IMLebanon

تسعيرة الدولار إفتراضية بانتظار الصرّافين

كتبت رنى سعرتي في صحيفة “الجمهورية”:

ما زال اعتكاف الصيارفة فئة «أ» عن العمل مستمراً لأسباب مجهولة، في حين انّ عدداً قليلاً من صغار الصيارفة الشرعيين عاودوا الاثنين فتح محالهم، لكنهم لم يستأنفوا نشاطهم كما كان مقرّراً، وفق الآلية التي تمّ الاتفاق عليها مع مصرف لبنان، والتي تنصّ على الالتزام بسعر الصرف المحدّد عند 3200 ليرة لبيع الدولار، وبجمع المعلومات الشخصية عن الزبائن وارقام الدولارات التسلسلية التي يتمّ بيعها او شراؤها، والتقيّد ببيع 200 دولار شهرياً فقط للشخص الواحد.

فتح الصرافون الاثنين لكنهم امتنعوا عن بيع او شراء الدولارات، لأنّهم لم يتبلغوا، على حدّ تعبير احدهم، بسعر الصرف الذي يجب اتباعه في عمليات الصيرفة، علماً انّ نشاط الصيرفة في السوق السوداء بقي نشيطاً الاثنين، رغم انّ الاسعار تراجعت من ذروة 4300 ليرة مقابل الدولار الى 3900 ليرة الاثنين، في حين انّ سعر الصرف لدى المصارف ما زال عند 3000 ليرة ولدى شركات تحويل الاموال عند 3200 ليرة.

لماذا انحرف مسار هبوط سعر صرف الليرة في السوق السوداء وما هي التوقعات للفترة المقبلة؟

الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، رأى انّه مع بداية تدهور سعر صرف الليرة، حذّر الصيارفة من طريقة عملهم، والتي ستؤدّي في نهاية المطاف الى تضرّرهم، حيث انّ الطلب على الدولار كبير جداً وناتج من حاجة المستوردين، وعن تخزين الدولارات في المنازل، في مقابل عرض قليل للدولار، وآخذ في التراجع، لأنّ مصدره الوحيد بات تحويلات المغتربين لعائلاتهم في لبنان. وبالتالي، شرح حمود للصيارفة انّ رفع سعر صرف الدولار الى أعلى المستويات، لن يؤدي الى زيادة العرض، لأنّه لا يتبع في ظل الأزمة الراهنة، قواعد السوق التي تنصّ على ارتفاع العرض مع ارتفاع سعر الصرف، وذلك نتيجة محدودية العرض وعدم امكانية زيادته مهما بلغ ارتفاع سعر صرف الدولار، نتيجة تجميد 100 مليار دولار في المصارف.

وقال حمود لـ«الجمهورية»، «انّ الدولار مفقود اليوم، لا بسعر الـ3200 ليرة ولا بسعر الـ4000 ليرة، ولن يعود سعر صرف الدولار الى التراجع قبل عودة تدفق الاموال الى لبنان واستعادة القطاع السياحي عافيته وعودة التحويلات المالية الى لبنان على شكل ودائع وليس للاستهلاك الشخصي كما هو الحال اليوم. لكنه للاسف احتمال معدوم في ظلّ الصراع الحالي».

واكّد، انّه «يتمّ العمل على اطلاق منصّة مصرف لبنان الالكترونية، والتي ستحدّد سعر الصرف اليومي للدولار، والذي سيتمّ اعتماده في السوق الموازية، ومحاسبة كل من يخالفه من الصيارفة المرخصين».

مشدّداً على انّ بدء عمل المنصة لا يعني بتاتاً توفّر الدولارات في السوق، بل تحديد وتثبيت سعر المعروض منه، والمقدَّر اليوم بحوالى 5 ملايين دولار يومياً في مقابل 10 ملايين دولار سابقاً. ولفت الى انّ حاجة السوق تبلغ حالياً حوالى 600 مليون دولار شهرياً متراجعة من حوالى مليار دولار في السابق، علماً انّ المتوفر منها حاليا 150 مليون دولار فقط.

واشار حمود، الى انّ مصرف لبنان يقوم بتدخلات في السوق النقدية، رغم انّ ذلك يتنافى مع اقتناعاته ومع امكانياته، وهو يلعب هذا الدور غصباً عنه ورغم درايته انّ الطلب على الدولار يفوق اضعاف العرض، وبالتالي لا يمكن ان يتوازن العرض مع الطلب في المدى المنظور.

وختم مؤكّداً، انّ هذا الواقع، اي عدم توفر الدولارات، سينعكس تراجعاً في الاستيراد ونقصاً في السلع الموجودة في الاسواق.

من جهته، شرح المتخصّص في عمليات الصيرفة والاستثمار عمر تامو لـ«الجمهورية»، انه طالما لا يزال نشاط الصيارفة من الفئة «أ» (صيارفة الجملة) متوقفاً، لا يمكن تحديد سعر صرف الدولار حالياً، والقول انّ سعره قد تراجع فعلاً في اليومين الماضيين، لأنّ السوق السوداء تعتمد على السعر المتداول به لدى الصيارفة المرخصّين، لتحديد سعر الصرف الخاص بها لشراء الدولار وليس بيعه. وقال: «انّ ما يجري اليوم في السوق هو تلاعب بالاسعار فقط»، جازما بأنّه يمكن تحديد سعر صرف الدولار عندما يبدأ الصيارفة ببيع الدولارات. وأوضح تامو، انّ سعر صرف الدولار (شراء وليس بيعاً) في السوق السوداء تراجع في الايام الماضية، لأنّ سوق الصيارفة مقفلة تماماً، وبالتالي يستغل الصيارفة غير الشرعيين هذا الاقفال للتلاعب بالاسعار.

وقال، انّ حَمَلة الدولارات لن يقبلوا بعد اليوم ببيع الدولارات بسعر يقلّ عن 4000 ليرة، وقد يفضّلون الاستدانة بالليرة اللبنانية على صرف الدولارات بأسعار أقلّ من ذلك. مشيراً الى انّ ضخ السيولة من قِبل مصرف لبنان لن يساهم اليوم في خفض الاسعار، بل سيكون بمثابة خسارة له، لأنّ المضاربين كثر في السوق وسيسارعون الى شراء كافة الدولارات.

في الختام، اكّد تامو، انّه مع استمرار اقفال المطار، وتسديد المصارف الودائع بالدولار بالليرة على سعر 3000 ليرة، فأنّه لا يوجد سقف لهبوط سعر صرف الليرة في الفترة المقبلة، كما انّ كافة الاجراءات التي يتمّ الحديث عنها للجم الاسعار في السوق الموازية، لن تكون مجدية وهي غير قابلة للتطبيق.