IMLebanon

الراعي: نرفض استثارة العصبيات الطائفية والمذهبية

أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أننا “نرفض استثارة العصبيات الطائفية والمذهبية على اوسع نطاق، واستخدامها كأداة في العمل السياسي لاستقطاب الجماهير. الأمر الذي عمق الانقسامات الطائفية والمذهبية، وأدى إلى تشويه مفهوم المشاركة الطوائفية في السلطة. ”

وتابع: “بدلا من أن تكون مشاركة في بناء دولة تصون وحدتها والعيش المشترك، وتوفر الأمن والاستقرار والعيش الكريم لأبنائها، غدت المشاركة وسيلة لتقاسم النفوذ والوظائف والمكاسب بين السياسيين، ونهب المال العام، وتوزيع مقدرات الدولة حصصا بينهم بإسم الطوائف. مما أدى إلى إضعاف الدولة وإغراقها في الديون، وإلى جعل شبابها جماعة متظاهرين وقاطعي طرق ومهاجري الوطن، فيما هم ضمانة مستقبله. ولذا، لا نستطيع السكوت عن هذه الممارسة المخالفة للدستور ولفلسفة الميثاق الوطني، والمقوضة لأوصال الدولة، وإفقار شعبها، وخنق طموحات شبابها”.

وجاء كامه خلال قداس احتفالي في كنيسة مار يوسف للآباء اليسوعيين – شارع جامعة القديس يوسف في الاشرفية، لمناسبة بدء السنة الاكاديمية ال145 لجامعة القديس يوسف في بيروت والاحتفال بذكرى مئوية دولة لبنان الكبير، وذلك بدعوة من رئيس الجامعة البروفسور سليم دكاش ومجلس الجامعة.

وقال الراعي: “لا نستطيع السكوت عن تسييس القضاء في بعض الحالات، وعن تحويله إلى محاكمات سياسية طائفية تفبرك فيها الملفات، وتنقض النصوص، وتعطل إفادات مؤسسات الدولة، ويمارس التعذيب لدى أجهزة أمنية باتت مذهبية، لكي يقر المتهم بجرم لم يقترفه، ويوقع محضرا لم يطلع عليه، ولم يسمح له بالاطلاع. ويضغط على القاضي، ويحاصر حزبيا وطائفيا في إصدار قراره وحكمه بموجب الضمير. ومن ناحية أخرى، لا نستطيع السكوت عن عدم تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية المحقة، من قبل النافذين السياسيين والمذهبيين، وكل ذلك مخالف تماما لما تنص عليه المادة 20 من الدستور.”

وأضاف: “أقول هذا ليس فقط للادانة والشجب وتحطيم الهمم، بل وبخاصة لتضاعف الجامعة وسائر مؤسساتنا التعليمية جهودها في تربية أجيالنا، المسؤولة غدا عن الوطن، على القيم الأخلاقية، وروح المسؤولية، وكرامة العمل السياسي الذي طريقه الإنسان والخير العام. فلبنان بحاجة إلى مسؤولين جدد من نوع آخر، ومطلوب من الكنيسة إعدادهم وتشجيعهم ومواكبتهم. فإنها تحتفظ بحق التمييز بين التراجع والتقدم، وبين التطور النهضوي والتطور الانحطاطي، وبين المعرفة التي تؤدي إلى الحقيقة والإيمان، وبين المعرفة التي تنزلق إلى الضلال والشك. في كل ذلك الكنيسة ترفع صوتها، وتعطي صوتا لمن لا صوت له. ولذا، أعين الشعب تنظر اليوم إليها. فكما كانت الرائدة في إنشاء الدولة – الوطن في مطلع القرن الماضي، مدعوة هي اليوم إلى تحصين هذا الكيان بمجتمع صافي الولاء، لبناني الهوية، عصري الوجه، مدني القوانين، راقي التقاليد، وقادر على احتضان هذه التجربة الفذة ومنعها من الانهيار. الكنيسة قادرة على ذلك، لأنها تمتلك المدرسة والجامعة. فعلى مقاعدها يتهيأ مستقبل الدولة والوطن”.