IMLebanon

هل يتدفّق التمويل عبر المنّصة الإلكترونية؟

كتبت ايفا ابي حيدر في “الجمهورية”:
أطلق حاكم مصرف لبنان، رئيس هيئة الأسواق المالية رياض سلامة منصة التداول الإلكترونية، بعدما فازت برخصة إنشائها مجموعة بنك عوده وبورصة اثينا Athex Group. فما ميزات هذه المنصّة؟ وهل ستتنافس مع بورصة بيروت؟ ومن يمكنه ان يُدرج عليها؟

بعدما انتظرت لسنوات اكتمال مسار خصخصة بورصة بيروت، الامر الذي لم يتحقق بعد، ها هي هيئة الاسواق المالية تسير اشواطاً الى الامام بإطلاق المنصة الالكترونية للتداول، التي تمتاز بتوفر السيولة التي ستجعلها فعّالة وناشطة لتلاقي المسار الذي سلكه هذا النوع من التداول في العالم. وتتميّز المنصة الالكترونية بالتداول الذي لا يقتصر فقط على اسهم الشركات والمصارف، انما سيشمل أيضاً تجارة السلع وتجارة العملات، أدوات مالية مختلفة…. كما تفتح المجال امام الجميع للتداول بسهولة وخصوصاً المغتربين اللبنانيين حول العالم.

في هذا السياق، يقول نائب رئيس هيئة الأسواق المالية فراس صفي الدين لـ»الجمهورية»، «انّ هيئة الأسواق المالية أطلقت دفتر الشروط لإنشاء المنصة الالكترونية في شهر كانون الاول 2018، وسحبت دفتر الشروط 9 شركات لبنانية انما 3 عروض فقط كانت جدّية، فرست الرخصة على المجموعة التي تتألّف من بنك عوده و Athex group الشركة المشغلة لبورصة أثينا وقبرص، وفازت أخيراً بترخيص لتشغيل بورصة الكويت. وستعمل هذه المجموعة على تأسيس شركة لا يقل رأسمالها عن 20 مليون دولار. أما صانع السوق أي market maker فقد التزم بضخ مبلغ 100 مليون دولار، ومن مهامه منع الجمود في السوق. على سبيل المثال: عندما يُعرض أي سهم للبيع يسارع صانع السوق الى شرائه منعاً لتأخّر عملية البيع، وذلك بهدف المحافظة على السيولة في السوق والديناميكية في التعاطي، الامر غير المتوفر حالياً في بورصة بيروت».

وأشار صفي الدين، الى انّ بنك عوده وAthex group التزما في عرضهما ان يفتحا جزءاً من اسهم الشركة الجديدة التي سينشآنها أمام المؤسسات المالية اللبنانية الأخرى. وعن الخطوات التي ستُتبع في المرحلة المقبلة قال: «بعدما اعلن رئيس هيئة الأسواق المالية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة نتائج المناقصة، سيتمّ الآن تشكيل لجنة مؤلفة من هيئة الأسواق المالية والشركة التي رست عليها المناقصة، وبناءً عليه ستنطلق ورشة عمل كبيرة من اجل الاعداد لإطلاق هذه المنصة خلال الأشهر الستة المقبلة».

وأكّد انّ «هذه المنصة الالكترونية ستخلق فرص عمل في الاقتصاد اللبناني ككل، من خلال توفيرها التمويل للشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات العائلية، كما سيشمل التداول تجارة العملات وتجارة السلع، ونخطط لإدراج سندات الخزينة بالعملة اللبنانية والدولار، الى جانب سندات الشركات».

ورداً على سؤال، شرح صفي الدين، «انّ القطاع المالي يتألّف من القطاع المصرفي وقطاع الأسواق المالية، اما في لبنان فإنّ القطاع المصرفي يسيطر سيطرة كاملة على القطاع المالي، وبرأينا فقد آن الأوان لإجراء نقلة من القطاع المصرفي الى الأسواق المالية، لأنّ مديونية المصارف في القطاع الخاص وصلت الى معدل 110% من الناتج المحلي، بمعنى آخر، أصبحت المصارف تموّل الاقتصاد بنسبة أعلى مما ينتج، وعليه نلاحظ انّ الشركات الصغيرة والشركات العائلية تجد صعوبة اليوم بالحصول على رأس المال الضروري للتوسّع».

