IMLebanon

لبنان… الخارج يضْغط لـ «حكومة الآن» والداخل يلْهو بـ «عضّ الأصابع»

تحتدم «حرب» السقوف والمناورات في الطريق إلى الاستشارات النيابية المُلْزِمة لتكليف رئيس الحكومة العتيدة المحدَّدة يوم الاثنين، وسط توازُن سلبي يَحْكُمَ الواقعَ اللبناني.

وفيما بقي أطراف الائتلاف الحاكم أسرى الشروط المُتَقابِلَةِ حيال شكل الحكومة وطبيعتها ما يجعل مصير استشارات الاثنين مغلَّفة بغموضٍ كبير وسط علامات استفهام حول نهائية انعقادها والسيناريو الذي قد ترسو عليه، اكتمل «نصاب» الموقف الخارجي بإزاء الأزمة الحكومية التي باتت متشابكة مع المأزق المالي – الاقتصادي الكبير الذي صار يستولد «نكبات» اجتماعية – معيشية متدحْرجة يُخشى أن تُفْضي إلى انهيارٍ مريع.

وفي هذا الإطار برز تطوران:

الأوّل البيان الذي صدر عن اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان أمس، بعد اجتماعها في باريس بمشاركة ممثلين عن الكويت والإمارات والسعودية وقدّم «خريطة طريق» للحكومة الجديدة للخروج من الحفرة المالية وتفادي المخاطر الكبرى المترتبة على التأخير في بت هذا الملف.

واعتبر «ان عدم تشكيل حكومة يؤدي الى تهديد الاستقرار ووحدة لبنان وسيادته ووحدة أراضيه واستقلاله السياسي»، مطالباً «بحكومة تشكل سريعاً وتكون ذات صدقية لتنفيذ حزمة الاصلاحات الضرورية وتنفيذ سياسة النأي بالنفس عن الصراعات والازمات الاقليمية، ومعالجة الفساد واعتماد خطة لاصلاح قطاع الكهرباء وتشكيل الهيئة الناظمة له وذلك ضمن فترة زمنية محددة (…) وان توضع موضع التنفيذ الاصلاحات التي وعدت بها الحكومة خلال مؤتمر «سيدر» للاستفادة من التسهيلات المقدمة من الأسرة الدولية».

ودعت المجموعة السلطات اللبنانية إلى اعتماد ميزانية موثوقة للعام 2020 في غضون أسابيع من تشكيل الحكومة الجديدة.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان، أن المجتمع الدولي يشترط أي مساعدة مالية بتشكيل حكومة اصلاحية.
وقال إن «المعيار الوحيد يجب أن يكون فاعلية هذه الحكومة على صعيد الاصلاحات التي ينتظرها الشعب. وحده هذا النهج سيتيح لجميع المشاركين في هذا الاجتماع وسواهم أن يقوموا بتعبئة ليقدموا الى لبنان كل الدعم الذي يحتاج اليه».

والثاني كلامٌ ذات دلالات أطلقه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وأعلن فيه «سنرى تشكيل الحكومة اللبنانية قبل الاستجابة لطلبات الدولة»، معتبراً «أن المسؤولية بيد الشعب اللبناني حول المطالبة بالسيادة والاستقلال عن القوى الخارجية»، ومؤكداً «نطالب بحفظ سيادة لبنان وتحرره من التدخلات الخارجية ونحن مستعدون للمساعدة لإنعاش اقتصاده».

وجاء هذان الموقفان غداة دعوة القمة الخليجية للتعاطي بحكمة مع التطورات الأخيرة و‏بطريقة تلبّي «التطلعات المشروعة» للشعب اللبناني، ما عَكَس في رأي أوساط مطلعة أن الإحاطة الدولية الواسعة بالواقع اللبناني باتت عاملاً حاضراً في مسار استيلاد الحكومة في ضوء ارتسام معادلة خارجية من حدّين، وإن جرى التعبير عنها بدرجات متفاوتة، قوامها الدفْع نحو حكومة تحظى بثقة الشارع المُنْتَفض وتُطمئن في الوقت نفسه المجتمعيْن العربي والدولي من خلال عدم إعطاء إشاراتٍ في شكلها وتوازناتها إلى تموْضُع للبنان في المحور الإيراني وإلى جدّيتها في بدءِ تنفيذ الإصلاحات، وذلك كمدْخل ضروري لأي تسييلٍ لمخصصات «سيدر» أو مساعداتٍ أخرى.

