IMLebanon

السلطة تبيح الرشاوى والفساد

صار الترحّم على مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية واجباً، بعدما حرف النافذون في السلطة المسار الذي يفترض ان يسلكه هذا الاستحقاق نحو تجديد الحياة السياسية في لبنان، وأدخلوه في مغارة محترفي الاحتيال السياسي، والمبدعين في الارتزاق الانتخابي، وفي المتاجرة بمشاعر الناس وتوجهاتهم، والمصابين بالفجع المزمن على السلطة ومغانمها، متجاوزين بذلك الصرخات التحذرية المتتالية، خصوصاً من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ومتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، بوجوب الذهاب الى استحقاق انتخابي نظيف خال من الشوائب يتمتع فيه الناخب بحريته في اختيار من يراه أهلاً لتمثيله في الندوة البرلمانية، وعاملاً على تنقية الدولة واداراتها من الفساد الذي اصبح مادة للمتاجرة خصوصاً من فئة من النافذين تدعو الى مكافحته ليلاً ونهاراً فيما هي منغمسة فيه من رأسها حتى اسفل قدميها.

وتكاد البورصة الانتخابية تعجز عن اللحاق بمسلسل الارتكابات اليومية التي يقوم بها أزلام النافذين واتباعهم في مختلف الدوائر الانتخابية، والناس تشهد على أداء هؤلاء الذين يقدمون خلاله ألواناً مختلفة من الضغوط والافتراء على المواطنين. وثمّة حديث في اوساط الناس عن مئات الشكاوى الى المخافر والمراجع الامنية والقضائية حول الارتكابات التي يقوم بها ناشطون في بعض التيارات والاحزاب، وبعض النواب الذين ينتمون الى تيارات سياسية محسوبة على مراجع عليا، وخصوصاً في جبل لبنان.

يتزامن ذلك، مع اندلاع «حرب الماكينات» في اكثر من دائرة انتخابية، بدءاً من بيروت وصولاً الى الشمال، حيث تزايدت في الآونة الاخيرة وتيرة اعمال الشغب التي تفتعلها ماكينات السلطة، برعاية مباشرة من اصحاب مراكز وزارية ومواقع رفيعة في السلطة، وبإدارة ميدانية من عناصر بعض الاجهزة الامنية، ومن دون ان تحرّك الجهات المعنية في الدولة ساكناً حيال ما يجري.

وبحسب معلومات صحيفة “الجمهورية” فإنّ “حرب الماكينات” لها وجه آخر، يتمثل بالمعارك داخل البيت الواحد، اذ انّ أداء بعض الماكينات وتحديدا في بيروت وجبل لبنان وصولاً الى الشمال، يعكس حالاً من عدم الثقة بالنتائج التي قدرتها الاستطلاعات الانتخابية، حيث تتركز المعارك على «الصوت التفضيلي» الذي بات يشبه «الصوت التفريقي» للوائح وتشتيتها، بحيث يسعى كل مرشح ضمن اللوائح الى إنقاذ نفسه ومحاولة الاستحواذ على العدد الاكبر من الاصوات التفضيلية على حساب زملائه في اللائحة، وخصوصاً لوائح النافذين في السلطة، التي اشتمّت فيها رائحة خطورة على بعض المرشحين النافذين، الذين يخشون من احتمال سقوطهم في الاستحقاق، ولذلك لجأوا الى ممارسة الضغوطات، المقرونة بدفع أموال طائلة لشراء “التفضيلي”. وعلم في هذا الاطار، انّ احد المرشحين المتمولين، بالشراكة مع احد الوزراء، يحضّر لشحنات خارجية من الناخبين، تستقدمهم من بعض دول الخليج، وقد رصد لذلك مبالغ طائلة.