IMLebanon

قانونيون: الثقل المعنوي يبدأ من الإستقالات الكبيرة

كتب رولان خاطر في صحيفة “الجمهورية”:

بعد الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، عمد قلّة من النواب إلى اتخاذ قرار الاستقالة من مجلس النواب، كتعبير طبيعي وقانوني في الاعتراض على استمرار هذه السلطة في الحكم، ونزولاً عند رغبة العديد من المواطنين جراء ما أصابهم من ويلات ناتجة من الانفجار. فهل لهذه الاستقالات أي مغزى أو تأثير قانوني في إسقاط المجلس والوصول إلى انتخابات نيابية مبكرة؟

لم يكد يقع الانفجار حتى بدأت ردّات الفعل الشعبية تجاه المسؤولين والأحزاب الموجودة في الحكم، طالبين منهم الاستقالة. فأُسقطت حكومة حسان دياب، وبقي مجلس النواب عائقاً أمام دعوات المواطنين والمتظاهرين، من اجل إنتاج سلطة جديدة تبدأ بإجراء انتخابات نيابية مبكرة.

تقود «القوات اللبنانية» معركة التخلّص من السلطة القائمة، عبر التخلّص من الأكثريّة النيابيّة التي تقوم على أساسها هذه السلطة، والمتمركزة في مجلس النواب. وبحسب ما أعلن الدكتور سمير جعجع، أنّ طريقة التخلّص من مجلس النواب الحالي هي ان نتمكن من تجميع ما يكفي من الاستقالات النيابيّة ليصبح المجلس النيابي الحالي في حالة سقوط فعليّة، ولو لم يسقط قانونياً من أجل الذهاب إلى انتخابات نيابيّة مبكرة للوصول إلى أكثريّة نيابيّة مختلفة واستطراداً سلطة مختلفة».

وللغاية، حاولت «القوات» التواصل مع «الاشتراكي» و»المستقبل»، للإقدام على خطوة مشتركة من المجلس، لأنّ استقالة «القوات» وحدها لن تردع محور السلطة من الدعوة إلى انتخابات فرعية، ما يعزّز فرصه لتأمين أكثر من 90 نائباً في البرلمان، اذا تمّت الدعوة الى انتخابات فرعية، لملء شغور المقاعد في البرلمان، والتي سيكون عددها نحو 23 اذا احتسبنا عدد نواب «القوات» إلى عدد النواب الـ8 الذين استقالوا من البرلمان.

لهذه الأسباب امتنعت «القوات» عن تقديم الاستقالة التي هي أصلاً موجودة في جيوب نوابها. لكن، هذا الامر لم يقنع العديد من المواطنين، الذين يصرّون على ان يستقيل النواب «الأوادم» من المجلس. فما هي الآثار القانونية المترتبة على ذلك، وهل استقالة النواب الثمانية ستؤثر في المشهد السياسي العام؟

يقول الخبير القانوني حسان الرفاعي لـ»الجمهورية»: «عندما يحصل شغور في مجلس النواب، أياً كان سببه، إن عن طريق الوفاة او عن طريق الاستقالة، تتمّ الدعوة إلى انتخابات فرعية ضمن مهلة شهرين وفق ما يلحظ قانون الانتخابات. لكن في أي وضع استثنائي، تعلن الدولة أنّه يتعذر إجراء الانتخابات فتؤجّلها، وبالتالي، نحن اليوم أمام وضع استثنائي، لذا يمكن للدولة ان تؤجّل الانتخابات الفرعية إذا أرادت من دون إلغائها».

ويضيف: «انطلاقاً من هذا الواقع، الاستقالات الفردية التي حصلت أخيراً لا تغيّر بالواقع السياسي بشيء، ولا يمكن أن تسهم في تمهيد الطريق للوصول إلى انتخابات مبكرة، وحتى لو كان العدد أكبر من الذين استقالوا. فالانتخابات المبكّرة تتطلب قانوناً يصدر من مجلس النواب نفسه، يقصّر فيه ولايته لإجراء هذه الانتخابات».

