IMLebanon

إتصالات التأليف: إيجابيّات شكليّة وإفراط في التّفاؤل!

اعتبرت صحيفة “الجمهورية” ان صورة تأليف الحكومة توحي من حيث الشكل بإيجابية وجدية وقرار من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري بتفعيل حركة اتصالاته وتوسيع دائرتها في الاتجاه الذي يخدم توليد الحكومة، قبل نهاية الشهر الجاري، وإن أمكن قبل عيد الاضحى. واما في المضمون، فإنّ هذه الصورة، وعلى الرغم من المناخ الايجابي الذي تُحاط به، لا تحمل ما يمكن اعتباره تقدماً نوعياً يبشّر بقرب الولادة الحكومية، خصوصاً انّ العقد المعطلة ما زالت هي هي، وعلى وجه التحديد عقدة تمثيل «القوات اللبنانية»، وعقدة التمثيل الدرزي اضافة الى ما تسمّى عقدة تمثيل سنّة المعارضة.

التقييم السياسي لحركة الحريري المستجدة على خط التأليف، تقاطع عند تلمّس جدية في هذه الحركة، الّا انها تبقى جدية شكلية ما لم تقترن بخطوات تنفيذية لها على الارض، خصوصاً انّ البلد عاش خلال الاسابيع الماضية، ولأكثر من مرة، مناخات تأليف مماثلة، سرعان ما تبيّن ان مجرّد فقاعات إعلامية وأبقت التأليف في مدار التشاؤم.

وهذا معناه في رأي مصادر سياسية معنية مباشرة بملف التأليف انّ الافراط في التفاؤل في هذه الفترة قد لا يكون في محله ابداً، بل انّ التجربة من نوبات التفاؤل السابقة، توجِب حالياً مقاربة المناخ الحالي بحذر، ليس على قاعدة تفاءلوا بالخير تجدوه، بل تفاءلوا بالخير عندما تجدونه. أي عندما يتبيّن بالملموس انّ العقد قد حُلّت جميعها.

على انّ ما يدفع المصادر نفسها الى المزيد من الحذر، هو ان لا نتائج ملموسة حتى الآن. وعدم بلوغ هذه النتائج، يعزّز الخشية من انّ مقاربة بعض القوى السياسية تؤشّر الى انّ ملف التأليف مضبوط على إيقاع تطورات خارجية، ما يعني انّ إنضاج الطبخة الحكومية لم يحن موعده بعد.

وتلحظ المعلومات المحيطة بحركة الحريري الارتياح الكامل الذي يبديه الرئيس المكلف حيال جولة المشاورات الجديدة. واللافت انّ الحريري يحيط اتصالاته بكتمان شديد باعتباره الوصفة الملائمة لحماية ما هو مطروح من صيَغ لعلّها تقرّب المسافات نحو توافق يؤدي الى ولادة الحكومة، مع الاقرار بأنّ الوصول الى مرحلة متقدمة يحتاج الى اتصالات مكثفة لبلورة تفاهمات لم تنجز بعد.

وتشير المعلومات الى أنّ الحريري يستعد لتوسيع دائرة اتصالاته لتشمل أوسع مروحة من القيادات السياسية والحزبية المعنية بسلسلة العقد الحكومية بعد عطلة نهاية الأسبوع، وستشمل مبدئياً قادة ومسؤولي «تيار المردة» وحزب «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الإشتراكي».

الاجواء التي لمسها زوّار بيت الوسط، تعكس «انّ الإستعدادات والنوايا متوافرة لمزيد من المشاورات. فالأمور لم تستوِ بعد بالصيغة التي يمكن ان تؤدي الى تحقيق شيء متقدّم على مستوى فَكفكة العقد التي ما زالت قائمة»، وبحسب هذه الاجواء انّ الحريري بصدد إعداد صيغة حكومية متطورة عن كل ما سبقها».

وبحسب المعلومات، فإنّ التركيز في اليومين الماضيين انحصر بأمور ثلاثة: الاول هو إعادة ضَخ الحياة في التسوية السياسية بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» التي أنتجت العهد الحالي، والامر الثاني حصة التيار وفريق رئيس الجمهورية في الحكومة، والتي لم يطرأ عليها اي تعديل، في حين جرى ضَخّ معلومات غير مؤكدة عن موافقة رئيس التيار الوزير جبران باسيل على ان تكون حصة التيار مع حصة رئيس الجمهورية 10 وزراء، إذ انّ هذا التنازل يعدّ تنازلاً من قبل التيار، ومعلوم انّ التيار ما اعتاد ان يتنازل من طرف واحد.

وامّا الامر الثالث، فإنّ الجهد تَركّز على مقاربة عقدة تمثيل «القوات»، من دون ان يصل البحث الى مقاربة عقدة التمثيل الدرزي، التي يبدو انه سيكون لرئيس المجلس النيابي نبيه بري دور مساعد في حلحلتها، وتدوير زواياها. وترددت معلومات في هذا السياق عن لقاء وشيك بين بري ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وكذلك بين الحريري وجنبلاط.

يأتي ذلك في وقت بقي التواصل مستمراً بين بري والحريري، سواء هاتفياً، او عبر الوزير علي حسن خليل، الذي زار بيت الوسط موفداً من بري، وخرج بتصريح مقتضَب أشار فيه الى ما سمّاه «حراكاً جدياً»، من دون ان يشير الى نتائج ايجابية، مُكتفياً بالاعراب عن الامل في إحراز تقدم.

ووصفت مصادر «بيت الوسط» زيارة الوزير خليل بأنها كانت بهدف الإطلاع على نتائج اللقاء الذي عقد ليل امس الاول بين الحريري وباسيل، باعتباره يشكّل محطة أساسية في مسار جديد انطلق من زيارة الرئيس الحريري الى عين التينة وله خريطة طريق واضحة.

وبحسب مصادر قصر بعبدا فإنّ الرئيس ينظر بارتياح لهذه الحيوية التي بدأت تظهر، وخلاصة الجو هنا مراقبة التطورات، على امل ان يتبلور شيء ملموس في الايام المقبلة، حيث يفترض في ضوء ذلك ان يقدّم الرئيس المكلّف صيغة حكومية لرئيس الجمهورية، ويؤمل ان يتمّ ذلك الاسبوع المقبل».