IMLebanon

الراعي شارك في الصلاة على نية السلام في الشرق الأوسط في إيطاليا

شارك البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، إلى جانب رؤساء الكنائس الشرقية، في الصلاة المسكونية على نية السلام ووقف الحروب والعنف في منطقة الشرق الأوسط، بدعوة من البابا فرنسيس، على الواجهة البحرية لمدينة باري الإيطالية، التي اختارها البابا فرنسيس لموقعها الجغرافي المطل على الشرق الأوسط.

وأكد البابا “أننا جئنا كحجاج إلى مدينة باري، وهي نافذة مشرعة صوب الشرق القريب، ونحن نحمل في قلبنا كنائسنا، وشعوبنا والأشخاص العديدة التي تعيش أوضاعُا من المعاناة الكبيرة. ولهم نقول: “إننا قريبون منكم”. ولكن قد تركزت فوق هذه المنطقة الرائعة، ولاسيما في السنين الأخيرة، غيمة ظلام كثيفة: حرب، وعنف، وخراب، واحتلالات وأشكال من الأصولية، والهجرة القسرية والهجر، وكل هذا أمام صمت الكثيرين وتواطؤ العديدين. وقد أصبح الشرق الأوسط أرض أشخاص تترك أرضها. وهناك خطر إلغاء وجود إخوتنا وأخواتنا بالإيمان، فيتشوه وجه المنطقة بالذات، لأن الشرق الأوسط من دون المسيحيين لا يكون الشرق الأوسط”.

واعتبر البابا أن “اللامبالاة تقتل، ونحن نريد أن نكون أصواتًا تعارض جرائم اللامبالاة. نريد أن نكون صوت من لا صوت له، ومن يستطيع فقط أن يخفي دموعه، لأن الشرق الأوسط اليوم يبكي، يتألم اليوم ويصمت، فيما آخرون يدوسونه بحثا عن السلطة والغنى”.

وبعد ذلك، توجه البابا مع رؤساء الكنائس إلى كاتدرائية القديس نقولا، حيث عقدت خلوة دامت لأكثر من ساعتين ونصف الساعة عرض فيها البطاركة الأوضاع في الشرق الأوسط والحلول الممكنة لها. وكان تشديد في مداخلة للبطريرك الراعي على ضرورة عودة النازحين واللاجئين إلى أرضهم بكرامة، وعلى وجوب الفصل بين الأزمة السياسية في سوريا وبين هذه العودة.

وأشار البابا إلى “أننا تبادلنا المساعدة لإعادة اكتشاف وجودنا المسيحي في الشرق الأوسط”، لافتًا إلى “خطر تعرض الكنائس أيضًا إلى تجربة منطق العالم، منطق القوة والربح، وأيضًا إلى خطيئة عدم تماشي الحياة مع الإيمان التي تعتم الشهادة”. وتوقف عند “إيمان الأشخاص البسطاء المتجذر في الشرق الأوسط كينبوع نستقي منه لسد عطشنا ولنتطهر، مثل ما يحدث عندما نعود إلى الأصول متوجهين كحجاج إلى القدس، الأرض المقدسة، أو إلى المزارات في مصر والأردن، لبنان وسوريا وتركيا والأماكن المقدسة الأخرى في المنطقة”.

وأكد البابا أن السلام “يجب إنماؤه حتى على أرض يبستها المواجهات، لأنه ما من بديل عن السلام والذي لا يتم بلوغه بهدنة تضمنها الجدران أو إظهار القوة، بل بالرغبة الفعلية في الإصغاء والحوار”، مضيفًا “أننا ملتزمون بالسير والصلاة والعمل، ونتضرع كي يسود فن اللقاء على استراتيجيات الصدام، وأن تحل محل علامات التهديد والسلطة علامات الرجاء، أي الأشخاص الذين لا يخشون تبادل الحديث وقبول منطق الآخر والاهتمام المتبادل”.

وطلب البابا من أصحاب السلطة “أن يضعوا أنفسهم في خدمة السلام، لا مصالحهم الخاصة. كفى إذن لمكاسب قليلين على حساب الكثيرين، ولاحتلال الأراضي الذي يمزق الشعوب، كفى لسيادة حقيقة البعض على آمال الأشخاص، كفى لاستغلال الشرق الأوسط من أجل مكاسب غريبة عن الشرق الأوسط”.

وتوقف بعد ذلك عند الحرب باعتبارها “الآفة التي تصيب بشكل مأسوي منطقة الشرق الأوسط الحبيبة”، مذكرا بـ”أن الفقراء في المقام الأول هم ضحاياها”.

ووصف البابا الحرب في سوريا بأنها “نتاج السلطة والفقر، والتي يمكن هزيمتها بالتخلي عن منطق الهيمنة وبالقضاء على الفقر”، مشيرًا إلى “أن حروبًا عديدة غذّتها أشكال من الأصولية والتعصب تتموه بذرائع دينية، بينما هي بالأحرى تجديف باسم الله الذي هو السلام، واضطهاد للأخ الذي كان يعيش دائمًا بالقرب. هذا ولا يمكن تجاهل دور الأسلحة في تغذية العنف”. وحذر من “تحويل الشرق، أرض الكلمة السلام، إلى أرض صمت مظلمة”.

وشدد الباب على أنه “يجب الحفاظ على هوية القدس ودعوتها، بعيدًا عن أي خلاف وتوتر، ويجب احترام الوضع القائم للمدينة المقدسة الذي حدده المجتمع الدولي وتطالب به بشكل متكرر الجماعة المسيحية في الأرض المقدسة”، مؤكدًا “أن فقط حلًا تفاوضيًا بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بدعم من المجتمع الدولي، هو القادر على بلوغ سلام ثابت ودائم وضمان وجود دولتين لشعبين”.