IMLebanon

هل تمتلك الحكومة “قدرات خارقة”؟

بعدما انزاح عبء التأليف عن كاهل البلد، وأُسدِلت الستارة على مسرحية التعطيل التي دامت 251 يوماً، سؤال يجول في اذهان اللبنانيين: ماذا ستحمل إليهم الحكومة الجديدة؟

من الطبيعي بعد هذه الولادة المستعصية، ان ينصرف الطبّاخون الى إعادة تجميع اوراقهم التي تبعثرت خلال البازار، وهذا يفترض بالحد الأدنى قراءة متأنية لكل ما شاب أشهر التعطيل من «سقطات» كان لها الأثر السلبي على المشهد السياسي بشكل عام، وراكمت اضراراً واعباء اضافية على بلد يعاني الامرّين، ويوشك ان يسقط في هاوية لا نجاة منها.

رحّب العالم بولادة الحكومة، والتهاني تنهمر على الطاقم السياسي من كل حدب وصوب، وفي كل ذلك دليل واضح على مباركة دولية عربية وغربية، لانتقال لبنان من مرحلة الفراغ الحكومي، الذي شلّ الدولة بكل مفاصلها، أو بمعنى أدق مرحلة «العُزلة» التي ولّدها الصراع على الحصص والأحجام، والقت بلبنان على هامش الخريطة الدولية لثمانية اشهر خلت، الى مرحلة اكتمال هيكله الدستوري ببناء سلطته التنفيذية، على مشارف تحدّيات تعصف بالمنطقة، واستحقاقات تتطلب ان يواكبها لبنان بكامل جهوزيته السياسية والحكومية.

وبمعزل عن الكفاءات التي ضمّتها الحكومة، فإنّ «المكتوب الحكومي» يُقرأ في الصورة التي خرجت فيها، وتبدو في مجملها مستنسخة عن الصورة الحكومية السابقة، ومن السابق لاوانه استعجال الحكم عليها، ومن السابق لاوانه ايضاً تعليق الآمال الكبار عليها، فذلك تسرّع ليس في محله على الاطلاق.

تألّفت الحكومة، وشاع في البلد جوّ من الارتياح الى ان يؤدي الانجاز الحكومي الى انفراج اكبر واوسع على مستوى الملفات التي يعاني منها البلد. الا انّ القاسم المشترك بين المواطنين هو الخشية من ان يكون هذا الارتياح مجرّد نوبة موقتة، يعود بعدها البلد الى الدوران في حلقة الأزمات ذاتها.

المهم في رأي مراجع مسؤولة، انّ الحكومة قد لا تمتلك قدرات خارقة تمكّنها من الانجاز السريع، خصوصاً وانّ حجم الملفات الضاغطة سياسياً واقتصادياً اكبر من ان تُحتوى بكبسة زر. الا انّ الحكومة تمتلك، كما اعلن القيّمون عليها، النيّة في العمل والانتاج»، ومن حق اللبنانيين ان يُبقوا هذه النيّة موضع تشكيك، حتى تقترن بعمل جدّي ومنتج. ذلك انّ التجربة مع الزمن الحكومي السابق لم تكن مشجعة، حيث تصدّره عنوان «القول بلا عمل»، وإن جرى الإقدام على عمل ما فكان يُصرف في بنك المحاصصات والصفقات والاتفاقات السرّية بين ثنائيات او ثلاثيات او اكثر.