IMLebanon

الكنيسة ودعت المطران كميل زيدان بمأتم حاشد

ودعت الكنيسة المارونية رئيس أساقفة أبرشية انطلياس المارونية المطران كميل زيدان، في مأتم حاشد أقيم في كاتدرائية القيامة في الربوة. وترأس الصلاة الجنائزية لراحة نفسه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بمشاركة السفير البابوي المونسنيور جوزيف سبيتاري ومطارنة الطائفة والرؤساء العامين والرئيسات العامات للرهبانيات وممثلين لرؤساء الطوائف المسيحية ولفيف من الكهنة والرهبان والراهبات وكهنة وأخويات رعايا الأبرشية وعائلة المطران الراحل وأبناء بلدته القصيبة وحشد من المؤمنين.

وحضر ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير الدفاع الياس بو صعب، رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل، النائبان آلان عون وحكمت ديب، الوزير السابق ملحم الرياشي، قائمقام المتن مارلين حداد وعدد من رؤساء البلديات ومديري المدارس والجمعيات.

وبعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى الراعي كلمة تناول فيها سيرة المطران الراحل الكهنوتية والتعليمية والراعوية والاسقفية، بعنوان: “وما نحن إلا آنية من خزف تحمل هذا الكنز” (2كور4: 7)، قال فيها: “صباح أمس الأول، أسلم الروح المثلث الرحمة المطران كميل زيدان، بعد أن تعطلت تدريجيا كل مقومات جسده، على مدى ثلاثة أشهر، ذاق خلالها أمر الأوجاع، فيما باءت بالفشل كل محاولات الأطباء وتقنيات الطب المتقدمة، ولكن من دون أن تنهار قوى الروح، فتمت فيه كلمة بولس الرسول التي كان يرددها المطران كميل، وتتوج ورقة نعيه: “وما نحن إلا آنية من خزف تحمل هذا الكنز” (2كور4: 7)”.

وأضاف: “ولئن بان المطران كميل بجسده، الموصوف بالرياضي، ضعيفا كأنه من خزف، فإنه كان بروحه مستعدا ليحمل بمسؤولية الكنز الكهنوتي والأسقفي النفيس الذي أوكله إليه المسيح الرب، الكاهن الأسمى و”راعي الرعاة العظيم” (1بط5: 2). كان قويا بإيمانه وروحانيته ومؤهلاته العلمية، وبخصاله الإنسانية والكهنوتية والراعوية والإدارية. بوفاته السريعة، تخسر أبرشية انطلياس المترملة أبا محبا وراعيا متفانيا ومدبرا حكيما، وسينودس أساقفتنا المقدس أخا مخلصا وعضوا فاعلا، والهيئة التنفيذية في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان رئيسا جديرا متفانيا. وبغيابه، يترك جرحا بليغا في قلوب أشقائه وشقيقتيه وعائلاتهم، وأهالي القصيبة الأعزاء”.

وتابع: “تربى في بيت مسيحي ماروني، بيت المرحوم زعيتر زيدان، وفي أسرة ازدانت بالوجوه الكهنوتية والرهبانية والاسقفية. وتنشأ فيها على عاطفة المودة الأخوية لأشقائه الثلاثة وشقيقتيه وأولادهم. وآلمته في العمق وفاة شقيقه فريد وابن شقيقه فؤاد الشاب فوزي، فكان لعائلاتهم الوجه المعزي. دخل المدرسة الإكليريكية في غزير، وتابع فيها دروسه الثانوية، وتلقى أسس التربية الكهنوتية، وواصل دراسة الفلسفة واللاهوت في جامعة الروح القدس – الكسليك، وسيم كاهنا في مثل هذا اليوم، 23 تشرين الاول 1971 بوضع يد المثلث الرحمة المطران الياس فرح، الذي أرسله لمتابعة دروسه العليا في الفلسفة واللاهوت في الجامعة الكاثوليكية بواشنطن حيث نال شهادة الدكتوراه”.

