IMLebanon

نفوس “الحكماويين” تغلي… “يا فَرحة ما كِملت”

كتبت ناتالي اقليموس في “الجمهورية”:

تعددت الروايات، تنوعت الأسباب، والنتيجة واحدة: «تأجّلت الانتخابات». خبرٌ كالصاعقةِ هبط على معظم طلاب جامعة الحكمة بعد انتظارهم لأكثر من 10 سنوات عودة الانتخابات ومعها الحياة الديمقراطية. بصعوبةٍ حاولت الإدارة نهاية الأسبوع تهدئة الأمور وتبريد نفوس الشباب المشحونة، فتكثّفت اللقاءات والاتصالات، وانهمرت الوعود بأن يكون يوم «الاثنين 7 كانون الثاني 2019» الموعدَ البديل. أما مصالح الطلاب في الأحزاب فبدت «خليّة نحل» تتحرّك في كل الاتجاهات، علّ وعسى تنجح في تمرير الاستحقاق قبل نهاية العام الحالي. في هذا السياق كشف مصدر مسؤول لـ»الجمهورية» عن أنّ «اجتماعاً هاماً ستعقده الإدارة يوم الاثنين المقبل لمتابعة القضية».

«حِجّة ما بتقلي عِجّة»، «تِضحك ع غيرنا»، «حدا ضغط على الإدارة». هذه عيّنة من ردود الفعل التي لاقى بها معظم الطلاب التوضيح الذي صدر عن اللجنة المشرفة على انتخابات الهيئة الطالبية في جامعة الحكمة، ومفادُه «تأجيل الانتخابات من أمس الجمعة 14 كانون الأول إلى 7 كانون الثاني 2019 لأسباب تقنية ولوجستية»، علماً أنّ الإدارة كانت أعلنت عن الموعد الأول للانتخابات قبل شهر فقط. مدةٌ اعتبرها الطلاب قصيرة نسبياً لإعداد ماكيناتهم الانتخابية وإختيار مرشحيهم ومخاطبة ناخبيهم، رغم ذلك دخلوا بجدّية في سباق مع الوقت واستعدّوا للتحدي، إلى أن أتى القرار بإرجاء الاستحقاق، فعلَت صرخةُ الشباب: «الإدارة حرقتلنا جهودنا ومرشحينّا».

في الاساس كانت المعركة ستدور بين تحالفين: «القوات» و»الكتائب» و»الاشتراكي» معاً في وجه «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل»، على 19 مقعداً، تشكّل فيها كليّتا إدارة الأعمال والحقوق العصب على اعتبار أنهما الأكبر من حيث عدد المقاعد.

«الكتائب»

يصعب على رئيس دائرة الجامعات الخاصة في مصلحة طلاب «الكتائب» ميشال خوري وصفُ الخيبة التي تعتصرهم قائلاً: «كيف أصف الشباب الذين نذروا أنفسَهم في شهر على الإعداد لهذا الاستحقاق، بعضهم عجز عن متابعة صفّه، وآخرون لم يشاركوا في امتحاناتهم، ومنهم مَن تغيّب عن وظيفته، نظراً لأنّ المدة التي أعطتنا إياها الإدارة كانت جدّ قصيرة». ويتابع في حديث لـ»الجمهورية»: «المؤسف أنّ تقرّر الإدارة قبل 20 ساعة من الانتخابات تأجيلها، بسبب ضغوط واتصالات، ولأخطاء ارتكبتها، نأسف أن تُمدّد المهل وتُعيد فتح باب الترشيحات مجدّداً وذلك بسبب وجود طالب في السنة الأولى مرشح من قبل «التيار الوطني الحر» غيرَ مستوفٍ لشروط الترشيح، فاستدركت الإدارة الأمر بعدما أُقفل بابُ الترشيحات».

