IMLebanon

لقاء سيدة الجبل: لرفع وصاية إيران عن القرار العسكري والسياسي

أكد “لقاء سيدة الجبل” “عمله لكي يصبح لبنان دولة مستقلة، أي دولة ذات سيادة خالية من أي وجود عسكري أجنبي على أراضيها ومن أي تدخل أجنبي في شؤونها خارج القرار الواضح والقانوني للسلطات الرسمية. القوات العسكرية الشرعية هي الوحيدة المخولة احتكار امتلاك السلاح واستعماله على الأراضي اللبنانية والدفاع عنها. الاستقلال هو الهدف الأول بالضرورة لأن من دونه لا ديموقراطية، ولا إصلاح، ولا تطور”.

وطلب اللقاء، في بيانه الختامي، “التطبيق الكامل لقرارات مجلس الأمن الدولي، لا سيما القرارات 1557، 1559، 1680 و1701 التي تطالب وتدعم سيادة لبنان السياسية والعسكرية الشرعية على كل أراضيه”.

وتابع: “إن المراقبة الفعالة لكل الحدود اللبنانية، من دون استثناء، من قبل القوات الدولية بالتزامن مع الحماية الفعلية لتلك الحدود من قبل القوات العسكرية الشرعية وحدها هو المدخل الأساسي لكي يبدأ لبنان حقبة تاريخية جديدة من الاستقلال الفعلي والنمو الاقتصادي”.

وأضاف: “نريد لبنان دولة ديموقراطية، أي دولة تحترم حقوق الإنسان المعترف بها دوليا، وحيث يتم تداول السلطة وممارستها بشكل منتظم ووفق الدستور والقوانين ذات الصلة، ومبادئ حقوق الإنسان، عدا عن كونها من التزامات الدستور اللبناني في مقدمته، تتضمن حكما مبادئ الحرية الفردية والمساواة وخضوع كل السلطات للمساءلة والمحاسبة”.

وأشار إلى أن “الممارسة الديموقراطية في لبنان تضعف بشكل متزايد منذ سنوات عديدة من جراء غياب المساءلة والمحاسبة للسلطة التنفيذية وللمؤسسات العامة، وذلك من قبل المجلس النيابي والسلطة القضائية والمؤسسات الرقابية. النظام الديموقراطي الفعلي هدف ثمين لأنه يوفر قاعدة صلبة لاستقرار وازدهار بلد صغير وطائفي التركيبة والهوى كلبنان”.

وشدد على أن “نريد لبنان دولة مدنية لكل أبنائها، بمعنى أن تصبح الهوية الجامعة لكل اللبنانيين هوية مدنية تتعدى هوياتهم الدينية وتقوم على قوانين تسنها مجالسهم التشريعية وتطبق على كل اللبنانيين، ومنها قوانين الأحوال الشخصية. عندها فقط تتكون تدريجا المواطنة لدى الفرد اللبناني من خلال العيش المشترك في مجتمع ينظمه قانون موحد للجميع، بدلا من العيش كأفراد في جماعات طائفية يباعدهم الدين وتجمعهم المصالح الضيقة والمتقلبة. في مرحلة انتقالية، يطبق القانون المدني للأحوال الشخصية اختياريا من قبل المواطن”.

ولفت إلى أن “الدولة المدنية هي الخيار الواقعي والأمثل للبنان. فتاريخنا يدل ليس إلى هشاشة الدولة الطائفية فحسب بل إلى قابلية اللبناني للعيش ضمن نظام مدني. إن النظام السياسي المدني هو الحل الطبيعي الأكثر ملاءمة وديمومة لمجتمع متعدد الطوائف والمذاهب، وخيار الدولة الديموقراطية المدنية هو خيارنا الوحيد إذا أردنا لبنان أن يستمر حرا ومستقرا”.

