IMLebanon

حوار ساخن في كواليس “الجاهليّة”

كتب عماد مرمل في “الجمهورية”:

لم تنتهِ مفاعيل حادثة الجاهلية بعد، خصوصاً على مستوى انعكاساتها القضائية والسياسية. ويبدو أنّ تداعياتها لم تهدّد فقط الاستقرار الداخلي والنسيج في الجبل، بل هي أرخت أيضاً بظلال ثقيلة على العلاقة بين بعض مكوّنات السلطة السياسية والقضاء والأمن، الى حد أنّه يمكن القول إنّ الجمر لا يزال كامناً تحت رماد الكواليس.

ولعلّ من أبرز المفارقات التي اختزنتها «حادثة الجاهلية» هي انّ العملية الأمنية – القضائية التي أُريد منها توجيه رسالة شديدة اللهجة الى الوزير السابق وئام وهاب تجاهلت «ممر» رئيس الجمهورية ميشال عون الذي فوجئ بمسارها، على رغم من انّ وزير العدل سليم جريصاتي حاول استدراك الموقف عبر «خط ساخن» مع المدّعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، من دون ان ينجح في ذلك، بعدما تكفّل الرئيس سعد الحريري بتأمين التغطية والحصانة السياسيتين للمهمة التي تولّى «فرع المعلومات» تنفيذها بإشراف المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، بناءً على إشارة حمود القضائية.

ويؤكّد مصدّر قريب من القصر الجمهوري، انّ عون، المعروف بتحسسه حيال أي تجاوز لدوره او لصلاحياته، لم «يهضم» ما حصل من قفز فوق موقعي رئاسة الجمهورية ووزير العدل في مسألة دقيقة تتصل بالانتظام القضائي والسلم الاهلي، وهو أبدى استياءه الشديد من الطريقة التي إتُبعت في ملاحقة وهّاب ومن الانعكاسات السلبية التي تركتها على هيبة الدولة، بحيث انّ هذه العملية أعطت مفعولاً عكسياً نتيجة الإرتجال والانفعال في تحضيرها وتنفيذها، كما يؤكّد المطلعون على موقف رئيس الجمهورية.

والأرجح، انّ ملابسات هذه القضية ساهمت في إضفاء مزيد من البرودة على علاقة عون – الحريري، ولو كانت هناك حكومة مُنجزة لكان «الرد الرئاسي» على مكامن الخلل في عملية الجاهلية قد أخذ منحى آخر، وصولاً الى محاسبة المعنيين بجوانب التقصير والقصور، على ما يقول أحد القريبين من عون.

ووفق المعلومات، فإنّ وزير العدل أبدى خلال اتصال هاتفي بينه وبين القاضي حمود، في يوم الواقعة الشهيرة، اعتراضه على إرسال قوة أمنية ضاربة الى الجاهلية لإحضار وهاب، منبهاً الى محاذير هذا الإجراء الذي سيبدو وكأنّه محاولة لي ذراع في السياسة.

وتوجّه الى حمود بما معناه: لماذا كلّفت «المعلومات» بمهمة ليست من شأنها ولا من اختصاصها؟ كان الأجدر ان تطلب من وهّاب الحضور الى المباحث الجنائية المركزية، وفق الاصول المتّبعة في مثل هذا الوضع، لا ان تكلّف قوة أمنية بجلبه الى «المعلومات».. قل للرئيس الحريري إنّ هذه القصة «ما بتركب»، خصوصاً انّ القضاء هو الذي سيدفع ثمنها من هالته ونزاهته، والدولة هي التي ستخسر من هيبتها وسمعتها».

طلب حمود استمهاله بعض الوقت ليفكّر في الأمر ويبني على الشيء مقتضاه، ففهم وزير العدل انّ المدّعي العام التمييزي يريد مراجعة رئيس الحكومة، ليتبيّن له لاحقاً أنّ القاضي حمود قرّر الاستمرار في تنسيق المهمة مع الحريري عبر «الخط العسكري»، بمعزل عن موقف الوزير المعني بالمسار القضائي للقضية.

ويؤكّد أحد أركان فريق عون، «أنّ رئيس الجمهورية بادر الى تأنيب المسؤولين القضائيين والأمنيين الذين كانوا معنيين بما جرى في الجاهلية». ونقل هذا الركن عن وزير العدل تأكيده في مجلس خاص أنّه «لو كان الوضع السياسي سوّياً والحكومة موجودة لطلب من حمود أن يستقيل او لبادر هو الى وضعه في التصرّف».