IMLebanon

جعجع: لا هدنة مع “حزب الله” وسلاحه

أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “لبنان الرسمي لا يطالب بعودة بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية، وإنما الوزير جبران باسيل بصفته الحزبيّة باعتبار ان الحكومة لها رأي آخر في هذه المسألة”.

وشدد جعجع على انه لم يعلن الهدنة مع “حزب الله” وسلاحه، قائلاً: “عدم القتال بشكل مستمر وفي كل الأوقات لا يعني الهدنة باعتبار أنه يجب ألا يتم القتال شمالاً ويميناً من دون سبب. ولا يمكن أن تتم هذه الهدنة المزعومة لسبب بسيط وهو لايماني الراسخ انه بوجود سلاح “حزب الله” لا يمكن أن تقوم دولة لبنانية فعلية وجمهورية قوية كما نريدها”.

وجاء كلامه في مقابلة خاصة مع الإعلاميّة ريما مكتبي عبر قناة “العربيّة”، مشدداً أن “لا مستقبل لـ”حزب الله” او لأي حزب آخر من دون الانتظام ضمن إطار الدستور اللبناني وممارسة دوره كحزب سياسي كباقي الأحزاب، فاي شيء غير ذلك وانطلاقاً حتى من تجربتنا كـ”قوات لبنانية” مع انها ليست مماثلة، لا يستقيم في نهاية المطاف الا القانوني ولا يستمر ولا استمرارية الا للأمر القانوني، الذي يعني انه في اي دولة السلاح يكون في يد الجيش والدولة فقط والقرار الاستراتيجي في إطار الحكومة الشرعية واي شيء غير ذلك ممكن أن يستمر سنة أو اثنتين او خمسة او عشرة او عشرين ولكن في نهاية المطاف لا بد أن تعود الأمور إلى نصابها”.

ولفت جعجع إلى أن “لا تأثير مباشر لرزمة العقوبات التي سيتعرّض لها “حزب الله” وسوريا وإيران وعلى لبنان ولكن يبقى هناك تأثير غير مباشر بحكم وجودنا في المنطقة ذاتها ولكن لا أعتقد أن هذا التأثير سيكون كبيراً”، مشيراً إلى أن “تمويل “حزب الله” ليس على ما كان عليه سابقاً وكلما اشتدت العقوبات على ايران تنعكس سلباً على تمويل الحزب ويظهر ذلك على الساحة اللبنانية باعتبار أن انخفاض التمويل يؤثر جزئياً على قوّته إلا أنه يجب ألا ننسى أبداً أن “حزب الله” بجزء كبير منه عقيدة وايديولوجيا وشعور ديني كبير وتاريخي ولكن بجزء آخر لديه متفرغون بأعداد كبيرة ونتكلم هنا عن عشرات الالاف من الذين يتقاضون رواتب بالإضافة إلى مؤسسات اجتماعية ومساعدات كثيرة وبالتالي كل هذا يتأثر”.

وأوضح أن “من استعاد المناطق في سوريا ليس نظام الأسد وإنما القوى الإيرانية الموجودة في سوريا بمعاونة الروس فالنظام لم يستعد شيئاً وليس بمقدور استعادة أي شيء واذا انسحب الإيرانيون يسقط وإذا انسحبت روسيا يسقط نظام الأسد والإيرانيين معاً، فالمعادلة معروفة يمكن اعتبار السلطة في سوريا موجودة عملياً بين يدي الإيرانيين والروس والأميركيين والأتراك وبالتالي لا يمكن الحديث عن دولة موجودة في سوريا”.

ورداً على سؤال عن كم سنة بتقديره من الممكن أن تطول المدّة، أجاب: “لا أحد يعلم المهم ان نبقى على سعينا ونحن منذ اللحظة الأولى نسعى والجميع يدرك صعوبة الظروف ولكن لا أشك لحظة بأن الأوضاع غير الشرعية لا يمكنها الاستمرار وبالتالي وضع “حزب الله” لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه”.

