IMLebanon

قداس في الذكرى الاربعين لمجزرة اهدن

احيت زغرتا ومعها الشمال ولبنان الذكرى الاربعين لمجزرة اهدن التي سقط ضحيتها الوزير الشهيد طوني فرنجيه وزوجته فيرا وطفلته جيهان الى 28 من ابناء اهدن، بقداس احتفالي في باحة قصر الرئيس الراحل سليمان فرنجيه في اهدن.

شارك في القداس، الى رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه وزوجته السيدة ريما ونجلاه النائب طوني فرنجيه وباسل فرنجيه عائلة الرئيس الراحل سليمان فرنجيه.

كما شارك ممثل الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الوزير غطاس خوري، وزير الاشغال العامة يوسف فنيانوس، الوزيران السابقان روني عريجي ويوسف سعادة.

وحضر النواب جان عبيد، فايز غصن، اسطفان الدويهي وجهاد الصمد ، والنائبان السابقان كريم الراسي واميل لحود، الى اعضاء المكتب السياسي في المرده والكوادر.

كما شارك المهندس زياد المكاري، المحامي روي عيسى الخوري،الشيخ ملحم جبران طوق، رئيس اتحاد بلديات قضاء زغرتا زعني خير، رئيس بلدية زغرتا الدكتور سيزار باسيم، الى حشد من رؤساء الاتحادات البلدية والبلديات والمدراء العامين والفعاليات السياسية والتربوية والامنية وحشود من الاهالي من مختلف المناطق الشمالية.

المونسنيور فرنجية

ترأس الذبيحة الالهية المونسنيور إسطفان فرنجية الذي القى عظة جاء فيها:”أربعون سنة مرت على مجزرة إهدن وكأنها حدثت في الأمس القريب.

أربعون سنة لم تستطع أن تمحو منا ذكرى مجزرة أليمة طبعت تاريخنا والوجدان.

أربعون سنة نلتقي لنحيي ذكرى الشهداء طوني بك فرنجيه وزوجته فيرا وابنتهما جيهان وكوكبة من الشهداء الأبرار نلتقي لا لنكئ الجراح وقد خُتمت بالغفران والتسامح ولا لمكسب سياسي أو شعبي بل للصلاة وعلامة وفاء منا تجاه تضحياتهم ومحطة لأخذ العبر للقريب والبعيد وانتظارا للمصالحة المبنية على الحقيقة وعلى تنقية الذاكرة بكل جرأة وشجاعة”.

واضاف:”نلتقي في هذه السنة بعد الانتخابات النيابية التي تمت بسلام ومسؤولية وأفرزت مجلسا نيابيا جديدا، نسأل الله أن يلهم الفائزين ليكونوا نوابا صالحين يمثلون الشعب بصدق وجدية ويخدمون الوطن – الشهيد المعلق منذ عشرات السنوات على صليب النزاعات الداخلية والإقليمية والدولية.

وقد شهدنا في هذه الانتخابات شعارات رنانة تنهمر على رؤوسنا وتملأ الشوارع والأحياء وتدخل بيوتنا عبر شاشات التلفزة وسائر الوسائل الإعلامية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ولا يسعنا هنا إلا أن نذكر بصلاتنا المغفور له رجل الحكمة ورجل الوطن الرئيس سليمان فرنجيه حين وضع شعاره الشهير “وطني دائما على حق” أي أن مصلحة الوطن هي قبل أي مصلحة شخصية كانت أم جماعية. أطلق شعاره وعاشه بصدق ودفع ثمن خياراته العروبية والوطنية التي رأى فيها مصلحة الوطن دفع ثمنها حياة نجله طوني وعائلته وقافلة من الشهداء الأبرار الذين نحتفل اليوم بذكرى استشهادهم، ودفع ثمنها جهادا متواصلا وعملا دؤوبا وكفاحا رافقه حتى أيامه الأخيرة على هذه الأرض.

فمن السهل إطلاق الشعارات الرنانة وهي تجذب الجماهير ولكن الصعب هو عيش تلك الشعارات بصدق حتى النهاية وتطبيقها حتى ولو كانت تمس بمصلحتك الشخصية.

وهذا ما أدركه الشهيد طوني فرنجية الذي عبر عنه من خلال شعاره: “الأشخاص يزولون أما لبنان فهو باق”.

هذا هو نهج القادة الذين يعرفون أن يحبوا وطنهم وبني قومهم بصدق وتواضع ويدافعون عن مصالحهم حتى الشهادة ويلتزمون بشعاراتهم، هذا هو نهج الشهيد طوني فرنجية.

ولم يكن استشهاد الدم أول استشهاد له بل كانت حياته كلها تضحية، فعاش مع الناس في أصعب الظروف مدافعا عن أرضه وكرامة شعبه، عاش مع الناس الذين أحبهم وأحبوه ومشى معهم وأمامهم ولم يحسب موقعه كنائب ووزير وكأبن لرئيس البلاد غنيمة ووسيلة لتكديس الثروات وبناء الذات على حساب خزينة الدولة بل بقي هو هو، ذلك الرجل المتواضع البسيط الذي لم يغيره مال ولم تُغريه سلطة أو منصب.