وأردف: “بدأ خدمته ونشاطاته الكهنوتية سنة 1980، فتوزعت بين تعليمية وإدارية وكنسية وراعوية. فعلى صعيد التربية والتعليم، تولى في مدرسة مار يوسف قرنة شهوان مهمة نائب رئيس، ثم رئيس في فترات متقطعة لمدة 16 سنة، ارسى خلالها الاسس لتربية متينة وعلم ورفيع. وفي كل من الجامعة اللبنانية، وجامعة الروح القدس – الكسليك، أسند إليه تعليم مادة الألسنية العامة وعلم التأويل. وشغل منصب أمين عام المدارس الكاثوليكية، والعضوية في رابطة المدارس الخاصة المسيحية والإسلامية، ومثل المنطقة العربية في الأمانة العامة للمكتب الدولي للمدارس الكاثوليكية، ثم تولى رئاسته لمدة 13 سنة. وعين عضوا في مجلس إدارة صندوق التعويضات للمدارس الخاصة. وعلى الصعيد الراعوي، خدم في أكثر من رعية، منها في الولايات المتحدة الأميركية مثل رعية سيدة لبنان في واشنطن، ومار شربل في بورتلند (اريغان)، وفي لبنان رعية مار أشعيا برمانا. وأسس رعية القيامة في الرابية وبنى مع ابنائها هذه الكنيسة الجميلة التي سهر بدقة على تفاصيلها. وكنا على موعد معه في الايام المقبلة لتبريك ايقونتها. اننا في هذه الكاتدرائية العزيزة على قلبه نرافقه اليوم في رحيله الى بيت الآب. وعلى صعيد الإدارة، أسندت إليه في الأبرشية رئاسة لجنة الفن الكنسي ومنسقية مشاريع الرعايا ومهمة نائب عام. وفي الكنيسة، عين مرشدا عاما لجمعية مار منصور دي بول، ومديرا عاما للمركز الماروني للتوثيق والأبحاث، ورئيسا للجنة الأسقفية للمدارس، وأخيرا رئيسا للهيئة التنفيذية في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان”.

وقال: “لقد تعاون بروح الطاعة الكهنوتية مع المثلث الرحمة المطران الياس فرح، ثم مع خلفه سيادة أخينا المطران يوسف بشاره الذي وجد فيه خير معاون ونائب عام. فحققا معا نهضة كبيرة في الأبرشية على كل صعيد، حتى باتت أبرشية نموذجية. وعندما قدم المطران يوسف استقالته من إدارتها بداعي العمر القانوني، احاطه الاحترام والعناية الكاملتين في الحياة معا بكل أخوة.وبفضل ما تميزت به شخصيته من صفات وقدرات ادارية وتربوية وراعوية، وفضائل كهنوتية واستعدادات داخلية قلبية وروحية، انتخبه سينودس اساقفة كنيستنا المقدس معاونا ونائبا بطريركيا سنة 2011. وقد سررنا، بالتعاون معه في بداية خدمتنا البطريركية لما حققه من انجازات ادارية وعمرانية في الكرسي البطريركي، وبخاصة تنظيم مكاتب الدائرة البطريركية وامانتها العامة”.

وقال: “بعد سنة 2012، سر المطران يوسف والأبرشية كهنة ورهبانا وشعبا بانتخاب المطران كميل خلفا له، لكونه “يعرف خرافه وخرافه تعرفه” (يو 14:10)، ويعرف بكل دقة وتفاصيل الرعايا والأوقاف وحاجاتها، فواصل النهضة الروحية والراعوية والإدارية. ونشأت بينه وبين الجسم الكهنوتي مشاعر محبة، وتعاون مخلص، ونعم بثقة كل أبناء الأبرشية ومحبتهم واحترامهم لشخصه وتوجيهاته وقراراته”.

وختم: “لقد أدى المطران كميل رسالته الكهنوتية والأسقفية كاملة. واليوم في الذكرى الثامنة والأربعين لرسامته الكهنوتية والثامنة لأسقفيته، ينتقل إلى بيت الآب في السماء ليسلم للمسيح الرب كنزه ناصعا ومجملا، وينضم إلى طغمة الأحبار الأنقياء في مجد السماء، ويشفع، بملء الكهنوت إلى الأبد، بالكنيسة والأبرشية والعائلة. رحمه الله وسكب على قلوبكم بلسم العزاء، وعوض على كنيستنا والأبرشية برعاة صالحين”.

بعد ذلك، منح الوزير بو صعب باسم رئيس الجمهورية المطران زيدان وسام الارز الوطني من رتبة كوموندور، وقال :”أيها الفقيد الغالي، تقديرا لرسالة المحبة التي جسدتها في مسيرة حياتك الروحية، قرر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منحك وسام الأرز الوطني من رتبة كوموندور، وكلفني وشرفني أن أضعه على نعشك في يوم وداعك ونتقدم من عائلتك بأحر التعازي”.