IMLebanon

أبو الغيط: منطقتنا ما زالت بعيدة عن تحقيق تطلعاتها المستحقة

أشار الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى أن “قمتنا الاقتصادية تُعقد بعد غياب دام ست سنوات، شغلتنا فيها الأحداث الجسام، وواجهت خلالها بعض  دولنا –ولا تزال-  مختلف صنوف التحديات الأمنية والاضطرابات السياسية والأزمات الإنسانية”.

وأضاف، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الرابعة من القمة الاقتصادية: “لقد أثبتت الوقائع التي شهدها العالم العربي في تاريخه المعاصر أن التنمية والأمن والاستقرار تشكل كلها حلقات في منظومة واحدة مترابطة.. فلا تنمية متواصلة من دون مظلة من الاستقرار والأمن تُحصنها من الردات العكسية والانتكاسات،وتضمن استمرار مسيرتها دون انقطاع، ولا استقرار حقيقياً ومُستداماً من دون نمو شامل يلمس جوانب حياة الإنسان كافة.. ويرتقي بها ويُحسن نوعيتها”.

ولفت إلى أن “برغم جهودٍ مشهودة بُذلت خلال الأعوام الماضية على صعيد النهوض بالأوضاع الاقتصادية، خاصة في مجال البنية الأساسية والمواصلات والاتصالات، فإن المنطقة العربية لا زالت بعيدة عن إطلاق إمكانياتها الكامنة وتحقيق تطلعاتها المُستحقة، فما زالت أكثر من نصف صادرات العالم العربي من المواد البترولية وتظل هناك حاجة أكبر للعمل على تنويع الاقتصادات لتحصينها من التقلبات المرتبطة بأسعار الطاقة. ثمة حاجة كذلك لتحسين بيئة الأعمال وتعزيز التنافسية وتحفيز ثقافة المبادرة وريادة الأعمال. وهناك إصلاحات مؤسسية ومالية تتصف بالجرأة والرغبة الحقيقية في مواجهة جوهر المشكلات الاقتصادية التي تؤرق الدول العربية وتحرمها من الانطلاق”.

وأردف: “إن الفجوة الرئيسية التي تفصلنا عن تطورات الاقتصاد العالمي تتعلق في الأساس برأس المال البشري. لقد صارت المعرفة والابتكار، لا التصنيع أو الخدمات، هما المولد الأكبر للقيمة المضافة العالية في ظل تسارع الظاهرة المسماة بالثورة الصناعية الرابعة بتطبيقاتها المختلفة. إن الاستعداد لمواجهة تبعات هذه الثورة التكنولوجية يتعين أن يحتل صدارة أولوياتنا في المرحلة القادمة، ويتطلب الأمر جهداً أكبر في تضييق الفجوة الرقمية مع مناطق العالم الأخرى، إذ لا زال أكثر من نصف سكان العالم العربي غير متصلين بالانترنت. إن سكان العالم العربي هم من أكثر سكان العالم شباباً وإن لم نحسن استغلال هذه “النافذة الديموغرافية ” فسوف تتحول هذه الكتلة الشبابية إلى عبء على الاقتصادات، بل ومحرك للاضطرابات، وعلى الأرجح بيئة خصبة لشتى صنوف التطرف الديني والسياسي”.

وشدد على أن “النمو المنشود أداته الإنسان وغايته الإنسان ولا يتحقق سوى بالاستثمار في الإنسان والمفتاح هنا هو التعليم الذي يُعد العامل الأساسي في بناء ومراكمة رأس المال البشري. إن العالم العربي يحتاج وقفة حقيقية مع النفس في شأن تدني مستويات التعليم واطراد التدهور فيها والأخطر هو اتساع الفجوة بين التعليم وسوق العمل، وضعف العلاقة بين مخرجات التعليم ومقتضيات النمو الشامل”.

وأشار إلى أن “نحو 20% من سكان العالم العربي يعيشون في أوضاع تدخل تحت مُسمى الفقر متعدد الأبعاد، والذي يُقاس ليس فقط بمؤشرات الدخل، وإنما بفرص التعليم وتوفر الرعاية الصحية وظروف المعيشة. صحيحٌ أن الدول العربية حققت، في المجمل، نجاحات مشهودة في تقليل حدة الفقر المدقع إلا أن كتلة معتبرة من السكان في عدد من الدول العربية لا تزال تتركز حوله”.

وتابع: “يأوي  العالم العربي، مع الأسف، نحو نصف لاجئي ومشردي العالم ويكفي أن نعرف أن نحو 4 مليون طفلاً سورياً قد تركوا مدارسهم بسبب الحرب الدائرة هناك منذ سبع سنوات. يكفي كذلك أن نتابع الأزمات الإنسانية الخطيرة في كل من الصومال واليمن من دون أن يغيب عن أذهاننا أبداً الواقع المأسوي الذي يُكابده يومياً أهلنا في فلسطين بسبب ما يفرضه الاحتلال الإسرائيلي من إغلاق وحصار وممارسات مُجحفة. يكفي أن نعرف كل هذا لندرك أن معركة التنمية في الكثير من جنبات عالمنا العربي لا تجري في ظروف طبيعية أو في بيئة مواتية، وإنما في ظل أوضاع صعبة وبيئة هشة”.

وأردف: “إن المأمول هنا هو إظهار قدر أكبر من التعاضد والتكافل لإسناد ودعم المجتمعات التي تضغط عليها هذه الأزمات الإنسانية، ومن بينها لبنان والأردن اللذان تحملا الكثير وفاء بدين العروبة واضطلاعاً بواجب الإنسانية”.

وختم: “ليس مقبولاً أن تظل المنطقة العربية هي الأقل عالمياً من زاوية التكامل الاقتصادي، مع كل الإمكانيات التي يتيحها هذا التكامل للنهوض بالاقتصادات العربية والاسهام في تنويع نشاطاتها”.