وعمّا اذا كان إطلاق هذه المنصة سينافس بورصة بيروت، قال صفي الدين: «لا شك اننا نفضّل ان يكون هناك بورصة واحدة في بيروت، انما لم يعد بإمكاننا ان نترك الاقتصاد على هذا النحو. فقانون الأسواق المالية الذي صدر عام 2012 ألزم الحكومة بخصخصة البورصة خلال عام من تعيين مجلس الإدارة، وبعد تأخّر 6 سنوات على تطبيق القانون وخصخصة البورصة ارتأت هيئة الأسواق المالية ان تُنشئ بورصة جديدة قادرة على تشغيل الاقتصاد وتحريكه، لأنّه لم يعد امامنا وقت للتراخي في هذا الموضوع».

لكنه أوضح، «انّ الشركات او الأدوات المالية التي سيتمّ إدراجها على هذه المنصة الالكترونية لن تكون مدرجة على بورصة بيروت، وسنمنع انتقال الشركات المدرجة على بورصة بيروت الى المنصة الإلكترونية لتبقى بورصة بيروت المنصة الأساسية لتداول الشركات الكبيرة.»

خلف لـ«الجمهورية»
في السياق نفسه، اكّد الامين العام لاتحاد البورصات العربية فادي خلف، «انّ بورصة بيروت هي مؤسسة عامة، جاء مشروع خصخصتها مع انشاء قانون الاسواق المالية في العام 2011 الذي كان يفرض ان يتحول الى شركة مملوكة من الدولة في خلال سنة، على ان تُباع بعدها كشركة خاصة. الّا انّ هذا الامر لم يتحقق. وفي العام 2017 صدر مرسوم عن مجلس الوزراء بكيفية خصخصة بورصة بيروت، وحدّد انّ مجلس الادارة يجب ان يتشكّل من عضوين سابقين من مجلس الادارة، 3 اعضاء متفرّغين في هيئة الاسواق المالية وشخصين تعيّنهم وزارة المالية، انما الامر توقف عند التعيينات وتوقفت من حينها معاملات خصخصة بورصة بيروت. خلال تلك الفترة كانت هيئة الاسواق المالية لا تزال تنتظر إجراء التعيينات في البورصة كي تنطلق المنصة الالكترونية من قلب البورصة المخصخصة، الّا انّ هذا التأخير دفع بهيئة اسواق المال الى أن تُطلق المنصة وعدم انتظار خصخصة بورصة بيروت».

وعمّا يمكن ان تحويه المنصة الإلكترونية، يشرح خلف «انه يمكن ان تُدرج عليها كل الادوات المالية القابلة للتداول، اي إضافة الى الاسهم يمكن إدراج العملات الاجنبية، المعادن مثل الذهب، شركات تابعة لمصرف لبنان مثل: شركة طيران الشرق الاوسط «الميدل ايست»، كازينو لبنان، بنك انترا… الشركات الناشئة (start up) التي يمكن ان تتحوّل بعد إدراجها على المنصة الالكترونية الى شركات صغيرة أو متوسطة… الى جانب مجموعة ادوات اخرى غير مستعملة بعد في لبنان مثل: الصناديق المبنية على المؤشرات….

وتتميّز المنصة الالكترونية بدقتها وشفافيتها، بحيث تشرف على عملها هيئة الاسواق المالية برئاسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ما يوحي بالثقة لأي مستثمر، وبالتالي هي مجال آمن أكثر من غيرها من المنصات، كون شركات الوساطة في العالم تتعامل مع أكثر من جهة عالمية اجنبية غير موثوق بها، فيما الشركات هنا مراقبة بشكل مضاعف وأدق عبر هيئة اسواق المال».

أما ما يميّز بورصة بيروت عن منصّة التداول الالكترونية، فهي بحسب خلف، كالفرق بين العمل في القطاع العام والعمل في القطاع الخاص، فالقطاع العام يبقى مقيّداً ومكبّلاً على عكس القطاع الخاص، حيث التقدّم اسرع ويمكن ان يكونا في موقع المنافسة في البداية الى حين خصخصة البورصة، حيث من المتوقع بعدها ان يتكاملا في عملهما او ان يندمجا.