IMLebanon

إستياء عربي ودولي من خرق “النأي بالنفس”

كتب أسعد بشارة في صحيفة “الجمهورية”:

بلا إنذار مسبق ومن دون إعلام رئيس الحكومة سعد الحريري، زار وزير شؤون اللاجئين صالح الغريب سوريا، بصفته الوزارية، موجّهاً أول صفعة لسياسة «النأي بالنفس» ولرئاسة الحكومة، التي ردّت عبر مصادرها بأنّ «الزيارة شخصية».

لعلها الهزة الاولى التي تتعرض لها الحكومة قبل اجتماعها الأول، لكنها كانت بمعدل 4 على مقياس ريختر فلم تتحول زلزالاً لأسباب عدة أهمها انخراط جميع أطراف الحكومة في التسوية، وعدم استعداد أيّ منها لخلخلتها.

فاستباقاً لجلسة مجلس الوزراء اليوم التي يُراد لها ان تكون جلسة البداية الهادئة، طلب «التيار الوطني الحر» من وزير النازحين أن يزور الحريري، في مسعى التفافي لكي لا يطرح موضوع زيارته لدمشق على طاولة مجلس الوزراء، علماً انّ المعلومات تؤكد انّ الغريب أطلع رئيس الجمهورية ميشال عون على نيّته زيارة دمشق من دون إعلام الحريري.

وعلى رغم من هذا الاستباق ستسجّل «القوات اللبنانية» بتنسيق ضمني مع الحريري موقفاً معترضاً على الزيارة، وكذلك على موقف وزير الدفاع الياس بوصعب حول «المنطقة الآمنة» في سوريا، لأنّ هذين الموقفين يشكّلان خرقاً لسياسة «النأي بالنفس» التي تعهّد بها الجميع في البيان الوزاري. وسيركّز الاعتراض على أنّ الغريب ما كان له أن يزور دمشق بلا موافقة الحريري، وانّ بوصعب ما كان يجدر به إقحام لبنان في موقف يخرق «النأي بالنفس» ويرتّب عبئاً على لبنان في ظل غياب أي توجّه عربي للقبول بعودة النظام السوري الى جامعة الدول العربية.

خرق «النأي بالنفس» أصاب الحكومة بندوب في بداية انطلاقتها، لكنه لن يؤثر في عملها، ولن يتحول مجلس الوزراء ساحة اشتباك، لوجود قرار بتجنب الملفات الخلافية والتركيز على الوضع الاقتصادي الذي يوليه الحريري أهمية قصوى. هذا هو الوضع المرتبط بالتعهدات التي وردت في البيان الوزاري، الذي على أساسه تتعاطى الدول العربية والمجتمع الدولي مع لبنان.

وفي المعلومات انّ اوساط عربية ودولية سجّلت استياءً مبكراً إزاء ما حصل، وتخوفت من ان تكون هذه الحكومة ممراً سهلاً للنظام السوري يعبر من خلاله الى تحقيق التطبيع من لبنان ويستعملها وزارة خارجية له، في وقت يشترط المجتمعان الدولي والعربي دخول سوريا في مرحلة انتقالية رابطاً إيّاها بالاعمار والعودة الآمنة والطوعية للنازحين.

وتضيف المعلومات أنّ أي اشارة عربية إيجابية لمساعدة الحكومة، مرتبطة بتطبيق «النأي بالنفس» في التعامل مع النظام السوري، وكذلك مع «حزب الله» الذي حددت السفيرة الاميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد بعد زيارتها الحريري تدخّله في 3 بلدان عربية على الأقل، في وقت تستعد الادارة الاميركية لفرض مزيد من العقوبات عليه في المرحلة المقبلة. فكيف ستتعامل الحكومة مع هذه الاستحقاقات؟ وهل يمكنها المرور بين نقاط العقوبات، من دون أن تتعرض لعزلة عربية ودولية؟

الواضح أنّ ما يحضّره الحريري من مشاريع طموحة في ضوء مؤتمر «سيدر» لن يكون طريقه سهلاً نحو إعادة الاهتمام الدولي والعربي بلبنان، وقد حدد البيان الاميركي أسس التعامل مع الدولة اللبنانية في شأن دور «حزب الله» في لبنان والمنطقة، ولا يبتعد الموقف العربي، والخليجي تحديداً، عن هذه الأسس، وربما يفوقها صرامة. وهذا يرتبط بدور «حزب الله» في اليمن والعراق وسوريا الذي يبقي لبنان أسيره، فلا يَغنم من الاصدقاء إلّا «من طرف اللسان حلاوة»، فيما تبقى عودتهم الحقيقية الى لبنان مرهونة بشروط تبدو الحكومة عاجزة عن تطبيقها.