IMLebanon

النموّ النفسي – الحرَكي عند أطفالنا ما بين السنتين والست سنوات

كتب د. أنطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”:

لا يقتصر دور الوالدين في البيت مع الأطفال على تأمين الحاجات الأوّلية من ملبس ومشرب ومأكل وحسب. بل يتعدّى دور الأهل تلك الحاجات الأساسية لكل طفل، فيكون دور الأم بارزاً وهو إحتضان أطفالها وإعطائهم العاطفة التي يتوق لها كل طفل. وللأب دور أيضاً وهو حماية أطفاله، فهو ليس فقط «خزينة» العائلة ومصدر السلطة. وهناك دور أساسي يتشارك به الأب والأم تجاه أولادهما وهو مراقبة «نموّهم» الجسدي والحركي والنفسي والإجتماعي. فما هي مفاتيح نموّ الأطفال؟ وكيف يمكن للأهل أن يواكبوا هذا التطوّر؟ وما هي أهم الملاحظات التربوية والنفسية للوالدين؟

عند عمر السنتين، تبدأ المهارات الحركية – النفسية بالظهور عند الأطفال. وحتى قبل هذا العمر، يستعمل الطفل جسده لاستكشاف العالم الخارجي وتُعتبر المهارات الحركية مهمّة جداً في حياته اليومية. ويجب على الأهل إكتشاف تلك المهارات الحركية والحركية – النفسية خلال مرحلة «النشاط الحركي المستمر» التي تمتد ما بين عمر السنتين حتى عمر الست سنوات.

النموّ النفسي – الحركي عند الأطفال
تمتاز فترة النمو الحركي والحركي النفسي عند الطفل بسرعة الإستجابة لكل المؤثرات الخارجية التي يقدّمها الوالدان للطفل. ويتطوّر عادةً النمو الحركي في السنة الثانية من عمر الطفل بشكل تصاعدي سريع. فيلاحظ الأهل أنّ في بداية النمو الحركي عند الطفل، تكون حركاته غير منسجمة أو غير متّزنة. ولكن مع مرور الوقت، يتعلّم الطفل كيفية إنسجام حركاته الجسدية حيث يستطيع السيطرة على عضلاته الكبيرة خاصة في السنة الثانية من عمره كما يتحكّم بعضلاته الصغيرة على حدٍّ سواء. فبفضل الأم وتشجيع الأب للطفل والتدريب المستمر على المشي أو التقاط الكرة أو أيّة حركة جسدية، يكتسب الطفل المهارات الحركية ويطورها. فالجري والقفز والتسلق وركوب الدراجة والحركات اليدوية كالحفر والكتابة والرمي والتمزيق… وغيرها من الحركات التي يستعمل فيها الطفل عضلاته الكبيرة والصغيرة تسمح له بالوصول إلى النضج العضلي والتحكّم بعضلاته الجسدية الكبيرة والصغيرة.

ولا يستعمل الطفل عضلاته الصغيرة بتحكّم وإتّزان قبل عمر الأربع سنوات، لذا نرى أنّ الأطفال ما قبل هذا العمر لا يستطيعون التحكّم بالكتابة وهذا ما يسمّيه علماء النفس «التعبير الحركي بالكتابة» الذي يمر بعدة مراحل متتالية ومتلاحقة للوصول إلى كتابة الحرف بشكل مستقيم، ومن ثمّ إنتقال مباشر من كتابة الكلمة حرفاً حرفاً إلى كتابتها بشكل كامل، وإتقان معناها وتقسيمها الصوتي. ومن المعروف أنّ كل تلك العمليات التعلّمية هي متصلة ببعضها البعض. ودور الأهل هو مراقبة إن كانت هناك «حلقة ضائعة» وغير ناضجة في سلسلة أطفالهم التعلمية، التي ستؤثر بشكل مباشر في عملية النمو المعرفي عند الطفل.