وعما إذا كان من غير الممكن توقف التدخلات الإيرانيّة في لبنان ما لم يسقط النظام الحالي فيها، لفت جعجع إلى انه “لا شك في أن النظام الايراني الحالي بوجوده وخصوصاً بنظرية تصدير الثورة تسبب بأضطرابات في العديد من الدول العربية بدءاً من اليمن وليس انتهاءً بلبنان، و لكن إذا أردت الحديث الان عن لبنان، فبلدنا لديه مقومات الحياة الدستورية وله تاريخ كاف يسمح بتخطي هذه التحديات وهذا التأثير حتى لو لم يسقط النظام ككل في إيران”، موضحاً أنه “من الممكن أن يأخذ البعض على لبنان واللبنانيين انهم لا يقاومون بشكل كاف في الوقت الحاضر من أجل قيام دولة فعلية في لبنان ولكن برأي ما حصل حتى الآن ليس بقليل قد لا يكون بمستوى طموحاتنا في الزمان والمكان ولكن عاجلاً ام آجلاً سنصل الى قيام دولة فعلية في لبنان تملك كل القرار الاستراتيجي وقرار السلاح من دون أي أحد آخر”.

وعن الإنطباع السائد عن أن لبنان أصبح دولة “حزب الله” وفي الحضن الإيراني، شدد جعجع على أن “هذا الإنطباع غير صحيح على الاطلاق وهناك الكثير من الواقعات ولو واقعات صغيرة تدل على عكس ذلك، فمنذ شهر تقريباً تم تشكيل المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وحاول “حزب الله” كثيراً أن يضم عضواً له فيه وهو النائب البير منصور إلا أنه لم يفلح في ذلك وقد سقط خياره وانتصر خيار نائب آخر من “١٤ آذار” الاقحاح وهو النائب ايلي حنكش من حزب “الكتائب اللبنانيّة، إلا أنه في ما يتعلق بتعطيل الرئاسة لم يكن الفعل لـ”حزب الله” وحده فالحزب وحلفاؤه المباشرين لم يكن بأستطاعتهم تعطيل انتخابات الرئاسة ولكن حصل ذلك بوجود كتلة كبيرة مثل كتلة “التيار الوطني الحر” أي بمعنى أنه لم يكن “حزب الله” من يعطل بل “التيار الوطني الحر” وذلك ليتمكن من إيصال مرشحه الى رئاسة الجمهورية الأمر الذي يدل على أنه في كثير من الأوقات هناك نوع من تقاطع المصالح بين “حزب الله” و فرقاء و أحزاب آخرى تؤدي إلى فعل ما يظن البعض انه من فعل “حزب الله” وحده إلا أن حقيقة الأمر ليست كذلك وفي اي موقف يخرج به الآن “حزب الله” من دون تقاطع مصالح مع فريق آخر نرى أنه لا يستطيع الوصول إليه ما يدل على أنه وحلفاؤه المباشرين اقلية وليسوا أكثرية”.

ورداً على سؤال عما إذا كان دخول “حزب الله” بهذا الثقل في الحكومة يعني أنه بدأ بتجهيز نفسه من أجل لعب دوره السياسي في لبنان وليس فقط العسكري، قال جعجع: “لا أدري ما المقصود بدخول “حزب الله” بهذا الثقل فأي حزب عملياً بحجم “حزب الله” لديه بشكل مباشر ٣ وزراء. كما لديه كحلفاء مباشرين “حركة امل” بـ٣ وزراء وحليفين آخرين موجودين في الوقت الحاضر في تكتل “التغيير والإصلاح”، فيها ثقل “تيار المستقبل” وحده يوازي ٦ وزراء ورئيس حكومة فمن يكون في هذه الحالة بثقل اكبر؟ في بعض الأوقات يتم خلط الأمور ببعضها البعض للخروج بنظريات مماثلة”.

وعما إذا كان يختبئ في بعض الأحيان “حزب الله” وراء “حركة أمل” في كثير من المناصب الوزارية، لفت جعجع إلى أن “من الممكن أن يحصل ذلك في الأمور الاستراتيجية إلا أنه في الأمور التكتيكية المتعلقة بأدارة الدولة وبعض الأمور الاخرى فلا وهذا أمر نشهده دائماً على طاولة مجلس الوزراء وفي مجلس النواب”.

وأشار جعجع إلى أن “هناك صفقة بين كثير من الأطراف السياسيّة في لبنان إلا أننا لسنا فيها ولم نكن فيها في أي لحظة من اللحظات لذلك يدنا حرة في معارضة اي موقف او تأييد اي موقف ولا يتم توجيه أصابع الإتهام نحونا لسبب بسيط وهو أنه عندما لا يكون هناك شيء ليس باستطاعة احد اتهامنا بشيء”.

