IMLebanon

هكذا تبدّل المناخ والمزاج و”كل شيء” حكومياً!

كتبت صحيفة “اللواء”:

نام الرئيس سعد الحريري ليل الأربعاء – الخميس قرير العين ان حكومته اكتملت صورتها في الشكل والمضمون، وان الأطراف المعنية: رئيس الجمهورية، رئيس المجلس، وليد جنبلاط، حزب الله، اعطو كلمة «نعم» للشكل والصورة. فعندما جاء ليلاً ملحم رياشي، وهو وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، الذي سطع نجمه، في «تفاهم معراب»، الذي أبرم مع «التيار الوطني الحر» أو ما عرف «بالمصالحة المسيحية» بين طرفي حرب الإلغاء. وهذان الطرفان في الروح والجسد، حزب القوات اللبنانية، بزعامة سمير جعجع، والتيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشال عون.. عندما جاء رياشي «غاضباً» أو حانقاً بعض الشيء على جبران باسيل، الوزير، ورئيس التيار الشرعي والفعلي اليوم، إلى بيت الوسط، أبلغه صراحة ان وزارة العدل، من حصة «القوات» فضلاً عن وزارتي الثقافة (لرياشي) والإعلام (لشخصية قواتية)، إضافة إلى نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير دولة تسند  إليه شؤون المرأة (رشحت لها «القوات» امرأة).

ابتعد الحذر عن الرئيس المكلف، الحريري، لكن بعضاً منه، حمله رياشي إلى «معراب» وأبلغه إلى سيّد المقر المركزي لحزب «القوات» جعجع، كاشفا ان لا عقدة قواتية، بل توجد عقد من «القوات».. في إشارة إلى الموقف العوني من فريقه.. كانت عودة الرئيس نبيه برّي من جنيف ايذاناً ملموساً بأن الصورة التذكارية السبت أو الأحد، وان كل شيء على ما يرام.. من دون إقامة حساب، الى ان فضاء التأليف قد يصاب بإبر إقليمية – دولية.

لكن ما الذي حدث؟

في اليوم التالي طلب باسيل موعداً عاجلاً من الحريري.. وصل إلى بيت الوسط (الجمعة) أبلغ الرئيس المكلف ان «شيئاً ما» حدث، وقضى بأن يقرّر الرئيس عون احتفاظه بوزارة العدل.

دع التكهنات جانباً: لا معلومات ساطعة حول ما حدث، جلّ ما في الأمر، ان الأجواء «تكهربت» بعد هذا التراجع.. الذي ترافق مع إطلالة السيّد حسن نصر الله يوم الجمعة (عصراً) ليتناول الملف الحكومي، من بين عدّة نقاط تناولها بالكلمة التي جاءت في اليوبيل الفضي للمؤسسة التعليمية التي يشرف عليها حزب الله..

ما جاء في خطبة السيّد نصر الله: ان التفاؤل جدّي، لكن النصيحة (التي كانت بالأمس القريب بجمل) والرجل لا يطلب شيئاً لا جملاً ولا غيره (أليس الثنائي الشيعي قدم وسهل وتواضع).. مفادها: بلاش تحديد مواعيد.. الأيام وحدها تحدّد المواعيد.

دخول حزب الله على هذا النحو، لا يحمل أية مفاجأة، لكنه دخول وليس تدخلاً، لا يجوز لمراقب ان ينظر إليه، نظرة سذاجة أو بساطة، ربما يكون وراء الأكمة ما وراءها! هل ثمة مطالب جديدة: 1 – الخميس ليلاً، تمسك سليمان فرنجية زعيم تيّار «المردة» بحقيبة الاشغال، وبأن يبقى على رأسها يوسف فنيانوس، وانتقد العهد بقوة..

2 – الجمعة ليلاً، فيصل كرامي، وهو نائب عن طرابلس، من ضمن مجموعة التسعة أو العشرة من حلفاء حزب الله السنّة في المجلس النيابي، يُؤكّد ان لا حكومة بلا تمثيل المجموعة، وانه يثق بالحلفاء، يعني انه يثق بحزب الله.. الذي تضمنت الصيغة العتيدة، بالشكل والمضمون اعطائه وزارة الصحة، خلافاً للرغبة الدولية – هذا اذا كان للاعتراض الدولي من صحة، اصلاً؟!

كرت سبحة التشاؤم.. تبدَّل المناخ، تبدل المزاج، تبدل كل شيء.. فما المانع من تمثيل الكتائب مكان «القوات» ولِمَ لا يستبعد هذا الحزب، الآخذ بالنمو والتفوق على التيار الوطني الحر على أرض المسيحية المشرقية، من كسروان وجبيل إلى كل المناطق، بما في ذلك الجبل والجنوب والبقاع والشمال، والتي كانت محظورة في وقت من الأوقات على «القوات» والكتائب وأحزاب الجبهة اللبنانية..

وبدل ان يتصاعد الدخان الأبيض من بعبدا، اجتمع جعجع مع الحريري في بيت الوسط: البحث تناول الحكومة، تبدل الموقف، الرهانات، ابعاد «القوات» أم الرئيس المكلف نفسه عن المسرح.. الرئيس المكلف، بدأ يشعر ان الانقلاب على تسوية الأربعاء، بعدما وصل ليله بنهاره بحثاً عن تدوير الزوايا، مسألة جدية.. ثمة أسئلة هل دخل حزب الله على الخط بقوة، في اللحظة الحاسمة، لابعاد «القوات» عن العدل.. وما المرجّح الذي جعل الرئيس (الرئيس عون) يعتبر ان مسيرة مكافحة الفساد، تحتاج لأن يكون وزير العدل من حصته ايضا إلى جانب الدفاع والخارجية والطاقة، وكل الوزارات الحيوية؟!

هل لتبدّل المشهد علاقة بتفاقم قضية مقتل جمال الخاشقجي، في قنصلية بلاده في اسطنبول، والمأزق الدولي – الأوروبي الذي نشأ بعد ذلك، وهي تواجه هذا الموقف على هذا النحو، ربما للمرة الأولى.

من الأسئلة ايضاً: هل ثمة دور لسوريا، التي عوّم رئيسها، في ضوء الحرب الميدانية، وإعلان فلادمير بوتين (الرئيس الروسي) ان بلاده حررت 95٪، ومنعت إسقاط النظام، من صلة بترتيبات لبنانية، في المرحلة الاقليمية التي تعاد عملية إعادة صياغتها من معبر نصيب جابر إلى القمة الروسية – التركية – الفرنسية – الألمانية حول التسوية السياسية وإعادة اعمار سوريا.

المسألة، قال قائل، في زمن تحولات من هذا النوع، لا يُمكن لسمير جعجع ان يبطح ميشال عون الرئيس والتيار، لا على أرضه ولا على أرض الحكومة.. وهنا مفتاح اللغز..