أكثر ما يحزّ في نفس خوري «أننا وحلفاءنا أمضينا نحو اسبوعين في اختيار مرشحينا المستوفين للشروط، وأبرزها أن يكون لدى المرشح عدد معيّن من الأرصدة المسجّل بها، علماً أنّ لدينا مرشحين أقوياء ولم نطرحهم إلتزاماً منا بالشروط التي وضعتها الإدارة». ويتابع والشكوك تساوره: «عن قصد أو جهل، ترشيح مَن لا يستوفي الشروط والتنبّه لأمره قبل ساعات على انطلاق المعركة، مسألة مشكوك بها». ويضيف: «اجتمعنا وشباب «القوات» مع رئيس الجامعة وطرحنا أفكاراً كثيرة لأننا مع إجراء الانتخابات في موعدها، ونقلنا رفضنا بإجراء إستحقاق على مقايس البعض ووفق ما يلائمه، لكن ما حدث «ما بيخرط بعقل أيّ بشري»، أن تُقفل أبوابُ الترشيحات ويُعاد فتحها، فهذا يعني خلط أوراق من جديد وحرق أسماء لمرشحين تعبوا وثابروا طوال شهر من دون نتيجة».

ومن بين الاقتراحات التي قُدمت لشباب «التيار الوطني الحر»، يقول خوري: «طرحُ بديل عن مرشحهم في السنة الأولى يستوفي الشروط، شرط أن نجري الانتخابات قبل الأعياد، من دون فتح أبواب الترشيحات ولا العودة إلى الصفر، ثمّ قدمنا الطرح هذا إلى الإدارة التي أكّدت موافقتها في حال قبول الأحزاب كلها بذلك». ويتابع: «إلّا أنّ مسؤولي «التيار» أبلغونا بأنهم يريدون العودة إلى رؤسائهم وتحديداً الى حين عودة الوزير جبران باسيل من السفر، وبعد عودته أبلغونا أنهم يرفضون التوقيع على إجراء الانتخابات قبل الأعياد وأنهم يفضلون يوم 7 كانون الثاني 2019»، ويردف قائلاً: «وهل بعد يمكن أن نُصدّق أنّ ما حصل عن غير قصد وليس بهدف التعطيل؟».

«التيار الوطني الحر»

من جهته يؤكّد مسؤول الجامعات الخاصة في قطاع الشباب في «التيار الوطني الحر» مارك خوري، «أننا كنا نفضّل لو التزمت الإدارة بالمهل التي حدّدتها، لكن وبسبب ثغرات في القانون وما حصل أخيراً بسحب ترشيح أحد الطلاب أُرجئ الاستحقاق». ويوضح في حديث لـ»الجمهورية»: «كان قد قُبل طلب ترشّح أحد شبابنا في السنة الأولى إدارة الأعمال، إلّا أنّ الإدارة تراجعت واعتبرت أنه لا يطابق الشروط، تحديداً ليس مسجّلاً بعدد من الأرصدة الكافية».

ويضيف: «قدّم هذا الطالب شكوى لإدارة الجامعة وذكر تفاصيل قبوله ورفض طلبه في اللحظات الأخيرة، ونحن كنا من الداعمين له على اعتبار تراجع الإدارة عن قبوله يشكّل ظلماً بحقه بعدما عمل لشهر على الإعداد لمعركته. إجتمعنا مع الإدارة وحاولت الدخول معنا في نقاش، فأكدنا أننا مع تطبيق القانون علماً أنّ الإدارة بنفسها لم تلتزم به ووقعت في أكثر من ثغرة». وتساءل مستغرِباً: «كيف بوسعنا طرح مرشح جديد في اللحظة الأخيرة من الاستحقاق؟ لذا اعترضنا على طرح بديل من دون التأنّي في خيارنا وإفساح المجال له لتنظيم معركته، لذا وجدت الإدارة أنّ الأنسب هو تأجيل الانتخابات إلى العام المقبل»، مؤكّداً تمسّك «شباب التيار برفض أيّ حلّ «ع حسابن».

وأسف خوري لـ»بروز أصابع اتّهام تجاه شباب التيار بأنهم يعرقلون»، مؤكّداً «أننا كنا صريحين وواضحين من أوّل الطريق، والقرار يعود لإدارة الجامعة التي حدّدت هي الموعد الجديد».