وبعدما رسم رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، معادلة «إما أنا في الحكومة بشروطي أو فتِّشوا عن غيري»، انشغلتْ الأوساطُ السياسيةُ بتلويح «التيار الوطني الحر» بأنه لن يشارك في حكومة برئاسة الحريري وأنه سيتجه الى المعارضة، وبدت في إطار «عض الأصابع» الدائر حول رفْض زعيم «تيار المستقبل» أي عودة لرئيس «التيار» الوزير جبران باسيل إلى حكومة تكنو – سياسية تجري محاولاتٌ لتدوير زواياها وتخفيفها من «الأحمال» السياسية – الحزبية الثقيلة كمدْخل لاستدراج الحريري الذي يصرّ الثنائي الشيعي عليه رئيساً للحكومة لحسابات ذات صلة بضرورات الإنقاذ المالي – الاقتصادي والتعاطي مع المجتمع الدولي.

وترافق تهديد «التيار الحر» بالقفز إلى معارضةٍ في عهدٍ يترأسه مؤسِّسه وزعيمه التاريخي (الرئيس ميشال عون) مع إشاراتٍ من قريبين من عون إلى أن موعد استشارات الاثنين نهائي، في مقابل مؤشرات علنية إلى عدم تأييد الثنائي الشيعي أي خروج للتيار من الحكومة، وهو ما عبّر عنه بوضوح رئيس البرلمان نبيه بري الذي حمّل أحد نواب «الوطني الحر» أمس رسالة إلى باسيل تؤكد رفْض تشكيل حكومة لا يشارك فيها التيار وأن الأمور لا تُحلّ بهذه الطريقة.

وفي حين اعتُبرت «البطاقة الصفراء» من «التيار الحر» رفعاً لسقف التحدي بوجه الحريري ورسالة انزعاج من الثنائي الشيعي لتمسُّكه برئيس الحكومة المستقيل إلى جانب كونها «تُطَوِّرُ» معادلة الصراع بين باسيل وزعيم «المستقبل» من «إما معاً في الحكومة أو خارجها» إلى «إما أنا أو أنت فيها»، فإن الساعات المقبلة ستكون كفيلة تظهير المسار الذي سيسلكه ملف التكليف والتأليف في ظل سيناريوات عدة يجري رميها في التداول وبينها إمكان حصول تكليف «ضعيف» للحريري يصعّب عليه التأليف أو يُحْرجه ليُخْرجه بعدها، أو بروز تطورات تفرض إرجاء جديداً للاستشارات في ظل اعتبار خيارات مثل تسمية شخصية غير زعيم «المستقبل» بمثابة إعلان مواجهة مع الخارج ومع المكوّن السني.

عون: استشارات الاثنين مدخل لتأليف الحكومة الجديدة

أعلن الرئيس ميشال عون، أن «الاستشارات النيابية التي ستجرى الاثنين المقبل، تشكل مدخلاً لتأليف الحكومة الجديدة التي يفترض ان تعمل على تحقيق الاصلاحات الضرورية التي أقرتها الحكومة السابقة والاستمرار في عملية مكافحة الفساد، ما يفرض تعاون جميع الاطراف مع هذه الحكومة كي تتمكن من انجاز المهمات المطلوبة منها».
ونوّه عون أمام المستشار الاعلى للدفاع لشؤون الشرق الاوسط في الحكومة البريطانية السير جون لوريمر الذي استقبله أمس، بـ«اجتماع مجموعة الدعم الدولية في باريس»، شاكرا للدول المشاركة «الاهتمام الذي تبديه حيال لبنان».

لبنان يخسر يومياً 70 – 80 مليون دولار

بيروت – رويترز – قال وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال منصور بطيش، إن اقتصاد لبنان يخسر ما لا يقل عن 70 إلى 80 مليون دولار يومياً – نحو نصف دخله المعتاد – بسبب الأزمة التي تصيب البلاد بالشلل.
وأضاف بطيش أن الأزمة «تفاقمت كثيراً» وباتت تتطلب حلاً عاجلاً.