IMLebanon

إحتمالات “الضربة الإسرائيلية”

كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:

يبدو أنّ إسرائيل لم تلغِ حتى الآن خيار المواجهة مع “حزب الله” ولم تضعه على الرف، بمعنى آخر ليس هناك من اتّفاق هدنة يجبرها، او أي تفاهم يجعلها تضع خيار المواجهة على الرف، كتفاهم نيسان.

جاءت استقالة وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان من الحكومة، على خلفية الخلاف مع نتانياهو حول أفضلية طرح ملف “غزة أو لبنان”، فاختار “ليبرمان ” غزة ، مبرّراً لنتنياهو ضرورة إبقاء التركيز على غزة في الداخل ولحَسم قضية “حماس” وغَضّ النظر عن لبنان حالياً . لكنّ نتنياهو ذهب الى تسوية مع “حماس” في غزة، وفضّل التركيز على لبنان ليبدو أنّ قراره كان قد اتّخذ سلفاً.

وفق مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى، تجنّب القادة الاسرائيليون فتح جبهتين في غزة وفي لبنان، فقرروا التصويب على لبنان، وهذا ما يفسر استقالة ليبرمان.

المؤشرات الإستعدادية

في المقابل، تستبعد المصادر نفسها شن حرب على لبنان، لافتة الى أن التحريك الجزئي للقوى الاسرائيلية لا يبدو فاعلاً حتى اللحظة، “ولو اختارت اسرائيل الحرب لاستدعت الاحتياط اولاً”؟.

وسألت: “أين تجميع القوى؟ علماً أنّ قوام الجيش الإسرائيلي يرتكز على الاحتياط، الّا انّ اسرائيل اكتفت باستدعاء جزء صغير منه على الجبهة الشمالية، ولم تحشد الدبّابات والملّالات أو الجيوش البرية للتقدّم، واكتفت بإرسال وحدات مدفعية لتعزيز الحدود، فقط من باب الاحتياط اذا تطورت الامور”.

تجدر الاشارة الى أنّ قوات الاحتياط الإسرائيلية يبلغ عددها 454 الف عسكري، بينما القوات العاملة تحت امرة السلاح فيبلغ عددها 177 الف عسكري.

“مجلس حرب في بروكسيل”

وتكشف مصادر أوروبية لـ”الجمهورية” انه في 3 كانون الاول الجاري كان لافتاً هوية المشاركين في اجتماع نتنياهو ووزير الخارجية الاميركي مايكل بومبيو في بروكسيل، حيث انضمّ اليه رئيس الموساد الاسرائيلي ورئيس جهاز الامن القومي الاسرائيلي “سكرتير الدفاع العسكري”. هذه المجموعة التي يطلق عليها في القراءة السياسية إسم “مجلس حرب”، وتركّز الاجتماع على نشاطات ايران وخصوصاً في لبنان.

وتفيد المصادر انّ الامر الوحيد الذي يعزز ضربة عسكرية اسرائيلية محدودة على لبنان هو “الدعم غير المشروط” الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل وقراراتها، وهو الذي يدفع البعض الى ترجيح فرضية “الحرب الحاصلة من دون محالة”.

لكن في الوقائع الميدانية والقراءة العسكرية الدقيقة هناك 3 اسباب تمنع قيام تلك الحرب:

1 – ليس هناك من دولة تقرّر شن الحرب في الوقت الذي تنتهي مدة خدمة رئيس أركانها (وهو برتبة قائد جيش) بسبب بلوغه سن التقاعد، إذ انّ غادي ازينكوت، أي رئيس الاركان الاسرائيلي، سيتقاعد في نهاية الشهر، ومن غير المنطقي ان تشنّ إسرائيل حرباً في هذه الفترة.

ويقول المنطق العسكري انه اذا انتهت مدة خدمة قائد جيش خلال فترة المعركة، فمن الطبيعي ان يتم تمديد خدمته، الّا انّ اسرائيل عملياً ليست في خضَمّ المعركة مع لبنان لأنّها لم تبدأها، وليس من الطبيعي ان تقرر الضربة على لبنان في تاريخ انتهاء مدة خدمة قائد جيشها.!

