IMLebanon

رسم الـ3% يُشعل المواجهة بين “أهل البيت”

كتبت رنى سعرتي في صحيفة “الجمهورية”:

يثير موضوع فرض رسوم بنسبة 3 في المئة على كل البضائع المستوردة الجدل، وقد بدأت ترتسم في الأفق معالمُ خلافاتٍ بين الصناعيين والتجار في شأن هذا الاقتراح.

ما زال مجلس الوزراء يبحث في زيادة الرسوم على البضائع المستوردة بنسبة 3 في المئة باستثناء المواد الأوّلية والآلات المستعمَلة في الصناعة الوطنية، وهو اقتراح وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش، على أن يخصَّص جزءٌ من هذه الإيرادات لتنفيذ برامج تحفيزية للقطاعات الإنتاجية، لتمكينها من منافسة السلع المستوردة عند إزالة هذا الرسم بعد 3 سنوات، وفقاً لاقتراح الوزير.

ويتم البحث حالياً بين وزراء الإقتصاد والصناعة والمال، في السلع التي قد توضع عليها رسوم جمركية وهي السلع المستوردة من الخارج والتي يتم تصنيع مثيلٍ لها في لبنان، وذلك حرصاً على الإقتصاد اللبناني. إلّا أنّ هذا الاقتراح يلاقي دعماً من قبل الصناعيين المتلهّفين للحصول على أيّ نوع من الحماية لمنتجاتهم، ويقابله رفضٌ من قبل التجار الذين يعتبرون أنّ زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي الى رفع الاسعار.

بكداش

في هذا الاطار، رأى نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش انه في ظل وجود الاسواق المفتوحة اليوم، وفي حال كانت الاتفاقيات التجارية الموقعة وغير الموقعة مع الدول الاخرى تؤمّن فرصاً متساوية، وفي حال كانت الدولة اللبنانية منذ 20 عاماً لغاية اليوم عادلة مع كافة القطاعات الانتاجية في لبنان، «لما وصلنا الى وقت نقترح فيه زيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الخارج».

لكنّ المشكلة اليوم وفقاً لما أوضحه بكداش لـ«الجمهورية» تتمثل في:

– عدم التصريح حول قيمة المستوردات الفعلية من الخارج والتلاعب في الفواتير. على سبيل المثال، تقول الدولة الصينية إنّ قيمة التصدير الى لبنان تبلغ 4 مليارات دولار، في حين انّ الارقام الجمركية تفيد بأنها تبلغ مليارين، «ما يشير الى انّ الفواتير المقدّمة تقلّ بنسبة 50 في المئة عن قيمتها الحقيقية ويتم التهرّب من دفع الضرائب المتوجِّبة فعلياً».

– رغم توقيع لبنان اتفاقيات تجارية مع دول اوروبا والدول العربية، إلّا أنّ بعض السلع اللبنانية كالأدوية والأجبان والألبان يُحظّر تصديرُها الى أوروبا، وبالتالي فإنّ الفرص غيرُ متساوية.

– كذلك الأمر بالنسبة لتركيا التي تدعم صناعاتها. أما سوريا التي بينها وبين لبنان اتفاقية تجارية، فتدخل بضائعها الى لبنان برسوم صفر في المئة، في حين أنّ البضائع اللبنانية المصدَّرة الى سوريا تدفع رسوماً غير جمركية تصل الى 17 في المئة.

– إنّ قانونا من منظمة التجارة العالمية، يسمح ضمن الاتفاقيات التجارية الموقعة بين بلدين، للدولة الاولى بوضع رسوم حمائية على بضائعها في حال كانت الدولة الثانية تدعم صناعاتها.

واعتبر بكداش أنّ رسم الـ3 في المئة المقترح فرضه على السلع المستوردة، لا يُعتبر نسبة كبيرة تشكّل فرقاً شاسعاً وعبئاً على التجار، كما أنه لا يؤدي الى ارتفاع ملحوظ في اسعار الاستهلاك، بسبب توفّر خيارات بديلة متمثلة بالمنتجات اللبنانية. ولفت الى أنّ فرض هذا الرسم لن يحلّ مشكلة الصناعة اللبنانية، لكنّه أفضل من عدم وجود أيّ رسوم حمائية.

وشدد بكداش على أنّ المطلوب اليوم من الدولة، دعم الصناعة اللبنانية لأسباب عدّة منها:

– الإيرادات المالية المتأتية من المنتجات المصنّعة محلياً، تبقى داخل البلاد في حين أنّ استيراد البضائع يحتّم خروج الاموال من لبنان.

– يُعتبر القطاع الصناعي أحد اكبر القطاعات التي تشغّل اليد العاملة اللبنانية.

– القطاعات الإنتاجية على عكس القطاعات التجارية، تتلقّى الصدمات الامنية والسياسية في لبنان، ويمكنها الاستمرار في تشغيل مصانعها، وبالتالي تحريك الدورة الاقتصادية. في حين أنّ التاجر، عند تدهور الاوضاع، يتوقف عن الاستيراد ويساهم في جمود العجلة الاقتصادية.

فهد

من جهته، رأى نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان ونقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد انّ الاقتراح يشمل فرض رسم بنسبة 3 في المئة على كافة السلع المستوردة من الخارج بغض النظر إن كانت تقابلها صناعة لبنانبة مماثلة أم لا، مؤكداً لـ«الجمهورية» انّ الهيئات الاقتصادية والتجار يعارضون هذا الاقتراح، ويعتبرون انه سيؤدي الى زيادة الركود الاقتصادي الحالي والى رفع اسعار السلع الاستهلاكية وسيزيد من نسبة التضخم التي ارتفعت في العامين الماضيين الى حدود 5 في المئة.

وقال فهد إنّ الهيئات الاقتصادية لا تعارض هكذا اقتراح في حال جاء في اطار توفير حماية للصناعة اللبنانية من خلال تحديد السلع المستوردة والتي توجد صناعة لبنانية مماثلة لها، لكنّ فرض الرسم على كافة السلع امر مرفوض، سيزيد من نسبة التضخم وسيحرم الللبنايين من 600 مليون دولار (3% من قيمة الاستيراد الاجمالية البالغة 20 مليار دولار) ستذهب الى خزينة الدولة.

وشدّد على انه لا يعارض فرض رسم على السلع المستوردة في حال كانت تأتي ضمن سياسية حمائية مدروسة للصناعة اللبنانية، ولكن ليس بهذه الطريقة المتسرّعة من دون أيّ دراسة للتداعيات السلبية التي قد تؤثر على الاقتصاد الوطني.