رفض الشهيد طوني فرنجية التوطين والتقسيم والتعامل مع أعداء الوطن وتنفيذ مخططاتهم من أجل الوصول إلى السلطة، فكان صادقا في رفضه هذا ودافع عن قناعاته حتى الدم وقد قال يوما شعاره الشهير: “لن يمر التقسيم إلا على أجسادنا”. فاستطاعوا اغتيال جسده ولكنهم لم ولن يستطيعوا اغتيال وطن أراده الله رسالة، ووطنا للعيش المشترك، وطن التسامح وقبول الآخر. وهنا تكمن قوة لبنان وكل وطن عندما يقتنع الناس أن إلغاء الآخر بسبب غيرتك وحسدك لن يزيدك قوة بل يزيدك أوهاما وسيبقى حضور الآخر أكثر وزنا وأكثر قوة وسيبقى صوت الله الصارخ لقايين الذي غدر أخيه: “أين هابيل أخوك؟” فجاوبه قايين: “لا أعرف. أحارس أنا لأخي؟” فقال له الرب: “ماذا فعلت؟ دم أخيك يصرخ إلي من الأرض”.

قوة لبنان هي أن تنتبه لأخيك قبل أن يموت أو يجوع أو أن يصاب نفسيا أو جسديا أو ماديا أو أن يهجر قسريا أو إراديا، قبل أن يفقد الثقة بنفسه وببلده.

قوة لبنان هي أن ترى كل لبناني أخا لك بمعزل عن دينه وطائفته وانتمائه السياسي.

قوة لبنان هي في المحافظة على المال العام وضبط الهدر ووضع حد للفساد المستشري الذي يودي بالدولة وبمؤسساتها إلى الانهيار وسيتحقق إذا تواصل ما لم يستطع أن يحققه العدو المتربص بلبنان وبالمنطقة.

إن الأنانية الشخصية أو الجماعية هي وهم وهي أصل كل الشرور. وهي تقتل أصحابها عاجلا أم آجلا والشفاء منها صعب ولا دواء سوى النعمة والقناعة والتواضع والإيمان بالرب يسوع وبما علمه وخصوصا شريعة المحبة واستيعاب الآخر وقبوله كما هو والإمساك بيده، لأن قوتنا من قوة بعضنا البعض في الحق والعدالة واحترام إرادة ومصالح الناس لا اللعب على عواطفهم وغرائزهم.

قوة لبنان في الحفاظ على شبابه وشاباته وفتح مجالات العمل أمامهم لبناء عائلاتهم ومن خلالها بناء وطن يليق بهم وبأبنائهم.

قوة لبنان بصدق قادته وثباتهم على مواقفهم والتمسك بمصلحة لبنان قبل أي مصلحة. وهذا ما لمسناه وما نلمسه ولمسه ويلمسه اللبنانيون بنجل الشهيد صاحب المعالي الوزير سليمان فرنجية رئيس تيار المرده الذي كسب ثقة الصديق والحليف بصدقه وثباته وغفرانه وطيبة قلبه كما كسب احترام الخصم في السياسة وعرف أن يتواصل مع الصديق والخصم بكل احترام ومحبة وهو في قيادته أمين على ما تسلمه من إرث سياسي وقاعدة شعبية في الشمال وعلى مستوى الوطن.

وقد أفرح قلوبنا وقلوب اللبنانيين ما سمعناه ورأيناه من نجله الشاب النائب الواعد طوني خلال الحملة الانتخابية وبعدها. وقد أظهر الرصانة والمرونة والرؤية والنخوة والحكمة والفطنة والاحترام وتقدير قيمة التواصل البناء مع الجميع. إننا إذ نهنئه ونهنئ النائب إسطفان الدويهي والنائب ميشال معوض الذين فازوا بمقاعد زغرتا الثلاثة ونشد على أياديهم سائلينهم التعاون والتواصل في ما بينهم ومع القوى السياسية التي لم تفز ولها حضورها الشعبي الوازن في سبيل خدمة زغرتا ومنطقتها وخدمة الشمال ولبنان . اننا نهنئ كل النواب الحاضرين وخاصة نواب التكتل الوطني ونصلي من اجلهم ليكونوا الصورة الحقيقية للبنان الواحد الحر والموحد.

وفي هذه المناسبة ، نسأل الله ان يمن بالصحة والنعمة على صاحب هذه الدار ، الرمز الجامع والحاضن اعني به الاستاذ روبير بك فرنجيه المشارك معنا بهذه الذبيحة، كما اننا نشكر الله على نعمة الحياة التي لا تزال تتدفق في عيالنا فنهنئ صاحب المعالي الوزير سليمان فرنجيه ونجله باسل وعائلتهما بولادة الطفلة الجديدة ونصلي من اجلها.

رحم الله الشهيد طوني بك فرنجيه وزوجته فيرا وابنتهما جيهان والشهداء الأبرار وثبت خطاكم جميعا في طريق الحق والسلام بشفاعة العذراء مريم سيدة الحصن لتحافظوا على لبنان وطنا لأبنائه وبناته يعيشون فيه بأخوة صادقة واحترام ونكون جميعا بناة السلام والمحبة واضعين في أذهاننا كلام الرب يسوع: “طوبى لفاعلي السلام، فإنهم أبناء الله يدعون”.

واثر القداس تقبلت العائلة التعازي من الشخصيات والحشود التي امت قصر اهدن للمناسبة.