IMLebanon

رسائل في خطاب “القوات”…

كتب رولان خاطر في “الجمهورية”:

يستغرب المراقبون السياسيون ومتابعو خطاب «القوات اللبنانية» أحياناً أسلوب التفكير القوّاتي، فيما يتوقعون منها مواقف محدّدة على أحداث معينة، انسجاماً مع ما تعتبره «القوات» خطاً تاريخياً وثوابت تحدّد كيفية العمل السياسي. في حين تفرّق «القوات» بين التكتيك الذي هو عامل مَرن، والاستراتيجيا التي تنظّم أسس تفكيرها ومسيرتها. هذا المعطى ينطبق على خطاب «القوات» في المرحلة الأخيرة، وخصوصاً في ضوء رفض القوى السيادية، أي المستقبل والاشتراكي، لحكومة حسان دياب، من دون رغبة بالدخول في مواجهة مباشرة مع «حزب الله»، فيما يسأل المراقبون عن سبب التهدئة التي تعتمدها معراب تجاه الحكومة و»حزب الله».

بالنسبة لـ»القوات»، «لا مهادنة مع أحد، إن مع الحكومة أو مع «حزب الله». أما السبب الرئيسي للتهدئة مع حكومة حسان دياب فتردّه «القوات» إلى الأزمة المالية غير المسبوقة في تاريخ لبنان، والتي بدأت تُدخِله في مرحلة من الغضب الشعبي الكبير. وغياب أي معالجة جدّية لهذه الأزمة قد يُدخل لبنان في فصول مأساوية، وهو أمر لا تريده «القوات» التي حذّرت مراراً، ودعت منذ سنوات لتركيز الاهتمام على الواقع المالي والاقتصادي بعيداً من التشنجات السياسية تلافياً للوصول إلى ما وصلنا إليه».

لذا تسأل «القوات»: «من يضمن تشكيل حكومة أخرى في حال تمّ إسقاط حكومة دياب في ظل شارع غاضب ومنتفض، وفي ظل ازمة دولار ورغيف وحالة معيشية كارثية؟ ومن يضمن ألّا يشكّل سقوطها سقوطاً لباقي مؤسسات الدولة؟ من هنا، فإنّ الهمّ اليوم ان تتمكن هذه الحكومة من معالجة الأزمة المالية».

لكنّ معراب، التي تصرّ على انتقاد الحكومة إذا أخطأت، والثَّناء عليها إذا أحسنت، لا تستبعد من حساباتها إسقاط هذه الحكومة إذا تطلّب الأمر ذلك، شرط أن «يكون هناك نوع من توافق وطني على حكومة اختصاصيين مستقلين لا تشبه الحكومة الحالية، ويُصار الى تشكيلها في غضون ساعات قليلة من رحيل حكومة دياب».

وتقول مصادر معراب: «نحن لا ندافع عن الحكومة، لكن ما نقوله هو ماذا بعد؟ موقفنا ينطلق من غياب البدائل»، خصوصاً أننا «أساساً على بعد أسابيع من فوضى بدأت تتّضِح معالمها، في حال لم تضع الحكومة وسريعاً خطة مالية إنقاذية، تستطيع أن تعطي ثقة للناس وللخارج من أجل أن يستعيد لبنان استقراره. من هنا، أولوية «القوات»، الاستقرار أولاً وثانياً وثالثاً».

على هذا الأساس، ترى «القوات» أنّه «يجب ان تُمنح هذه الحكومة الفرصة المناسبة لتتمكّن من إخراج لبنان من أزمته المالية. وفي حال عجزت عن ذلك فهي تتحمّل المسؤولية والأكثرية الحاكمة التي تقف خلفها والتي حتى الآن تمنعها من تحقيق الأهداف المطلوبة. لذلك، وحتى إشعار آخر سنبقى في هذا التَموضع، نؤيّد حيث يجب ان نؤيّد، ونعارض حيث يجب ان نعارض».

رسائل كثيرة حملها كلام رئيس «القوات» في الأمس القريب وباتجاهات عدّة، وتحديداً إلى حلفائه في 14 آذار سابقاً، وهي أنّ هذه التجربة، بشقّها الخاطئ، لا يمكن السقوط فيها مرتين، لجهة غياب الرؤية المشتركة المتكاملة بين أطرافها، فسقطت عند أول منعطف، وهو استحقاق الانتخابات النيابية، لتعاود الكرّة في الاستحقاق الرئاسي. لذلك، للقوات شروطها لقيام جبهة سياسية، تعتبرها أكثر من ضرورة في هذه المرحلة، وهي أنّ أيّ جبهة يجب ان تُبنى على رؤية مشتركة متكاملة، يجب ان تجمع ما بين الرؤية الوطنية والسياسية وبين الرؤية الميثاقية، وان يكون هناك اتفاق على طريقة إدارة الدولة، وكيفية إنتاج السلطة، والتعاون بين أركان هذه الجبهة ولا يفتح كل طرف على حسابه، والاتفاق على نقاط وملفات أخرى، كقانون الانتخابات وغيره. وإلّا فإنّ التنسيق قائم بين «القوات» و»الاشتراكي» و»المستقبل» ولا يوجد قطيعة».

ترفض «القوات» الاعتبار انّ البلاد واقعة بيد «حزب الله». وتقول: «الخوف الفعلي هو ان تقع البلاد في الفوضى، ومن سقوط الهيكل. فالقوات لم تذهب الى اتفاق الطائف بالصدفة، بل لأنّها تريد الدولة في لبنان».

وتضيف: «لا نبرّد مع «حزب الله»، لا مهادنة ولا مسايرة، إنما عنوان المرحلة اليوم يختلف عن مرحلة 8 و 14 آذار. وقتذاك، كان العنوان السلاح، امّا اليوم فعنوان المرحلة هو الأزمة المالية والاستقرار النقدي والاقتصادي، من دون ان يمنعنا ذلك من المصارحة بالحقيقة. مذكّرة برسالة الدكتور سمير جعجع الى الرؤساء الثلاثة، والتي رفض فيها وضع لبنان في سياسة المحاور، وطلب التدخّل لمنع «حزب الله» من جرّ لبنان الى مواجهة إيرانية أميركية».

وتؤكّد انّه «على رغم انّ باقي الأطراف هي على تواصل مع الحزب، لا يمكن ان يكون للقوات أي تواصل لا من قريب ولا من بعيد معه خارج إطار سقف المؤسسات».

وتجدّد معراب توجيه رسائلها المثلثة الأضلع إلى الضاحية الجنوبية: أولاً، ان ينسحب «حزب الله» من أزمات المنطقة لأنّ انسحابه يؤدي الى إراحة علاقات لبنان الخارجية، وأيضاً لا يجوز لحزب لبناني أن يقاتل خارج لبنان.

ثانياً، ان يسلّم سلاحه للدولة اللبنانية، إذ لا يمكن ان تستقيم الدولة وقرارها الاستراتيجي ليس بيدها، فيجب ان تكون الدولة هي الوحيدة التي تملك قرار الحرب والسلم.

وثالثاً، ان يكون الحزب فعلاً لا قولاً مع بناء دولة القانون والدستور، وان يساهم في إقفال المعابر غير الشرعية وضبط الشرعية منها، ويرفع الغطاء عن حلفائه الفاسدين، وأن يندرج ضمن سقف المطلوب لإدارة وبناء الدولة في لبنان».