واعتبر أننا “لسنا على شفير ثورة اجتماعية أو انهيار اقتصادي بمعنى الانهيار الكبير إلا أن البلاد تتخبط في صعوبات اقتصادية مالية هائلة وهذا أمر فيما الثورة الشعبية أمر آخر ولكن من الممكن اذا لم تُتخذ التدابير المطلوبة ان تشهد الحكومة ايام صعبة جداً”. وقال: “هناك الكثير من الخطوات المطروحة التي تناقش في الوقت الحاضر على طاولة مجلس الوزراء ونحن لن نتخذ موقفاً من أي قضيّة كالإقتطاع من الرواتب أو رفع سعر البنزين قبل ان نرى السلة متكاملة في هذا الصدد وبالنسبة لرؤيتنا في هذا الإطار فنحن كحزب “القوّات اللبنانيّة” نعتقد أنه يجب البدء من الامكانيات المالية الضخمة ثم التدرج نزولاً اذا اضطررنا النزول الى بعض الامكانيات الاقتصادية الصغيرة لنتمكن من تقويم الوضع ولكن بكافة الاحوال يمكنني أن أقول أننا لا نوافق على الزيادة على البنزين باعتبار أننا لسنا بحاجة لخطوة مماثلة إذا ما بدأنا المعالجة من حيث يجب أن نبدأ”.

وأكد جعجع أن “هناك فساد حقيقي في قسم كبير من الطبقة السياسية، ومن الممكن أن نأخذ ملف الكهرباء كمثال باعتبار أنه لم يعد مسألة افتراضيّة وإنما لمسناها في العديد من الأمكنة لمس اليد ولكن في ما يتعلق بالنفط لا شيء ملموس في الوقت الحاضر ونحن نتابع هذا الملف لنعرف ماذا يحصل فيه”، مشيراً إلى أنه “باستطاعة “القوّات” اليوم ولو كان عدد وزرائه ٤ من أصل ٣٠ وزيراً ان يواجه في مجلس الوزراء للوقوف في وجه كل الصفقات المفترضة”.

وعن قضيّة النازحين السوريين في لبنان، أوضح جعجع أنهم “يشكلون مشكلة كبيرة في الوقت الحاضر ولا قدرة لنا على تحملها وفي ظل أنه أصبح بحكم المؤكد أن بشار الأسد لا يريدهم لأسباب استراتيجية وديمغرافية معروفة، فالحل الوحيد الذي ليس هناك بديل عنه هو أن تقوم الحكومة اللبنانية بالتواصل على الجانب الروسي من أجل أن تقوم روسيا بإنشاء مناطق آمنة عند الحدود اللبنانيّة السوريّة من الجهة السوريّة لان روسيا قادرة على ذلك”.

وتطرّق جعجع إلى الأوضاع الإقليميّة في منطقة الشرق الأوسط، وقال: “ساعطي فكرة عن المنطقة كما أراها، فالأساس اليوم هو ان المواجهة الاميركية مع حلفائها والإيرانية مع حلفائها مواجهة جدية ولا أراها موقتة او مرحلية او تكتية و إنما حتى إشعار آخر ذاهبة الى النهاية وهذا لا يعني بالضرورة الى مرحلة عسكرية واكبر دليل على أنها ذاهبة حتى النهاية ما سمعناه في الايام الماضية ومفاده ان الاستثناءات التي أعطاها الاميركيون في مرحلة أولى عن النفط الإيراني ستتوقف ما يعني انه من الآن إلى الثالت او الرابع من أيار سيكون هناك مشكلة كبيرة بتصدير اي نفط إيراني وهذا سيزيد التوتر في المنطقة، ومع اشتداد الخناق على الاقتصاد الإيراني من الممكن أن تفكّر ايران في ان تقوم بردة فعل في اي وقت من الأوقات لان الاقتصاد يوازي العسكر والامن حكماً. لذا في أي وقت من الأوقات يمكن لايران ان تقوم بردة فعل غير محسوبة في مكان ما إلا أنه في الإجمال الإيرانيون يحسبون جيداً ولكن لا أحد يعلم وبتقديري واعطي مثلاً مضيق هرمز فاذا صار اي ردة فعل إيرانية في غير مكانها لن تمر بسهولة لان الجو العام هو جو تصعيدي من قبل كل الأطراف”.

