IMLebanon

المحكمة الدولية وانتصار السلحفاة!

كتب طوني ابي نجم في “نداء الوطن”:

لم يكن القرار الجديد للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان مفاجئاً باتهام أحد كبار قياديي “حزب الله” بارتكاب 3 جرائم تضاف إلى جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، لأن الجمهور السيادي في لبنان كما المجتمع الدولي يعلمان علم اليقين أن لـ”حزب الله” ومحوره المسؤولية عن جرائم اغتيال ومحاولات اغتيال وتفجيرات عصفت بلبنان منذ صدور القرار الدولي 1559 في 1 أيلول 2004 وحتى اغتيال الوزير الشهيد محمد شطح في 27 كانون الأول 2013.

أيضاً ليس مفاجئاً أن يتلقى لبنان والمعنيون فيه القرار الجديد بأقل قدر من الاهتمام، وببعض التعليقات من باب رفع العتب ليس أكثر، فالأكثرية الساحقة من الأطراف السياسية اللبنانية استسلمت لـ”حزب الله” تباعاً ما أنتج سيطرة للحزب على الأكثريتين النيابية والحكومية. وتأسيساً على ذلك ليس غريباً أن تستمر الحياة السياسية في لبنان ما بعد القرار الجديد كما قبله، وستستمر أيضاً ما بعد صدور الحكم النهائي المرتقب من المحكمة في جريمة اغتيال الحريري كما قبله، لأن الضحية في لبنان رضخت لجلادها لا بل باتت متعاطفة معه على قاعدة “متلازمة ستوكهولم”.

يسأل البعض جدياً، في ظل الوقائع المتراكمة حول هذا الملف، لماذا تستمر المحكمة الدولية في العمل؟ أي حقيقة مطلوبة بعد في لبنان وهي باتت معروفة لدى الجميع؟ ولِمَ الحقيقة إذا لم تكن بهدف إحقاق العدالة، وخصوصاً أن ثمة من يُحرّض على المحكمة من زاوية كلفة مساهمة لبنان فيها والتي فاقت حتى اليوم الـ600 مليون دولار؟!

ينسى البعض أو يتناسى أن إنشاء المحكمة الدولية تم بقرار من مجلس الأمن حمل الرقم 1595 وجاء تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ما يحوّل الأحكام المرتقبة عنها باباً يستطيع المجتمع الدولي ولوجه لمحاولة مساعدة لبنان على إحقاق العدالة بعد إعلان الحقيقة الساطعة. لقد بات واضحاً أن المجتمع الدولي يعي أن ثمة حزباً ميليشيوياً في لبنان يعتمد استراتيجية الاغتيال الجسدي والإرهاب لتصفية أخصامه السياسيين، وهذا ما عبّر عنه بوضوح مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد شينكر في مقابلته الأخيرة. وبالتالي بات مفهوماً كيف استطاع “حزب الله” تدجين معارضيه وترهيبهم في ظل انعدام توازن القوى داخلياً. هذا الواقع جعل من لبنان، دولة ومؤسسات، أسير واقع لا يمكن تغييره سوى بتدخل دولي تحت راية الشرعية الدولية وقراراتها. وفي هذا الإطار يمكن فهم بعض الأبواق التي تطالب بإلغاء المحكمة الدولية خوفاً من العدالة التي ستتحقق… ولو بعد حين، تماماً كقصة سباق الأرنب والسلحفاة، هذه الأخيرة التي ربحت السباق بخطواتها الثابتة ولو البطيئة!

رحم الله رفيق الحريري وباسل فليحان وسمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني ووليد عيدو وأنطوان غانم وبيار الجميل ووسام عيد ووسام الحسن ومحمد شطح، وحمى الله مروان حمادة والياس المر ومي شدياق…