2 – دقة المعركة في هذا الشهر. فعلى رغم أنّ اسرائيل تتفوّق استراتيبجياً بفضل سلاحها الجوي، إلّا أنّ الظروف الجوية لا تسمح لها اليوم بالتقدم وتَحُدّ من نسبة تفوّقها بمعدل 40 في المئة بسبب رداءة الطقس التي تعيق الطيران الحربي، وتؤثّر على قدرته وفعاليته. والأنسب للدولة العبرية تأجيل الضربة (في حال اتخاذ قرار بشنّها) الى شهر آذار، الى حين استقرار الظروف الجوية.

ماذا عن الضجيج المفتعل؟

وترى المصادر الديبلوماسية انّ اسرائيل اختارت في هذه المرحلة التضخيم الإعلامي لأنفاق “حزب الله”، فيما هي على علم بها منذ مدّة طويلة، للأسباب التالية:

– إنطلقت طائرة من إيران محمّلة بالأسلحة الى “حزب الله” وأرادت الهبوط في مطار دمشق، فاحتجّت اسرائيل وأبلغت روسيا بأنها ستستهدف هذا السلاح في مطار دمشق، لكنّ روسيا اعترضت ومنعت الأمر بحجّة انّ القصف الإسرائيلي لمطار دمشق “سيخلف بالمعادلة”. وأمام إصرار روسيا على الرفض وإصرار إسرائيل على الضربة، تدّعي اسرائيل انّ مسار الطائرة تحوّل الى مطار بيروت.

وتنقل المصادر عن اسرائيل انّ هذه الدفعة من الاسلحة الآتية من ايران الى بيروت هي الثانية خلال شهر ونصف، وترى أنّ ردة الفعل الاسرائيلية كانت بإثارة موضوع الأنفاق الى الواجهة، إذ ليس في مقدورها شَن معركة فورية داخل لبنان، مؤشراتها غير واضحة وأسبابها غير مكتملة.

وتضيف المصادر انّ إشاعة فرضية الحرب تناسب نتنياهو اليوم لأنها تصرف النظر عن حربه في الداخل الاسرائيلي، خصوصاً بعد فشل “ازينكوت” في حسم معركة غزة والذهاب الى اتفاق مع “حماس”، أي انه وضع الجيش الاسرائيلي على قدم المساواة مع “حماس”، الأمر الذي جعل القيادة الاسرائيلية تفكر مرتين في “قدرة ازينكوت” بعدما اتضح لها انه لا يصلح ليكون الشخصية العسكرية التي “تُربّحهم الحرب”.

لبنان خط أحمر؟

وتعتبر مصادر لبنانية رفيعة المستوى “انّ لبنان خط أحمر اميركي ودولي، وليست المعادلة الروسية والاسرائيلية هي المتحكّمة فقط بمعادلة “لبنان”، التي أفضَت حتى اليوم الى تحييده.

 

وفي السياق، وبعد عرض التلفزيون الإسرائيلي فيديو يُظهر عنصراً مدنياً يتجوّل في الأنفاق، شكّكت مصادر مقرّبة من “حزب الله” في صحته وفي هوية العنصر، متسائلة أين الحماية التي من المفترض أن تواكبه إذا كان تابعاً “للحزب”؟

إلّا أنّ الأمر لم يمنع اسرائيل من قرار الاحتجاج في الامم المتحدة والدفع الى التصويت بالموافقة على قرار العمل العسكري، مع الإشارة الى انّ الفيتو الفرنسي والروسي سيكونان بالمرصاد.

والمرجّح، حسب المعلومات، أنهما سيسقطان القرار عند التصويت في مجلس الامن، اما قرار “الضربة” على لبنان (اذا حصلت) فتقول المصادر انه سيكون منسّقاً فقط بين إسرائيل وأميركا من دون سواهما.

تجدر الاشارة الى أنّ اسرائيل ليست عضواً في الامم المتحدة بل لديها بعثة دائمة، وقد بلّغت شكواها بشكل رسمي الى مجلس الأمن لاستكمال التحقيق بشأن أنفاق “حزب الله”. وعليه، يُنتظر في ضوء تلك التطورات استشراف ما قد تخبّئه الأيام من تطورات.