين

لدى إيمانويل ماكرون رغبة في إنشاء علاقة مباشرة مع روسيا، بين قوّتين. هذا لأنّ فرنسا تتحدّث مع الجميع، يمكنها أن تقول الأمورَ بصراحة. لكنّه يعتبر أنه ينبغي احترام هذه الدولة، ولهذه الأسباب، وبُعَيد انتخابه، دعا الرئيس بوتين إلى فرساي. قابلت نظيري عدة مرّات منذ الأسابيع الأولى. لكن على روسيا أيضاً أن توضحَ رغباتها. فالأمور المزعجة لا تنقص.

المسألة الأوكرانية لم تعالَج بعد، وكذلك مسألة الأسلحة الكيماوية في سوريا. من الصعب تحديد الطريق الذي ستسلكه روسيا في الأزمة السورية.

والتوضيحات ضرورية… ونحن مستعدّون لإثارة كلّ هذه المواضيع. وعلى الروس التوضيح إذا ما كانوا مستعدّين للدخول في هذه المحادثات.

ماذا بخصوص موضوع اليمن الذي يهمّكم كثيراً؟

الحرب في اليمن مأسوية. وتعهَّد المتحاربون بإيجاد حلّ يَحترم حدود المملكة العربية السعودية ويَسمح بضمان عودة حكمٍ طبيعي في اليمن.

وفي هذا الملف أيضاً، فرنسا جاهزة للعِب دور. وفي هذه المرحلة، أركّز على الجانب الإنساني، وأشدِّد على التحالف باتّخاذ إجراءات بهذا الخصوص لتحسين الوضع في الميدان.

برغبتها لعبَ دورٍ في كلّ مكان، أليس لفرنسا شهية مبالغة؟

يمكننا قولُ ذلك لو لم تكن خطوة الرئيس الفرنسي تندرج ضمن العملية الأوروبية. ولكن في كل مرّة، نجد شركاءَنا الأوروبيين موجودين لمشاركتنا المبادرات.

وحين يقول ايمانويل ماكرون إنّ أوروبا هي مجال سيادتنا، ألا وهو مبدأ جديد، هذا يعني أنه إذا أرادت فرنسا التقدّم فمِن المؤكّد أن يكون ضِمن الإطار الأوروبي. وسيُمكنها أن تجد ضِمن هذه الإطار تأثيراً مضاعفاً لمبادراتها. (الجمهورية – LE FIGARO /