IMLebanon

“الحزب” على خطّ الحكومة… في ساعات “المفترق الحاسم”

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

ساعات حاسمة تشهدها المشاورات العابرة للمقار الرسمية، ومن شأنها أن تضع حكومة حسّان دياب أمام مفترق طرق. إما ينجح “حزب الله” في لمّ شمل حلفائه ورأب الصدع الذي نشأ على خطّ بعبدا – عين التينة، ليعيد الحرارة إلى “ميزان التأليف”، فتخرج الحكومة من عنق الخلافات القائمة بين أبناء الصفّ الواحد… وإما يغرق المشهد الحكومي في أزمة دستورية ستزيد من تعقيدات الأزمة المالية – الاقتصادية المستفحلة بما قد يؤدي إلى دخول البلاد في المجهول.

كل الاحتمالات بدت أمس مطروحة وبنسب متساوية. لا سيناريو غالباً على غيره ولا احتمال أسهل من غيره. لا بل الطريقان يشبهان حقليّ ألغام قد ينفجران في أي لحظة.

لا شك أنّ تهديد “تكتل لبنان القوي” بالانضمام إلى صفوف المعارضة، أربك الصفّ الحكومي خصوصاً وأنّ حلفاء “التيار الوطني الحر” يدركون جيّداً أنّ ما يقوم به الوزير جبران باسيل، لا يهدف إلّا للضغط على أهل بيته السياسي لا أكثر. يستخدم العونيون أسلوب التهديد بعدم المشاركة في الحكومة بما يعني حكماً الامتناع عن منح الثقة لحكومة دياب، وبالتالي سقوط الحكومة في فخّ تعريتها سياسياً بعد تخلي القوى الداعمة عنها… هي رسالة بالسياسة وليست قراراً نهائياً. “التيار” ليس من طينة القوى السياسية التي تستطيع التنفّس خارج مياه السلطة!

يؤكد مصدر قيادي في قوى الثامن من آذار، أنّ رسالة التهديد التي أطلقها “التيار الوطني الحر” يوم الأحد الماضي من خلال تعميمه خبر المؤتمر الصحافي “النوعي” الذي سيعقده رئيسه اليوم، بدت موجهة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري وليس إلى رئيس الحكومة المكلف، وذلك لإدراك باسيل أنّ بري مستاء جداً من الطريقة التي تصرف بها الفريق العوني في المفاوضات الحكومية. فداواه بالتي كانت هي الداء.

ولهذا يشير هؤلاء إلى أنّ مدخل المعالجة لأزمة التأليف يبدأ من خلال قيادة مبادرة تعمل على ترطيب الأجواء بين بعبدا وعين التينة قبل العودة إلى مطبخ التأليف، خصوصاً وأنّ “التيار”، وعلى عكس ما يردد مسؤولوه، سوّى العديد من بنود مفاوضاته مع رئيس الحكومة المكلف، وبالتالي يمكن حينها رفع منسوب المشاورات الحكومية.

ولذا شهدت الساعات الأخيرة محاولة جديدة من جانب “حزب الله” للتدخل مع حلفائه بحثاً عن صيغ تعيد الثلاثي إلى طاولة الحكومة المستديرة بشكل يسهّل عملية ولادتها، وتقوم هذه المحاولة على إعادة إحياء فكرة حكومة 18 اختصاصياً من غير السياسيين لا يكون فيها للفريق العوني (رئيس الجمهورية مع “تكتل لبنان القوي”) ثلث معطّل، والذي يرفضه الرئيس بري الذي عاد وأكد أمس أنّه يريد دياب “ولكن لا أريد له ان يقيدني ويقيد نفسه اذا كان هو لا يريد أن يمشي معي فأنا سأمشي معه”.

ولكن في حال باءت تلك المحاولة بالفشل، فهذا يعني أنّ “التيار الوطني الحر” حسم خياره باللجوء إلى المعارضة بالتوازي مع تمسك الرئيس بري بقرار البقاء خارج الحكومة، وهي خلاصة ستؤدي حكماً الى استحالة ولادة حكومة حسان دياب.

هذا السيناريو يصطدم بعقبة دستورية يعبّر عنها رفض دياب الاعتذار طالما أنّ الدستور يحمي تكليفه، وما من عامل قد يضغط عليه لسحب هذا التكليف منه. ولذا فإنّ تخلي قوى الثامن من آذار عنه، قد لا يدفعه، أقله في الوقت الحاضر، لرمي ورقة التكليف، ولو أنّ هذا السيناريو يرفع من احتمال العودة إلى مربع رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، والذي يشجّع عليه الرئيس بري ولا يمانعه “حزب الله”، الذي كان متحمّساً لتسوية تفاهم بين الحريري وباسيل لتشجيعه على اعادة تأليف الحكومة الجديدة.

ولكن هذا لا يعني أبداً أنّ “حزب الله” هو من يقف خلف تذمّر بري من سلوك رئيس الحكومة المكلف، أو أنّه يقف خلف تهديد باسيل بالانضمام إلى صفوف المعارضة، بغية العودة إلى خيار حكومة سياسية بسبب الأوضاع الاقليمية، بدليل أنّ دياب نفسه، لا يتردد في القول في مجالسه إنّ “حزب الله” أكثر الداعمين له وأكثر المسهلين لمشروع حكومته العتيدة، ذلك لأّن “حزب الله” مقتنع أنّ الحاجة إلى أي حكومة هي أهم من طبيعة هذه الحكومة في هذه المرحلة الحرجة، خصوصاً اذا ما تطورت الأمور خارجياً، وبالتالي هو أثبت أنه مستعد لتقديم كل التسهيلات الممكنة لقيام حكومة دياب ولا مصلحة لديه في تأخير الطبخة الحكومية أكثر.

العونيون: لن نغرق

ومع ذلك، يصرّ العونيون على عدم ربط موقفهم النوعي الذي سيطلقه باسيل اليوم، بأي محاصصة حاصلة حول الحقائب والأسماء، لافتين إلى أنّ “التيار” سبق له أن لمّح إلى نيّته بالانتقال إلى المعارضة، و”بعدما ثبّت رئيس الحكومة المكلف مبدأ حكومة الاختصاصيين أعدنا النظر بخيارنا وقررنا التشاور معه في برنامج عمل الحكومة ورؤيتها، وهذا ما أبلغه باسيل إلى دياب خلال اللقاء في مجلس النواب إبان المشاورات النيابية غير الملزمة، وقد تمنى عليه عدم انتظار تأليف الحكومة، للمضي قدماً في وضع خريطة طريق انقاذية”.

يضيفون: “ومع الوقت تبيّن لنا أنّ رئيس الحكومة المكلف غرق في متاهة الأسماء والحقائب، ولم نلمس منه أي جهد لوضع خطة انقاذية وبرنامج واضح، ولذا غلّبنا من جديد خيار البقاء خارج الحكومة بعدما تبيّن لنا أنّها مرشحة للغرق ونحن نرفض الغرق معها”.

يؤكد هؤلاء أنّ “اعتراضنا محصور بسلوك رئيس الحكومة المكلف وليس بالأسماء والحقائب. ولذا هي ساعات حاسمة قد تدفعنا إلى منح دياب فرصة جديدة إذا ما أثبت أنّه بصدد وضع خطة متكاملة. وإلا فإنّ “التيار” لن يتوانى عن مكاشفة الرأي العام بكل شيء”.