ويذكّر الرفاعي، بأنّه «بعد اتفاق الطائف تقرّر إجراء الانتخابات في العام 1994، إلّا انّ المجلس نفسه قصّر ولايته، فأُجريت الانتخابات في العام 1992».

ويوضح، أنّ «تقصير الولاية يتطلب نصاب الجلسة العادية، أي النصف زائداً واحداً، ومن ثم يمكن إصدار القانون بتصويت الأكثرية العادية الموجودة في الجلسة، إلاّ أنّه بحسب ما يتبيّن اليوم، فإنّ أي تقصير لولاية المجلس لن يُقدم عليها البرلمان إلّا اذا تكونت قناعة لدى الغالبية بضرورة تقصير الولاية وإجراء انتخابات مبكرة».

أما في ما يتعلق بكثرة الاستقالات، «فلا قانون يُلزم حلّ مجلس النواب»، يقول الرفاعي، «لكن ارتفاع عدد المستقيلين يمكن ان يطرح معضلات وعلامات استفهام كثيرة، اولها، كيفية انتخاب رئيس الجمهورية، خصوصاً أنّ انتخاب الرئيس المقبل يحصل قانوناً بعد الانتخابات النيابية. فاذا استقال على سبيل المثال ثلث النواب زائداً واحداً، عندها يتمّ فقدان القدرة على تأمين نصاب لانتخاب رئيس للجمهورية مثلاً، في حال شغور موقع الرئاسة لأي سبب كان، قبل ان يحين موعد الانتخابات الرئاسية قانوناً في الـ2022».

ويؤكّد الرفاعي أنّ «الاستقالات التي حصلت اليوم في المجلس، حتى لو تضاعفت لن تؤثر بشيء. الثقل المعنوي يبدأ من خلال الاستقالات الكبيرة، اي استقالة كتل نيابية كبيرة، وهذا يؤثر بطبيعة الحال على مسار عمل المجلس».

من جهته، يقول الخبير القانوني الأستاذ سعيد مالك لـ»الجمهورية»: «من الثابت أنّه بالعودة الى احكام الدستور مهما بلغت اعداد الاستقالات فلا شيء يؤدي الى اسقاط المجلس النيابي دستورياً، ويمكن في أيّ وقت الذهاب باتجاه انتخابات فرعية لملء الشواغر عملاً بأحكام الدستور».

وفي ما يتعلق بإمكانية سقوط المجلس، يقول مالك: «الحل الأول يكون باستقالة كتل عدة، التي يمكن ان يشكّل غيابها غياباً للميثاقية، ميثاقية المذاهب والطوائف. فكتلة «المستقبل» على سبيل المثال تشكّل الميثاقية السنّية و»اللقاء الديمقراطي» يمثل الميثاقية الدرزية، وغيابهما معاً يؤدي الى اسقاط الميثاقية لمجلس النواب، عملاً بأحكام الفقرة «ي» من أحكام الدستور، حيث يمكن اعتبار المجلس غير شرعي، لكنه يبقى قانونياً، لكن يؤدي الى سقوطه وحلّه لاحقاً.

والحلّ الثاني، عوض ان يذهب النواب الى استقالات فردية غير مجدية، كان الأفضل ان يبقوا داخل المجلس ويشكّلوا قوة لتأمين توقيع 65 نائباً على اقتراح قانون لتقصير مجلس النواب الحالي. فلو أنّ النواب الـ 8 انضموا إلى «القوات» و»المستقبل» و»اللقاء الديموقراطي»، لاستطاعوا تأمين عدد كبير من الاستقالات، وينقصهم عدد قليل ليتمكنوا عندها من الذهاب الى مشروع قانون معجّل مكرّر يقضي بتقصير مهملة مجلس النواب والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكّرة».