IMLebanon

الإفراج عن التشكيلات القضائية

كتب المحامي سعيد مالك في “الجمهورية”:

يوم عَيّنت الحكومة القاضي الرئيس سُهيل عبّود رئيساً لمجلس القضاء الأعلى، عَيّنته
إستناداً إلى سمعته ونظافة كفّه وعفّته وعلمه.
وترافق هذا التعيين بتأييد حقوقي عارم، إن كان من جهة القضاء، أم من جهة المحامين وأصحاب الحقوق، نظراً لما يتمتّع به الرئيس سُهيل عبّود من عِلم ومناقبيّة وأخلاقيّة لافتة.

ويُدرك القاصي والداني مقدار الفساد والذي ينهش في الدولة، وراهن الكافة دوZZإستثناء على دَور القضاء في مكافحته ووضع حدّ نهائي له.

وكان الرِهان الأوّل على التشكيلات والمُناقلات القضائية، والتي ستتمّ تحت إشراف الرئيس الأوّل القاضي سُهيل عبّود. وعَلّق الكثيرون الآمال، أن تكون هذه التشكيلات هي المِدْماك الأوّل في بناء مُكافحة الفساد ومُحاربته.

ولَيْل الخامس من شهر آذار الحالي، أَبْصر مشروع المُناقلات النّور، بعد أن أَنْجزه مجلس القضاء الأعلى بالإجماع، ورَفَعه إلى وزيرة العدل للموافقة عليه أصولاً.

وكان يُفْترض على معالي وزيرة العدل الموّقرة، الإطّلاع عليه، وتسهيل ولادته، وليس عرقلته، ووضعه في الأدراج.

صرّحت وزيرة العدل وفي أكثر من مناسبة، أنّها لن تسمح للسياسة بأن تتدخّل في التشكيلات والمُناقلات القضائية، وبأنّها ستقف سدّاً منيعاً بوجه مَن ستُسوّله نفسه عرقلة هذه التشكيلات….كذا….. .

ومنذ أيّام قليلة عادت وصرّحت بأنّها ليست «صندوق بريد»، يمُّر عبرها مشروع المُناقلات، دون أن يكون لها رأي فيه….كذا….. .

وحين أوْرَدْتُ أنّه لا يحّق لوزيرة العدل عرقلة ولادة هذه التشكيلات، لم أقصد أنّ دورها يقتصر ان تكون «ساعية بريد» لا أكثر ولا أقلّ.

إنّما القَوْل إنّ عليها أن تُسهّل الولادة لا أن تُعيقها، المقصود منه، ممارسة حقّها والذي نصّ عليه القانون، بالموافقة على هذه التشكيلات أم برفضها، وليس إيداع مشروع هذه المُناقلات أدراج وزارتها.

شَيَّعَ البَعض أنّ لِمعالي الوزيرة مهلة خمسة عشر يوماً للتقرير، عِلماً أنّ النص لا يمنح هذه المهلة على الإطلاق، ويكفي العودة إلى النصّ للتأكّد مما تقدّم.

 

نصّت المادة الخامسة المعدّلة من قانون القضاء العدلي، الصادر بالمرسوم الإشتراعي رقم 150/1983 تاريخ 16/9/1983 على ما حرفيّته:

«بالإضافة إلى ….. تُناط بمجلس القضاء الأعلى الصلاحيات التالية :

أ‌. وضع مشروع المُناقلات … وعرضه على وزير العدل للموافقة عليه.

ب‌. لا تُصْبِح التشكيلات نافذة إلاّ بعد موافقة وزير العدل.

عند حصول إختلاف في وجهات النظر بين وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى، تُعقد جلسة مُشتركة بينهما للنّظر في النِقاط المُخْتَلَف عليها.

إذا استمّر الخلاف، يَنظُر مجلس القضاء الأعلى مُجدّداً في الأمر للبَتّ فيه، ويتّخذ قراره بأكثرية سبعة أعضاء. ويكون قراره في هذا الشأن نهائيّاً ومُلْزِماً.

تَصدُر التشكيلات القضائية… بمرسوم بناءً على إقتراح وزير العدل…».

بالتالي، ليس هناك مهلة لوزيرة العدل من جهة.

كذلك، مَنَحَ النصّ لوزيرة العدل صلاحية الموافقة وصلاحية الرّد إلى مجلس القضاء الأعلى.

فصحيح أنّ معاليها ليست «صندوق بريد»، ولكنّها أيضاً مسؤولة عن عدم إعاقة ولادة التشكيلات، بوضعها والإحتفاظ بها في أدراج الوزارة. فإما أن توافق عليها، أم ترُدّها إلى مرجعها.

عندها تُعْقَد جلسة مُشتركة بينها وبين مجلس القضاء الأعلى، للنّظر في النقاط المُختلف عليها، وبحال إصرار مجلس القضاء الأعلى على مشروعه، يجب أن يتّخذ قراره بهذا الخصوص بأكثرية سبعة أعضاء من أصل عشرة. علماً أنّ ما تسرّب من معلومات يؤكّد أنّ مجلس القضاء الأعلى أفرج عن مشروع المُناقلات بالإجماع.

وبالخُلاصة،

 

ما دامت ثِقَتُنا بالرئيس الأول القاضي سُهيل عبّود ثابتة وأكيدة.

 

وما دامت التشكيلات القضائية قد تمّت إستناداً إلى معايير إعتمدها مجلس القضاء الأعلى

 

وما دام قرار الكافة مُتَّفِق، على عدم التدّخل بهذه التشكيلات، وعلى عدم إدخال السياسة إليها.

وما دامت الحكومة مُصرّة على مُحاربة الفساد.

فَلْنَمْنَح الفُرصة للرئيس سُهيل عبّود، المشهود له بِعِلمه ومَناقبيّته، ولنُكلّفه مهمة مُكافحة الفساد، ولنبتعِد عن وضع العراقيل أمامه وفي طريقه.

وإلى جانب معالي وزيرة العدل أتوجّه، مع إيماني المُطلَق بصُدق نواياكِ، ومع الإحترام الكامل لِعِلْمِكِ ونظافة كفِّكِ، مارسي صلاحيّتكِ بالموافقة أم بالرّد، المُهّم أن تُمارسيها، ولا تجعلي مشروع المُناقلات أسير أدراجِكِ، ورهينة السياسة.

فَلُبْنان أَوْلى وأسمى من أيّة حسابات ضيّقة ورخيصة.