IMLebanon

التطبيع مع سوريا … أول ألغام “الحزب” على طريق حكومة دياب؟

لا يختلف اثنان على أن القوى المنضوية في المعسكر الموالي، تماما كما تلك التي يبدو أنها اختارت التموضع في صفوف المعارضة تشخّص الأزمة التي يمر بها لبنان على انها قد تكون من الأخطر على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ما يفسر أن تكون الأولوية الحكومية اقتصادية بامتياز. غير أن هذا لا ينفي أن بوادر مشكلة سياسية كبيرة بدأت تلوح في أفق الفريق الوزاري الحديث الولادة، على أن تكون حلبة الصراع الأبرز، ساحة النجمة في خلال جلسات التصويت على الثقة بالحكومة. إنها أزمة العودة إلى العزف على وتر التطبيع مع النظام السوري، خلافا لإرادة بعض اللبنانيين.

وفي السياق، تشير مصادر سياسية عبر “المركزية” إلى أن شريط الأحداث في لبنان في الأيام الأخيرة سجل تناقضا فاضحا بين أهل البيت الحكومي الواحد إزاء هذا الملف، ما يعكس عمق الأزمة التي قد تفجرها إعادة فتحه في هذا التوقيت السياسي الدقيق. ذلك أن رئيس الحكومة حسان دياب أكد أمام وفد الهيئات الاقتصادية أنه سيتشدد في موضوع النأي بالنفس، أمس. تزامنا، كان وزير الزراعة والثقافة الجديد عباس مرتضى يعلن أمام وفد من مزارعي الجنوب أن “الأولوية ستكون، بعد نيل الثقة، للتوجه نحو سوريا لبناء أفضل العلاقات معها وتسهيل انسياب البضائع عبر أراضيها إلى الأسواق العربية”.

وفي تشريح لهذا التناقض، تلفت المصادر إلى أنه يأتي في وقت لا تزال اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري تتفادى الغوص في مستنقع تحديد السياسة الخارجية للحكومة الجديدة، فيما المجتمع الدولي يراقب بعين الدقة الولادة القيصرية للبيان، ويتوقع من حكومة دياب التزاما واضحا بسياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن صراعات الاقليم الملتهب. إنطلاقا من هذه الصورة، يبدو كلام رئيس الحكومة الأخير إشارة ايجابية في اتجاه الشركاء الدوليين، لتأكيد الحاجة إلى رزمة المساعدات لانتشال لبنان من كبواته الكثيرة.

في المقابل، لا تخفي المصادر خشيتها من أن يكون حزب الله وبعض القوى الدائرة في فلكه تُعدّ العدّة لزرع أول الألغام على طريق حكومة دياب، مستفيدة من اختلال التوازن السياسي في البلاد لصالح محور معين.

وتذكّر المصادر بأن القوى المناهضة لسوريا ومحورها الاقليمي كالكتائب والقوات وتيار المستقبل والحزب الاشتراكي، غائبة عن الحكومة الجديدة، ما يعني أنها بعيدة عن مركز صناعة القرار السياسي، بما من شأنه أن يقلب المعادلات ويدفع لبنان إلى تطبيع علاقاته مع نظام يتهمه قسم لا يستهان به من اللبنانيين بالوقوف وراء جرائم وتفجيرات أودت بحياة كبار الشخصيات التي ناضلت لوضع حد لهيمنة دمشق ووصايتها على لبنان.

وفي انتظار انتهاء اللجنة من مهمتها الشاقة، تذكر المصادر أن وزير الخارجية ناصيف حتي يبدو اليوم أمام أول امتحان ديبلوماسي للحكومة الجديدة، حيث من المنتظر أن يؤكد موقف لبنان المؤيد لحق العودة للاجئين الفلسطينيين، والمبادرة العربية للسلام، مشددة على أن في لبنان إجماعا على أن النأي بالنفس لا يسري على الصراع العربي الاسرائيلي، لكنه بالتأكيد يهدف إلى إبعاد البلاد عن الحروب الاقليمية وسياسات المحاور، وهو ما يفترض أن يعيد التأكيد عليه نواب المعارضة في جلسات الثقة، المتوقع أن يحجبوها عن الحكومة الجديدة، إلا في حال التزمت النأي قولا وفعلا.