ورداً على سؤال عن حليف لبنان في المنطقة، أكد أن “لبنان يعتمد سياسة خارجية تسمى سياسة “النأي بالنفس” والدولة كدولة تلتزم بها ولدي في هذا الإطار أمثلة عدّة عن التزام الدولة هذه السياسة، صحيح أن بعض الأطراف داخل الدولة كـ”حزب الله” مثلاً ومن وقت لآخر وزير الخارجية جبران باسيل لا يلتزمون بها للأسف ولكن الدولة كدولة ملتزمة لذلك أرى أن الوضع في لبنان سيبقى بالهدوء الذي هو فيه اليوم”.

وعن علاقات لبنان مع دول الخليج وخصوصاً المملكة العربيّة السعوديّة ودولة الإمارات العربيّة المتحدة، لفت جعجع إلى أن هذه العلاقات “في الوقت الراهن جد طبيعية ولم تسترجع بعد حرارتها السابقة ما بين العامين ١٩٩٠ و٢٠١٠ ولكنها عادت طبيعية، كما يجب ألا ننسى أن الخليج ان كان المملكة العربية السعودية أو دولة الإمارات له اهتمامات أخرى ملحة اكثر من لبنان أهمها اليمن”.

وأوضح أنه لا يمكن للرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يحوّل بشطبة قلم الجولان أرضاً إسرائيليّة لأن هذا الأمر هو فقط على ورقته فقط باعتبار أن هناك بعض الامور التي لا يمكن حتى للولايات الأميركيّة المتحدّة القيام بها لذا فالقدس والجولان ليسا تصريحاً يقوم به الرئيس الأميركي”.

وعن ترسيم الحدود اللبنانيّة، لفت جعجع إلى ان “هناك العديد من المشاكل التي نعاني منها مع نظام الأسد على مرّ ٥٠ سنة متواصلة وقد وصل به الدرك إلى احتلال لبنان لذا فترسيم الحدود يمكن أن نعدّها آخر مشاكلنا معه، في ظل كل المشاكل التي نعانيها كقضيّة الأسرى اللبنانيين والمفقودين اللبنانيين في السجون السورية، ولكن لا أرى أن هذا النظام سيستمر فنحن بأنتظار دولة سورية جديدة من أحل العمل معها على ترسيم الحدود”.

وعلّق جعجع على ما يقوله بعض الخبراء في أن الحرب مع إسرائيل آتية لا محالة، معتبراً أن “الوضع في المنطقة مفتوح على كل الاحتمالات ولكن ذلك لا يدفعني الى القول ان الحرب آتية لا محالة”.

وتطرّق جعجع إلى نظريّة “روسيا حامية الأقليات في المنطقة”، وقال: “صراحة لا نشعر بأي لحظة من اللحظات اننا كمسيحيين اقلية في المنطقة بل نشعر اننا من سكانها الاصليين، وعند الحاجة للدفاع عن أنفسنا نحن ندافع ولا نحتاج إلى من يدافع عنا، أما في ما يتعلق بالطرح الروسي كحامي الاقليات انا لا أرى ذلك، وإنما أرى بشكل مستمر وكسياسة كل دولة كبرى ان روسيا هي حامية مصالحها في الشرق الأوسط، ولا تضحي بها لا في سبيل اقليات ولا اكثريات، وبين هلالين فنحن في السنوات السبع الأخيرة أصبح لدينا انطباع ان الاكثريات هي من أصبحت بحاجة إلى حماية في المنطقة وليس الاقليات”.

وقام جعجع بجولة أفق على الدول العربيّة ككل، وقال: “في اليمن هناك اقلية حوثية، من دون الخلط بينهم وبين الزيديين، وللأسف اعطتهم ايران حجم اكبر من حجمهم كما شاءت الظروف ان يقوموا بتحالفات معينة مع الرئيس الراحل علي عبدلله صالح الأمر الذي أدى الى ما أدى اليه، إلا أنه في ما يتعلق بالسودان والجزائر فما يحصل الان هو ما حصل في لبنان عام ٢٠٠٥ تقريباً ويكشف عن حضارة ورقي رغم صعوبة الأوضاع في هذان البلدان، لذا اقصى تمنياتي ان تصل هذه الثورات الشعبية الى نهاياتها السعيدة فهي قطعت أشواط لا بأس بها ولكن أمامها أشواط أخرى على أمل ان تجتازها بسلام”.