IMLebanon

الإستقلال في ساحتين متناقضتين!

كتب رولان خاطر في “الجمهورية”:

 

أعاد عيد الاستقلال السادس والسبعون الأمل الى اللبنانيين، وأنار شعلة الايمان بلبنان الجديد، لأنّها للمرة الأولى منذ عام 1943، يشعر اللبنانيون أنّهم فعلاً توحّدوا تحت راية واحدة وقضية واحدة وعلم واحد هو لبنان. وقد شاهد اللبنانيون عرضين: عسكري في اليرزة ومدني في ساحة الشهداء.
ترأس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، العرض العسكري الرمزي، في حضور الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري وكبار الضباط.

وفيما حمل احتفال اليرزة الكثير من الرسائل السياسية، استناداً الى الصورة التي تظهّرت، خصوصاً لجهة غياب الودّ بين الرئاستين الأولى والثانية من جهة، والرئاسة الثالثة من جهة أخرى، ابتكر الجيش طريقة مختلفة هذه السنة للتواصل مع المواطنين في العيد.

الجيش يخاطب المواطنين

نشر الجيش لوحات إعلانية على جميع الطرق. وكتب عليها رسالة غير مكتملة وتنصّ: «دفاعاً عن __ (املأ الفراغ) لبنان»، طالبة من المواطنين اللبنانيين ملء الفراغ بكلمة تعبّر عن آرائهم ومطالبهم الشخصية، وكان الخيار الثاني كتابة إجاباتهم على النسخة الرقمية للصورة نفسها ومشاركتها على منصات التواصل الاجتماعي».

وساهمت أربع شخصيات لبنانية مشهورة في إحياء الحملة، فأشارت الكابتن رولا حطيط، وهي أول طيار امرأة في شركة طيران الشرق الأوسط، الى أنّها ملأت الفراغ بكلمة «أمهات» لبنان، في حين ملأ الكاتب نزار فرانسيس الفراغ بكلمة «الدفاع عن وحدة» لبنان، واختار الممثل طوني أبو جودة الدفاع عن «كل» لبنان، أمّا مقدّم البرامج طوني بارود فاختار «مجد» لبنان.

ساحة الشهداء

في موازاة العرض العسكري في اليزرة، كانت ساحة الشهداء على موعد مع «عرض مدني»، في احتفال هو الأول من نوعه، تخللته مسيرات لأفواج مدنية تابعة لأكثر من قطاع ومنطقة في إطار مسيرة سلمية وحضارية.

وشارك في العرض المدني 41 فريقاً من مناطق مختلفة، وهي أفواج: الدراجات النارية والهوائية، الإرادة، العسكريون المتقاعدون، المعلمون، البيئة، المحامون، الطلاب، الأمهات، الأشبال، الآباء، الأطباء، الاعلام، خبراء ومكافحة، زراعة، مهندسون، الايقاع، العمال، الصناعيون، المواصلات، الاندفاع، حقوق النساء، الحرفيون، التجارة، الفنانون، نساء ورجال أعمال، مبدعون، طاقة، رياضة، سياحة، الطناجر، حقوق الإنسان، المشاة، المغتربون، الموسيقيون، الناشطون، وأفواج الجنوب، الشمال، البقاع، جبل لبنان، وبيروت.

المقاربة السياسية للساحتين

علّق النائب السابق مصطفى علوش في حديث لـ«الجمهورية» على الصورة التي جمعت الرؤساء الثلاثة في اليرزة، فاعتبر أنّ الودّ يبدو مفقوداً بينهم، لأسباب قد تتعلق بكلام في الكواليس على المستوى الشخصي، ولو أنّ الظرف اليوم ربما يتطلب تبادل الابتسامات، إلاّ ان الرئيس الحريري يشعر بخطورة المرحلة جيداً ووجهه المتجهّم ما هو سوى تعبير عن الأزمة السياسية، وانّ هناك رؤيتين متناقضتين في البلد.

وقال: «المشهدية الرسمية لعيد الاستقلال هذه السنة كانت كئيبة عبّرت عن مأزق السلطة، وتركت انطباعاً بأنّ هذا الاستقلال اصبح لا يمثل اللبنانيين وخارج آمالهم. في المقابل تمكّن اللبنانيون من ان يقدّموا عرضاً انسانياً مليئاً بالاحاسيس والحماسة والرقي في ساحة الشهداء واعطوا صورة جديدة لم نعتد عليها».

وأضاف: «حتى الآن، جزء من هذه السلطة، أي فريق رئيس الجمهورية يعتبر أنّه إما ان يكون الوطن له او لا يكون، وفريق آخر يعتبر انّ معيار الوطنية هو بكيفية التبعية الى ايران وانّ مصلحة لبنان بالتبعية لايران، لكنّ المؤكّد انّ الحراك أوجد نمطاً جديداً وبعداً جديداً للعلاقة مع الوطن».

واعتبر عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ابراهيم كنعان لـ«الجمهورية»، «أنّ لا فرق بين الشعب والجيش، وهناك تكامل بينهما. وبمعزل عن الخيارات السياسية للاطراف وبمعزل عن الخيارات التي يؤمن بها الحراك، يجب ان يكون الجميع مؤمناً بالدولة، فانهيار الدولة انهيار للجميع، لذلك ما يقوم به الحراك يهدف لاصلاح الدولة وليس الى حالة طلاق كامل بينه أو بيننا وبين الدولة».

وقال: «كل طرف قام باحتفال يراه مناسباً، لكن في النهاية كلنا جددنا تمسكنا بالسيادة والاستقلال وباستقلالية الخيار السياسي. والأهم ان تكون خياراتنا السياسية مستقلة، كمجتمع مدني او كأطراف سياسية أو كأحزاب او كمسؤولين في الدولة، وان تكون هذه الخيارات بعيدة عن المصالح الخارجية».

وعلّق كنعان على مشهدية وزارة الدفاع بين الرؤساء الثلاثة، فاعتبر «أنّه في السياسة العلاقات الشخصية تمرّ في مراحل صعبة ولكن لا شيء يدوم. الاهم انّه لا يمكننا أن نسمح لخلافاتنا الشخصية أو السياسية ان تؤثر في هذه المرحلة المصيرية والكيانية. ومن ناحية رئيس الجمهورية هو ليس في هذا الوارد، والمهم هو انقاذ لبنان. والحوار من قِبل الرئيس قائم في المباشر وغير المباشر، ولا أحد يستطيع ان يأخذ قرار توقيف الحوار في ظل هذا الوضع الاستثنائي مالياً واقتصادياً».