IMLebanon

غذاء “يُسكِت” أعراض الـ”ADHD”

كتبت سينتيا عواد في صحيفة “الجمهورية”:

إضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD) الشائع عند الأولاد يؤثر في قدرتهم على التركيز، ويُشتّت انتباههم بسهولة، ويزيد من اندفاعهم ونشاطهم بشكل مفرط. وصحيح أنّ هناك علاجات طبية للـ«ADHD»، لكنّ هناك نهجاً آخر يعتمد على وسائل سهلة التطبيق تساهم في السيطرة على الأعراض، أبرزها النظام الغذائي.

قالت إختصاصية التغذية، عبير أبو رجيلي، بداية حديثها لـ»الجمهورية» إنه «يتمّ غالباً غضّ النظر عن الشقّ الغذائي الذي يُعتبر أساسياً جداً للأولاد الذين يشكون من نقص الانتباه وفرط الحركة. لكن آن الأوان لتسليط الضوء أكثر على هذا الموضوع، وتبيان علاقة المأكولات في تحسين أو تفاقم أعراض هذا النوع من الاضطرابات السلوكية الشائعة».

البروتينات
وتطرّقت أولاً إلى المغذيات التي تنعكس إيجاباً على أولاد الـ»ADHD»، فأفادت أنّ «مصادر البروتينات مثل لحوم البقر المنزوعة الدهون، والدواجن، والمكسرات، ومشتقات الحليب القليلة الدسم قد تملك آثاراً مفيدة على أعراض الـ»ADHD». من المعلوم أنّ الجسم يستخدم البروتينات لإنتاج الناقلات العصبية، أي الكيماويات التي تفرزها خلايا الدماغ للتواصل مع بعضها. تستطيع البروتينات الوقاية من التقلّبات الشديدة في مستويات السكر في الدم، والتي ترفع فرط الحركة. من الجيّد إذاً تزويد الأولاد بالمأكولات الغنيّة بالبروتينات على الوجبة الصباحية، وأيضاً خلال اليوم عن طريق السناكات».

الأوميغا 3
وتابعت: «عند التحدث عن غذاء الـ»ADHD»، لا يمكن تجاهل مدى أهمّية الأحماض الدهنية الأساسية الأوميغا 3 المتوافرة في السمك الدهني مثل السلمون والتونة، وبعض المكسرات كالجوز، والتي تُعتبر مهمّة جداً للدماغ ووظيفة الخلايا العصبية. وجدت دراسة سويدية حديثة أنّ الجرعات اليومية من الأوميغا 3 قد خفّضت أعراض الـ»ADHD» بنسبة 50 في المئة. كذلك بيّن بحث آخر نُشر في «Journal of Attention Disorders» أنّ الأوميغا 3 تميل إلى التفكك بسهولة أكبر في أجسام مرضى الـ»ADHD» مقارنةً بالذين لا يعانون هذه المشكلة. الأولاد الذين لديهم مستويات منخفضة من الأوميغا 3 في دمائهم سيظهرون تحسّناً أكبر في التركيز الذهني والوظيفة المعرفية».
الكربوهيدرات
وعن دور الكربوهيدرات في غذاء الـ»ADHD»، شدّدت أبو رجيلي على «ضرورة خفض جرعتها والحذر من الطحين الأبيض، والأرزّ، والبطاطا وغيرها من النشويات». لكنها في الوقت ذاته كشفت أنه «يُستحسن تزويد الأولاد الذين شُخّصوا بنقص الانتباه وفرط الحركة بالنشويات الكاملة بدل تلك المكرّرة لخفض كمية السكر وزيادة نسبة الألياف، جنباً إلى التركيز على الخضار والفاكهة، خصوصاً الإجاص، والـ»Grapefruit»، والكيوي، والتفاح، لقدرتها على مساعدتهم على النوم».
ومن جهة أخرى، دعت خبيرة التغذية الأهالي عموماً إلى إبعاد أولادهم عن المواد التالية، وأن يُضاعفوا الحذر في حال التشخيص بالـ«ADHD»:

