IMLebanon

هل يجب الإمتناع عن المياه الفوارة؟

كتبت سينتيا عواد في صحيفة “الجمهورية”:

إذا كنتم تبحثون عن وسيلة للتخلّي عن عادة احتساء المشروبات الغازية، فقد تجدون أنّ المياه الفوّارة تشكّل بديلاً طبيعياً. وفي ظلّ تعدّد النكهات المُتاحة، فإنّ حتى الأشخاص الذين لا يشربون الصودا قد ينتابهم الفضول لاحتساء المياه الفوّارة. لكن هل هي آمنة للصحّة؟

بدأ العديد من الناس، من بينهم العلماء، يتساءلون إذا كانت المياه الفوّارة أفضل من المشروبات الغازية الأخرى السكرية. وقبل شرائها واحتسائها، لا بدّ أولاً من الاطّلاع على أهمّ المعلومات المتعلّقة بها وانعكاساتها الصحّية على مختلف أنحاء الجسم.

وبدايةً، أوضحت إختصاصية التغذية، جوزيان الغزال، لـ«الجمهورية» أنّ «المياه الفوّارة تكون إمّا مياه غازية طبيعية، أو مياه عادية تتعرّض لضغط معيّن مع إضافة ثاني أكسيد الكربون إليها للحصول على حامض الكربونيك وإنتاج الفقّاعات فيها».

ولفتت إلى أنّ «هذه المياه تحتوي طبيعياً على المعادن التي يمتصّها الجسم بطريقة عالية، وأحياناً تُضاف إليها بعض الأنواع كالماغنيزيوم والبوتاسيوم».

وتابعت الغزال حديثها قائلةً إنّ «أبحاثاً كثيرة توصلت إلى أنّ الادعاءات ضدّ المياه الفوّارة ليست صحيحة تماماً، وحتى مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها توصي باستبدال المشروبات السكرية المحلّاة بالمياه الفوّارة».

وعرضت في ما يلي أهمّ الانعكاسات الصحّية التي رُبطت بالمياه الفوّارة حتى اليوم:

الأسنان

إضافة ثاني أكسيد الكربون إلى المياه تُخفّض معدل الـ»pH» فيها، ويخشى العديد من الأشخاص في أن يتسبّب ذلك بتسوّس الأسنان. أظهرت دراسة نُشرت في «International Journal of Pediatric Dentistry» أنّ الـ«pH» في المياه الفوّارة المنكّهة يراوح بين 2,7 و3,3 الأمر الذي يُحتمل أن يؤدّي إلى تآكلها.

لكن من جهتها، قالت جمعية طب الأسنان الأميركية إنّ المياه الفوّارة هي عموماً آمنة للأسنان، غير أنها حذّرت من أيِّ مواد مُضافة قد ترفع الحموضة فيها، مثل عصير الحامض. إشارة إلى أنّ كثرة السكر المُضاف تساهم بدورها في تسوّس الأسنان، لذلك يجب قراءة الملصق الغذائي جيداً.

العظام

اعتُقد منذ القِدم أنّ الحموضة في المياه الفوّارة تؤدي إلى تآكل العظام أو حتى التسبّب بهشاشتها. غير أنّ غالبية الدراسات استعانت بالصودا التي تحتوي على حامض الفوسفوريك العالي الحموضة. وفي حين أنّ استهلاك الصودا مرتبط بخفض كثافة العظام لدى النساء، غير أنّ المشروبات الكربونية الأخرى لم تُظهر هذه العلاقة.

الجوع

اقترحت مجموعة أبحاث أنّ المياه الفوّارة قد ترفع هورمونات الجوع، لكنّ غيرها وجد أنها قد تضمن الشعور بالامتلاء. كشفت دراسة نُشرت في «Journal of Nutritional Science and Vitaminology» أنّ احتساء المياه الفوّارة ساهم في توفير الشبع على المدى القصير، وقد أجمعت دراسة أخرى يابانية على هذه النتيجة.

مشكلات الجهاز الهضمي

في حين أنّ المياه الفوّارة قد تسبب مشكلات الغازات والنفخة عند بعض الأشخاص، إلّا أنّ الدراسات وجدت أنها قد تساعد على تهدئة الإمساك لدى الآخرين.

أظهرت دراسة ألمانية شملت مجموعة أشخاص يعانون من الإمساك أنّ شرب 1 ليتر من المياه الفوّارة الطبيعية لمدة 3 أسابيع قد حسّن تواتر حركة الأمعاء.

وقد توصّل بحث ألماني إلى نتائج مماثلة. لكن بالنسبة إلى الأشخاص الذين يشكون أساساً من اضطرابات الجهاز الهضمي، كمتلازمة القولون العصبي، فعليهم التفكير مليّاً قبل احتساء أيّ مشروب غازي.

الترطيب

يتساءل الكثيرون إذا كانت المياه الفوّارة ترطّب الجسم تماماً مثل نظيرتها العادية بما أنهم فعلاً لا يتقبّلون مذاق هذه الأخيرة.

وجدت دراسة نُشرت في «American Journal of Clinical Nutrition» حلّلت وضع الترطيب لدى الرجال بعد شرب ليتر من المياه الفوّارة مقارنةً بتلك العادية أنّ اللجوء إلى هذين الخيارين ساهم في ترطيب أجسامهم بالتساوي.

انطلاقاً من هذه المعطيات العلمية، أكّدت خبيرة التغذية أنّه «وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يحتسون الكثير من الصودا الغنيّة بالملوّنات والأسبرتام ومواد أخرى مضرّة، فإنّ المياه الفوّارة تكون بديلاً صحّياً أكثر لهم مليئاً بالمعادن في مقابل 0 كالوري. كذلك فإنّها تُفيد الأشخاص الذين يشكون من بعض اضطرابات الجهاز الهضمي لأنها تسرّع الهضم وتتخلّص من الإمساك. فضلاً عن أنها تناسب الذين يتعرّضون للتقيّؤ أو الدوخة أثناء ذهابهم إلى مناطق بعيدة لقدرتها على ضمان استرخاء العضلات».

وشدّدت ختاماً على أنه «ليس من الصحّي احتساء المياه الفوّارة بانتظام، ولكن مقارنةً بالصودا التي تبلغ حموضتُها مستويات أعلى بكثير، فهي تبقى الخيار الأمثل والأنسب للأشخاص الذين يريدون خفض إدمانهم على الصودا. أمّا بالنسبة للذين يتساءلون إذا كان من الأفضل شرب المياه العادية أو الفوّارة، فلا شكّ في أنّ الأولى تبقى دائماً الخيار الأفضل، في حين يمكن التلذّذ بالثانية من حين إلى آخر من دون أن يتحوّل ذلك إلى إدمان. فالاعتدال هو دائماً الأساس»، داعيةً إلى «الابتعاد من المياه الفوّارة المُضاف إليها المحلّيات والمنكّهات واختيار النوع الأكثر ميلاً للطبيعة».