IMLebanon

علاج أمني لخفض سعر صرف الدولار

كتبت رنى سعرتي في صحيفة “الجمهورية”:

إرتأت السلطات المالية والأمنية انّ أزمة تدهور سعر صرف الليرة يجب ان تتم معالجتها أمنياً، بما انّ الحلول المالية غير واردة، عبر تجييش الأجهزة الأمنية لفرض تطبيق تعميم مصرف لبنان على الصيارفة.

بعدما حدّد البنك المركزي سعر الصرف للتحاويل الواردة من الخارج عبر شركات التحويل المالية عند 3625 ليرة يوم الجمعة، وهو اليوم الاول الذي بدأ فيه تسديد تلك التحاويل بالليرة وليس بالدولار نقداً، أعلنت شركات تحويل الاموال، أمس، انّ مديرية العمليات النقدية لدى مصرف لبنان حدّدت سعر صرف الدولار للتحاويل النقدية الالكرونية الواردة من الخارج عند 3800 ليرة، على ان تزوّد الوحدة الخاصة المُنشأة في مديرية العمليات النقدية لدى مصرف لبنان، الشركات يومياً بسعر الصرف في السوق مع احتمال ان يتغيّر السعر خلال النهار الواحد، وفقاً للسعر المتداول لدى الصرافين.

إلّا انّ مصدراً في البنك المركزي كشف انّ مصرف لبنان سيحدّد سعر صرف الليرة عند 3200 للدولار على أن تطبّقه شركات تحويل الأموال اعتباراً من اليوم وحتى إشعار آخر، وذلك بعد صدور تعميم مصرف لبنان 553 أمس الاول والذي حدّد فيه سعر بيع الدولار لدى الصيارفة عند 3200 ليرة.

في المقابل، فشلت محاولة مصرف لبنان الثانية لفرض سعر صرف محدّد لدى الصيارفة بعد تعميمه السابق في شباط، والذي حدّد فيه سعر الصرف عند 2000 ليرة، وواصَل سعر صرف الدولار في السوق السوداء صعوده امس الى اكثر من 4000 ليرة، متجاهلاً العلاجات الوهمية والنفسية التي يتمّ اتّباعها من قبل السلطات النقدية، ولو انّ بعض الصيارفة حاولوا الالتزام بالتعميم وشراء الدولار بسعر صرف عند 3200 ليرة وعدم بيعه بحجّة فقدانه، وهي ذريعة واقعية لأنّ عرض الدولار في السوق بات نادراً جداً لدرجة انه لم يعد متوفّراً حتى بأسعار صرف تفوق الـ4300 ليرة.

وبعد قطع آخر المصادر للعملة الصعبة النقدية Fresh money، والتي كانت تتمثل بالتحويلات المالية عبر شركات التحويل المالية (حوالى 1.5 مليار دولار سنوياً)، وبعد توقّف المصارف كلياً عن تسديد الدولارات نقداً لعملائها، لم يعد هناك من دولارات في البلاد لامتصاصها من قبل البنك المركزي سوى تلك التي تم تخزينها في المنازل، وهي لن تعود الى القطاع المصرفي بسهولة، مهما كثرت إغراءات ومنتجات المصارف التحفيزية لاستقطابها، نتيجة انعدام الثقة.

امّا المصدر الآخر لتدفّق العملة الصعبة الى البلاد فهو أيضاً ما زال منقطعاً مع توقف الرحلات الجوية، وبالتالي فقدت السوق نسبة كبيرة من الدولارات التي كانت تدخل الى لبنان بالحقائب، خصوصاً من القارة السوداء.

ضبط السعر أمنياً

في هذا الاطار، أوضح نقيب الصيارفة محمود مراد لـ»الجمهورية» ان الاجهزة الامنية تتحرك جاهدة لضبط سوق الصيرفة لفرض التطبيق الكامل لتعميم مصرف لبنان الذي حدّد سعر الصرف عند 3200 ليرة، متمنياً ان يتم تنفيذ هذا التعميم بأي طريقة من اجل خفض الضغوطات على السوق. وكشف انه اجتمع مطوّلاً امس مع قائد الجيش جوزف عون، وتمّ الاتفاق على ضرورة ان تضرب الاجهزة الامنية بيد من حديد لتوقيف الصرّافين غير الشرعيين الذين باتت أعدداهم بالمئات.

واشار مراد الى انّ معالجة أزمة تراجع سعر الصرف بدأت اليوم بالعلاج القضائي الأمني، على امل ان يَليه علاج سياسي يؤدي الى إراحة السوق، لافتاً في المقابل، الى انّ المعالجة الجذرية ضرورية خصوصاً بعد فقدان الدولار اليوم في السوق نتيجة وقف تسديد التحويلات الواردة من الخارج عبر شركات تحويل الاموال بالدولار، وووقف السحوبات النقدية بالدولار في المصارف، بالاضافة الى انقطاع الاموال التي كانت تصل الى لبنان بالحقائب عبر الرحلات الجوية. وبالتالي، رأى مراد انه في حال لم يَضخّ مصرف لبنان العملة الصعبة في السوق، ولم يتم ضبط السوق أمنياً من ناحية الصرافين غير المرخصين، فإنّ الأزمة ستبقى قائمة وقد تشهد اسعار الصرف مستويات جديدة.

وأكد أنّ الصرافين المرخصين ملتزمون بتعميم مصرف لبنان، وهم يتعاملون وفقاً لسعر الصرف المحدّد عند 3150-3200 ليرة، «إلا انّ من قام ببَيع الدولار يوم الاحد بسعر صرف عند 4100 – 4000 ليرة لن يقبل اليوم ببيعه بـ3150، وبالتالي كان هناك تراجع أمس في عمليات الشراء والبيع لدى الصيارفة بنسبة حوالى 70 في المئة».

دولار المصارف بـ3000

في موازاة ذلك، حدّدت جمعية المصارف سعر صرف الدولار للسحوبات من الودائع بالعملات الاجنبية وفقاً لتعميم مصرف لبنان الرقم 151 عند 3000 ليرة أمس، إلّا انّ مصادر مصرفية كشفت لـ«الجمهورية» انّ تلك التعاميم لم تدخل حيّز التنفيذ بعد لدى قسم كبير من المصارف بانتظار بدء عمل منصّة مصرف لبنان الالكترونية، بالاضافة الى انّ التعاميم لا تتضمّن آلية واضحة لتطبيقها على كافة شرائح المودعين، ولم يتم بعد تحديد سقوف لعميات السحب المسموح بها شهرياً.