IMLebanon

التأليف لم يغادر بعد “مربّع الفشل”!

كشفت صحيفة «الجمهورية» انّ الرئيس المكلف سعد الحريري حمل الى الرئيس ميشال عون صيغة مُنقّحة للحصص الوزارية بعيدة عن السقوف العالية التي رفعهتا الأطراف، والتي تشكّل في أساسها العقدتان الدرزية وحصة القوات اللبنانية، ومن دون أن تطال الصيَغ السابقة التي قدّمها الحريري عن التمثيل السني.

وبحسب المعلومات فإنّ الجو بين الرئيسين كان ايجابياً، وانّ عون اقترح تعديلات محدودة على الصيغة المقترحة من الحريري طالت التمثيل الدرزي، فيما أشارت مصادر المعلومات الى انّ مسألة تمثيل «القوات» ليس صعباً توفير مخرج لها. علماً انّ المخرج المقترح يقوم على إعطائها 4 حقائب وزارية. وفي خلاصة النقاش اتفق على تكثيف الاتصالات، على ان يعود الحريري في زيارة قريبة الى القصر الجمهوري ربما قبل نهاية الأسبوع الجاري، إذا ما انتهت اتصالاته التي تعهّد بها الى أجواء إيجابية.

وقالت مصادر مطّلعة على ما يجري داخل مطبخ التأليف، لـ«الجمهورية»: «حتى الآن لا يمكن القول إنه تمّ بناء الارضية الصالحة لإشادة المبنى الحكومي عليها، فالتأليف ما زال في مرحلة البدايات، ولم يغادر بعد مربّع الفشل الذي يراوح فيه منذ ان شغّل الحريري محركاته قبل أسابيع.

وبحسب المصادر، فإنّ هذه الجرعة التفاؤلية الحريرية استندت الى رغبة الرئيس المكلّف المُعلنة بتفعيل حركة مشاوراته، وأراد من خلالها الحريري ان يوجّه رسالة الى من يتهمون بالمماطلة وتضييع الوقت يؤكد فيها انّ حجر الاساس قد تمّ وضعه لبناء حكومته، وذلك لدحض الكلام الذي يتسرّب من مصادر مختلفة من انّ حركته لم تؤدّ الى تقدم يذكر. وهنا بيت القصيد، الّا انها لم تستند الى وقائع ملموسة وايجابيات جدية تؤشّر الى رَدم تلال التعقيدات التي ما زالت ماثلة في طريق حكومته.

والبارز، في موازاة ما قيل عن انّ الحريري قدّم لرئيس الجمهورية امس، مسودة حكومية معدّلة عن سابقاتها لم يحسم التوافق عليها بعد، هو ما أشار اليه الحريري بوضوح حول استمرار هذه التعقيدات، وإن كان وَصَفها بالطفيفة، الّا انها تحتاج الى «شوَيّة وقت» على حد تعبيره.

واذا كان الحريري قد تَجنّب تحديد سقف زمني للـ«شويّة وقت» التي تحدّث عنها، الا انه يتحدث عن فترة، سواء أكانت طويلة او قصيرة، تبقى مفتوحة على احتمالات شتى، في ظل الوضع المعقّد على خط التأليف، والذي ازداد صعوبة في الآونة الاخيرة جرّاء ما وصفه مُطّلعون على ما يجري في مطبخ التأليف «اختلاط البُعد السياسي للتأليف بالبُعد الشخصي، وانّ كل طرف عَلّق نفسه في سقف شروطه ولم يعد في مقدوره النزول تحته، حيث باتَ الأمر يحتاج الى صديق حيادي، يتمتع بالمواصفات والقدرات التي تمكّنه من لعب دور الوسيط النزيه القادر على إقناع الاطراف بتخفيض أسقفهم والخروج من ساحة المعركة على الحصص والحقائب».

ويعكس هؤلاء المطلعون أجواء صعبة حتى ولو تأمّن الوسيط النزيه، تتمركز في اربع نقاط: الأولى، عقدة الثلث المعطّل الذي ما زال التيار الوطني الحر يصرّ عليه مدعوماً بموقف رئيس الجمهورية. الثانية، العقدة المسيحية التي صارت أقل صعوبة مع ليونة القوات اللبنانية في ما خَصّ حجمها التمثيلي والحقائب التي ستسند اليها، الّا انّ هذه الليونة لم يجرِ تلقّفها بعد من قبل التيار الوطني الحر. والنقطة الثالثة، العقدة السنية التي هي العقدة الأسهل، التي يمكن ان يجري حلّها بحوار ومقايضة ما، في ظل عدم استعداد ايّ طرف على الدخول في معركة حول هذا الأمر.

امّا العقدة الاصعب في طريق التأليف، فهي العقدة الدرزية. وسط إصرار شديد من قبل وليد جنبلاط على حصر التمثيل الدرزي بحزبه الاشتراكي، واستبعاد طلال ارسلان على اعتبار انّ الأخير يعبر الى التمثيل الدرزي على جسر الآخرين. ومن وحي هذا الاصرار جاء بيان اللقاء الديموقراطي أمس، حيث جدّد فيه الدعوة «للإسراع في عملية تأليف الحكومة، وعدم إضاعة الوقت خلف حجج ومبررات واهية»، مطالباً «بالترَفّع عن الخطاب الغرائزي واعتماد لغة العقل والمنطق والواقعية في مقاربة المطالب الوزارية وفق معيار واضح من أجل إنجاز عملية التأليف بعيداً عن منطق أو معادلات التعطيل وعن منطق الأكثرية والأقلية، وذلك من أجل التفرّغ لمواجهة القضايا الإقتصادية والإجتماعية التي تهمّ المواطن اللبناني».