وقال: “إن السقوط السياسي يصاحبه دوما سقوط اقتصادي. وينظر اللقاء بقلق شديد إلى الوضع الاقتصادي والمالي السيء الذي تزداد وتيرة تدهوره بشكل مضطرد، في حين أن السلطة منهمكة بالمحاصصات السياسية ومنافعها وكأن هذا الواقع المتردي يحدث في عالم آخر”.

ودعا اللقاء إلى “عملية إنقاذ سريعة تقتصر أقله ضبط النفقات غير المجدية، وبالأخص التوظيف العشوائي والتحويلات العديدة المشبوهة، والالتزام الفعلي والصارم بخفض العجز المالي بشكل ملموس لبضعة سنوات متتالية وبدءا بموازنة عام 2019. أما عملية إصلاح الاقتصاد وتطوره على المدى الطويل فمن المستحيل إنجازهما بغياب الاستقلال والديموقرطية الفعليين”.

وختم: “لبنان يعيش أزمة سياسية واقتصادية تكبر يوميا وقد تصبح أزمة وجودية. فلكل هذه الأسباب قررنا التحرك من أجل: رفع وصاية إيران عن القرار العسكري والسياسي والوطني اللبناني، تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، والالتزام بالمبادرة العربية للسلام – بيروت 2002، رفع وصاية الطوائف عن عملية بناء الدولة، والالتزام بالدستور، إحياء القضاء المستقل الفاعل، وتطبيق القوانين لا سيما تلك المتعلقة بمراقبة ومحاسبة جميع إدارات الدولة ومؤسساتها.

بدوره، تلا رئيس “لقاء سيدة الجبل” النائب السابق فارس سعيد، التقرير السنوي لخلوة “سيدة الجبل الثالثة عشرة”، وركز في مداخلته على “الخطاب المسيحي في إطاره الوطني اللبناني، وفي بعده المشرقي – العربي”، فضلا عن “علاقته بالقيم الإنجيلية التي ينبغي على كل مسيحي أن يشهد لإيمانه بها”.

وقال: “في كلامي على الخطاب المسيحي – أو خطاب المسيحيين اللبنانيين – إنما أعني الخطاب المعبر عن خيارات استراتيجية، قائمة على ثوابت وطنية وعقيدية، لا عن مواقف ظرفية تخدم مصالح سياسية، هي غالبا فئوية أو شخصية، وتستند إلى موازين قوى متحركة ومتغيرة على الدوام، حتى بتنا ننام على شيء ونصبح على شيء آخر. وفي حال غياب الرؤية الاستراتيجية لدى أصحاب المواقف هذه، فضلا عن تغييب المبادئ عمليا مع استمرار الصراخ بها شفهيا، فإنهم غالبا ما يبنون نهائيات سياسية على أحوال عابرة، ويفصلون ثوبا واحدا لكل الجماعة المسيحية على قياس قامتهم الافتراضية! وهذا مما يجعل الرهان الخاطئ في منزلة الخطيئة، عند انكشاف بعض الحقائق الموضوعية، أو تغير الحال”.

وأضاف: “من الأمثلة على ذلك: انكشاف خطأ الرهان على ثنائية مسيحية، تشبها بثنائية الشيعية السياسية. إذ تبين أن هذا الرهان لم يؤد إلى تعزيز الحيثية المسيحية، بمقدار ما ألحق الموقف المسيحي جملة بموقف الثنائية الشيعية، المشدود بدوره إلى حسابات فوق لبنانية، إن لم نقل غير لبنانية. ولعل تصريح رئيس الجمهورية الأخير إلى “الفيغارو” الفرنسية، وفي غياب أية معارضة مسيحية له، يعبر بوضوح عن هذه الإشكالية”.

وتابع: “إن أخطر ما يترتب على التمادي في هذا السلوك، هو أنه يوقع الجماعة المسيحية، أو الرأي العام المسيحي في حالة من الضياع والبلبلة، بسبب تغييب البوصلة الأخلاقية في حياتهم العامة، ولا سيما في ميدان السياسة الوطنية. هذه البلبلة ناجمة عن خطاب يدعوهم إلى الشيء ونقيضه في الوقت نفسه”.