IMLebanon

هل ما زال بإمكان ترامب إعلان انتصاره إذا أبقى كيم جونغ أون على «النووي»؟

كتب منموتوكو ريتس في صحيفة “نيويورك تايمز”:

منذ اللحظة التي قَبل فيها الرئيس دونالد ترامب دعوة جريئة للقاء كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية، أثار توقعات بأنّه سيفعل أخيراً ما لم يفعله أيّ من أسلافه، وهو حَثّ كوريا الشمالية لتتخلى عن ترسانتها النووية.

إلّا أنّه كما أوضح تحذير كوريا الشمالية الأسبوع الماضي وكما أعلن معظم الخبراء في البلاد، قد لا يملك كيم أي نيّة للتخلّي عن أسلحته النووية في وقت قريب.

أمّا السؤال الآن فهو كيف سيعيد ترامب تعريفه للنجاح، في حال أُجري اجتماع القمّة حسبما هو مقرّر.

إذا اجتمع فعلاً ترامب وكيم في غرفة في سنغافورة يوم 12 حزيران، فمن الواضح أنّ نزع السلاح النووي هو أمر بالطبع لن يكون خارج النقاش على المدى القصير. لكن يرى المحلّلون أنّ ترامب لن يواجه أي مشكلة في إيجاد طرق أخرى لتحقيق النصر.

وقال دويون كيم، وهو زائر وزميل في «منتدى مستقبل شبه الجزيرة الكورية» في سيول عاصمة كوريا الجنوبية: «الحقيقة هي أنّ القمّة ستكون ناجحة لأنّ ترامب سيجمّع قصّة هذه القمّة ويبيعها لمؤيّديه واصفاً إيّاها بالنجاح. وللأسف، ما يعتقده الخبراء لن يكون مهماً». وفي إشارة إلى أنّ الخطّة ما زالت تمضي قدماً، وصل رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن إلى واشنطن لعقد اجتماع مع ترامب أمس لمناقشة تفاصيل المحادثات القادمة.

ويقول الخبراء، الذين انتقد كثيرون منهم بشدّة مقاربة ترامب الارتجالية إزاء الديبلوماسية وقلّة المعرفة الواضحة حول تاريخ الصفقات السابقة والفاشلة مع كوريا الشمالية، إنّ النتيجة الوحيدة الواقعية قد تكون إعلاناً بسيطاً يذكر أنّ نزع السلاح النووي هو الهدف المرتقب.

ومع ذكرى تجارب كوريا الشمالية الصاروخية والنووية وخطاب ترامب «الناري والغاضب» التي لا تزال حاضرة في معظم الأذهان، قال محلّلون إنّه قد يكون المرغوب القيام بصفقة مبهمة أكثر من العودة إلى التوترات المتصاعدة في العام الماضي.

وبالإضافة إلى الاتفاق مع كوريا الشمالية لتمديد تعليقها للتجارب النووية والصاروخية البعيدة المدى، ووعدها بعدم تصدير الأسلحة النووية، قال المحلّلون إنّ مثل هذا الاتفاق سيُعتبر نقطة انطلاق مهّمة نحو مفاوضات مستقبلية.

وقال جيفري لويس، وهو خبير في الشؤون الكورية في «معهد ميدلبري للدراسات الدولية»: «ليس هذا ما يَعد به الرئيس أو ما يأمله الجميع، لكنّه سيكون حلّاً جيّداً ويجب أن يقبلوا به. فأنت لا تتخلّص من الأسلحة، ولكنّك تضع نفسك على الطريق الذي قد لا يكون هناك حاجة إلى هذه الأسلحة في يوم من الأيام. ربّما ليس خلال حياة كيم جونغ أون، ولكن لا يزال الأمر يستحقّ تحقيق هذا التقدّم، لا سيمّا أنّ سنة 2017 كانت مخيفة جدّاً».

كما يقول بعض المحلّلين إنّ رغبة ترامب في تحقيق انتصار سريع يكتب تغريدة عنه، يمكن أن تترك مجالاً للديبلوماسيين المحترفين وخبراء النووي للتوصّل إلى اتّفاق طويل الأمد مع المسؤولين الكوريين الشماليين.

وقالت سوزان ديماجيو، مديرة وزميلة في فريق أبحاث «نيو أميركا» التي شاركت في محادثات غير رسمية مع كوريا الشمالية: «سيخرج ويسأل «أين هي جائزة السلام الخاصة بي؟». هو لا يريد سوى الخروج من القمّة قائلاً: «جعلتهم يفعلون ما لم يستطع أيّ رئيس آخر القيام به»، وأعتقد عندها أنّه سيفقد على الأرجح الاهتمام».

وأضافت ديماجيو: «كلّما قلّ تدخّل الرئيس ترامب في هذه العملية، كلّما كان ذلك أفضل».

إنّ وعداً غامضاً بنزع السلاح النووي قد يخيّب آمال الكثيرين في واشنطن، حيث توجد ذكريات بتراجع الكوريين الشماليين عن الصفقات من قبل. كما أنّه سيكون بعيداً عن أهداف المدافعين المنشودة مثل جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومي، الذي دعا إلى نزع كامل وفوري للأسلحة النووية. وبعد أن انسحب مؤخراً من الاتفاق النووي الإيراني لأنّه كان «اتفاقاً سيّئاً ومن طرف واحد»، توقّع ترامب أنّه يمكن أن يحصل على اتفاق أفضل من كوريا الشمالية.

وقال بعض المحلّلين إنّه من المستبعد أيضاً أن ترضى كوريا الشمالية بإعلانات غامضة. من المرجّح أن يطالب الرئيس كيم بضمانة واضحة تنصّ على أنّ الولايات المتّحدة لن تهاجمها أبداً، فضلاً عن الإعفاء السريع من العقوبات الدولية.

وأشاد ترامب بتلك العقوبات لأنّها جلبت كيم إلى الطاولة. ولكن حتى لو حاول ترامب التمسّك بها، فهو ربّما قد خسر قوته على التأثير، بما أنّ كوريا الجنوبية، والأهم من ذلك، الصين قد أشارتا إلى أنّهما مستعدّتان لتخفيض الضغط على كوريا الشمالية، وذلك بحسب ما يراه المحلّلون.

وقال كريستوفر هيل، الذي تفاوض مع بيونغيانغ لعدّة سنوات خلال إدارة جورج بوش، إنّ كوريا الشماليّة «ستعتمد على حقيقة أنّها فتحت طريقاً مع الصينيين، وهم ليسوا في وضع مؤاتٍ تجاه ترامب الآن. هناك مشكلة في العلاقات الصينية – الأميركية، وسيسعى الكوريون الشماليون إلى استغلالها في الأشهر المقبلة».

ونظراً إلى ردّ فعل كوريا الشمالية السلبي الأسبوع الماضي على التدريبات العسكرية المشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، قد يستخدم كيم أيضاً المحادثات مع ترامب للدعوة إلى تخفيض عدد القوات الأميركية في كوريا الجنوبية. وقال المحلّلون إنّه سيكون من الخطأ التنازل عن ذلك فوراً.

وقالت كيلسي دافنبورت، مديرة سياسة منع الانتشار في «رابطة الحد من الأسلحة» في واشنطن: «إذا اقترح ترامب تخفيفاً ملحوظاً للعقوبات أو تراجعاً للقوات العسكرية الأميركية في المنطقة في وقت مبكر جدّاً خلال المحادثات، قد لا يكون لديه ما يكفي من النفوذ لتحفيز كوريا الشمالية على اتّخاذ خطوات في المستقبل لمواصلة تفكيك برنامجها النووي».