المأكولات والسناكات المليئة بالسكر
خلُصت الأبحاث إلى أنه كلما ارتفعت كمية السكر التي يستهلكها الأولاد الذين يشكون من فرط النشاط، أصبحوا أكثرَ عصبية. فضلاً عن أنّ الحميات العالية بالسكريات تزيد من عدم الانتباه عند بعض الأولاد. يجب إذاً قراءة أغلفة المنتجات جيداً، والحذر من المصطلحات الأخرى التي ترمز إلى السكر مثل الأسبرتام، والسوكرالوز، والسكارين، وشراب الذرة العالي بالفروكتوز، والسوكروز، والدبس…

الأصباغ الصناعية والمواد الحافظة
توصّلت الدراسات العلمية إلى أنّ بعض أولاد الـ»ADHD» يتأثرون سلباً في المواد المُضافة إلى المأكولات. لا بل أكثر من ذلك، فإنّ الملوّنات كالأحمر 40 والأصفر 5، والمنكّهات الصناعية مثل الفانيلا، والمواد الحافظة كالـ»Sodium Benzoate» تجعل بعض الأولاد الذين لا يشكون من هذا الاضطراب نشطين أكثر من الطبيعي.

مشروبات الطاقة
تزداد شعبية بين الأولاد، خصوصاً المراهقين، لكنها لسوء الحظّ تحتوي على مكوّنات تُفاقم أعراض الـ»ADHD»، مثل السكر، والمحلّيات الصناعية، والملوّنات الصناعية، والكافيين، ومحفّزات أخرى. مشروبات الطاقة تتصدّر لائحة المواد التي تدفع المراهقين إلى القيام بسلوكيات تُقلّد اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، وبالتالي فإن لا مكان لها في الغذاء الصحّي.

الصودا
حتى في حال عدم معاناة الـ»ADHD»، فإنّ الابتعاد من المشروبات الغازية يُعدّ فكرة جيّدة. إنها تحتوي غالباً على الكثير من السكريات والمحلّيات ذاتها التي تجعل السكاكر سيّئة للأولاد الذين يتبعون حمية خاصة بنقص الانتباه وفرط الحركة. فضلاً عن أنّ الصودا تتضمّن مكوّنات أخرى تزيد أعراض الـ»ADHD» سوءاً، مثل الكافيين وشراب الذرة العالي بالفروكتوز. استهلاك جرعة مرتفعة من السكر والكافيين يسبب أعراض فرط النشاط وتشتّت الذهن بسهولة. بيّنت إحدى الدراسات الصادرة عام 2013 أنّ الأولاد البالغين 5 أعوام والذين احتسوا الصودا كانوا أكثر عرضة لإظهار العدوانية والانسحاب الاجتماعي.

الأطعمة المُسبِّبة للحساسية
صحيحٌ أنّ المطلوب إجراء مزيد من الأبحاث الموثقة في هذا المجال، ولكنّ العلماء توصّلوا حتى الآن إلى أنّ الغلوتين، والقمح، والذرة، والصويا تدفع بعض الأولاد إلى فقدان التركيز والتصرّف بنشاط مفرط. لذلك يُنصح بإخضاع جميع الأولاد لاختبارات مرتبطة بالحساسية الغذائية قبل وصف أيّ دواء لنقص الانتباه وفرط الحركة.

لغذاء متوازن!
وفي نهاية حديثها، علّقت أبو رجيلي: «يجب على الأهالي عدم إهمال غذاء أولادهم عموماً، والذين يشكون من الـ»ADHD» خصوصاً. فبعدما ثبُت أنّ النقص في بعض أنواع المغذيات قد يُفاقم أعراض هذا الاضطراب، لا بدّ إذاً من التمسك بغذاء متوازن يجمع بين الخضار، والفاكهة، والسمك، والبروتينات، والكربوهيدرات المعقدة لتعزيز السيطرة على الأعراض وتحسين وظائف الدماغ».