وعادة في هذه المرحلة العمرية أي حوالى الأربع سنوات، يختار الطفل تلقائياً اليد التي يريد أن يستعملها للكتابة. وغالباً ما يستعمل الطفل اليد اليمنى في حياته اليومية. أما بالنسبة للأطفال الذين يستعملون يدهم اليسرى، فيعود ذلك إلى سيطرة النصف الأيمن من المخ على «الحركات العضلية» للطفل.

تطوّر النموّ الحرَكي – النفسي عند الطفل
إنّ دور الوالدين أساسي في متابعة نمو طفلهم. وهذه بعض الملاحظات حول موضوع نمو الطفل النفسي-الحركي:

إبتداءً من عمر السنتين، يبدأ الطفل إستعمالَ عضلاته الكبيرة، فيستطيع أن يصعد أو ينزل عن السلم ويقف على رجل واحدة ويقفز. أمّا على صعيد الخط، فيمكنه أن يرسم خطاً أفقيّاً ويبني مجسّماً من ثمانية مكعبات.

وخلال عمر الثلاث سنوات، يستطيع الطفل أن يستخدم القلم بسهولة كما يستطيع أن يرسم دائرة. كما أنّه يستطيع خلال هذا العمر أن يجري بسرعة ويمشي على أطراف أصابعه ويبني مجسّماً من 10 مكعبات. وعندما يصبح الطفل في الرابعة من عمره، يبدأ بالرسم، يستطيع القفز وهو يجري، يرسم دائرة بشكل جيد كما يركب الدراجة بثلاث عجلات. أما في سن الخامسة والسادسة، فيتمكّن أكثر من إستعمال عضلاته الصغيرة، كعضلات أصابعه، لذا يستطيع الرسم بشكل جيد وأفضل من السنوات السابقة كما يستطيع رسم المثلث والمربّع وتبدأ صورة جسده بالتبلور في رأسه، لذا يبدأ الطفل ما بين عمر الخامسة والسادسة برسم «إنسان» بشكل بسيط جداً.

توجيهات تربوية للأهل
عوامل كثيرة تؤثر في النمو النفسي – الحركي عند الطفل ومن أهم هذه العوامل: الصحة الجسدية للطفل والعيوب الجسمية التي يمكن أن يعاني منها أيّ طفل كمشكلات في هيكله العظمي أو مشكلات عصبية-جسدية… يمكن أن تكون عائقاً للتقدّم النفسي – الحركي عنده. كما أنّ التأخّر العقلي والقدرات العقلية المحدودة، يُؤخّر بشكل ملحوظ النمو عند الطفل بشكل عام والنمو النفسي – الحركي بشكل خاص. إضافةً إلى الإنطوائية والخجل اللذين يحدّان من النشاط الحركي.

وللأهل أدوار أساسية في هذا المجال:

  • أوّلاً، تشجيع الطفل خلال لعبه وطبعاً اللعب معه ودعمه. كما يجب أن يفسّروا للطفل أهمّية النجاح والخسارة.
  • ثانياً، يجب أن لا يرهق الأهل طفلهم في نشاط حركي. كما يجب معرفة أهداف كل نشاط حركي مع الطفل.
  • ثالثاً، النشاطات الجسدية أساسية لنمو وتدريب العضلات الكبيرة عند الطفل.
  • رابعاً، تشجيع الطفل خلال الدراسة أو خلال نشاط فكري أو فنّي. أما في البيت، عندما تريد الأم تمضية بعض الوقت مع ولدها، فيجب أن تجعله يرسم على لوحات كبيرة بهدف تعويده على مسك القلم واستخدامه بشكل صحيح.
  • خامساً، عدم القلق إذا كان الطفل يستعمل اليد اليسرى. ولا يجب إجبار الطفل على الكتابة باليد اليمنى لأنّ ذلك سيؤدي إلى مشكلات على الصعيد الحركي – العصبي أي أنّ الطفل قد لا يستطيع التركيز على الكتابة ما سيؤثر على كلّ مواده التعلمية في المدرسة.
  • سادساً، شراء للأطفال الألعاب المناسبة لعمرهم التي تساعد في تنمية الحركات النفسية – الجسدية عندهم.