«القوات»

يُبدي رئيس دائرة الجامعات الفرنكوفونية في «القوات اللبنانية» منير طنجر استغرابَه من قرار الإدارة، قائلاً: «الأسباب التي ذكرتها الإدارة غيرُ مقنعة وليست واضحة أبداً، مع الاشارة إلى أنّ طلب الترشح الذي قدّمه الطالب في السنة الأولى إدارة أعمال لا يستوفي شروط الترشح لعدم تسجيله 12 رصيداً، قُبل طلبه، وبعدما أُقفل الباب رُفض الطلب. بدأت الضغوط تنهال على الإدارة، وبحسب ما تردّد فإنّ اتصالاتٍ سياسية خارجية وعلى مستوى وزراء قد جرت لتتراجع الإدارة عن موعد الاستحقاق».

ويضيف في حديثه لـ«الجمهورية»: قرارُ إدارة الجامعة كان مجحفاً في حقنا بعدما أمضينا نحو 4 أسابيع نحضّر للمعركة الطالبية وللبرامج الانتخابية». وأضاف: «من غير المنطق عرقلة انتخابات لأكثر من 3 آلاف طالب، وتأخيرها نحو 3 أسابيع بسبب مرشح واحد بصرف النظر عن الجهة التي ينتمي إليها، كيف بالإدارة أن تتراجع عن موعد حدّدته هي بنفسها»، لذا يحمّل طنجر «الإدارة مسؤولية ما يحدث ورضوخها لتدخّلات كبيرة، عوضاً عن السير بالمعركة بمَن هو جاهز إحتراماً لمواعيدها».

«أمل»

«نحن مع إجراء الانتخابات في الحكمة اليوم قبل الغد»، يؤكّد مسؤول مكتب الشباب والرياضة في حركة «أمل» الدكتور علي ياسين، موضحاً لـ»الجمهورية»: أنّ «الحركة هي في تحالف مع جميع الأحزاب في معركة إعادة جامعة الحكمة الى «مجموعة الجامعات المصدِّرة للثروة الديمقراطية».

فنحن ضد توصيف الانتخابات بمعركة بين أحزاب مختلفة. لذا نعارض أيّ تأخير للانتخابات لأنه يصبّ في فقدان الأمل في تجسيد التعايش وتقبل الآخر وإبعاد العناوين التقسيمية عن استحقاق يجب أن يكون عنوانُه مصلحة الطالب اولاً وهو يهدف إلى تعزيز التعاون في خدمة طلاب الحكمة».

ويأسف ياسين لتأخير الانتخابات، قائلاً: «نأسف لما حصل والأسباب هي انّ البعض يخوض الانتخابات تحت مظلّة المواجهة السياسية الحادة. رسالة حركة «أمل» الى جميع الأحزاب هي التعالي عن التفاصيل ولنضحّي جميعاً من أجل إجراء الانتخابات في الحكمة اليوم قبل الغد»، معتبراً «أنّ النصر الحقيقي لجميع الأحزاب هو النجاح في إعادة التجربة الديمقراطية وتعزيز مبدأ التعايش وتقبّل الآخر والتواصل بين الجميع».

ويشدّد ياسين على تمسّكهم بالانتخابات الطالبية، قائلاً: «لهذا الاستحقاق الذي انقطع لسنوات لونٌ خاص، ومخطئٌ مَن يفكّر أنّ نصرَه سيكون عبر حصد عدد معيّن من المقاعد، فالنصر المحتّم هو لمَن يساهم في تعزيز التواصل بين الجميع والترفّع عن التفاصيل الشيطانية من أجل إجراء انتخابات تتّسم بمفاهيم التعايش والديمقراطية»، مشيراً إلى أنّ «مكتب الشباب والرياضة المركزي في حركة «أمل» سيعمل جاهداً مع الأحزاب المعنيّة من أجل التوافق على إجراء الانتخابات قبل الأعياد ضمن أجواء سليمة بعيدة من المشاكل».