IMLebanon

هل المالية للشيعة؟

كتب سعيد مالك في صحيفة “الجمهورية”:

يصرّ الثُنائي الشيعي ويؤكّد أنّ حقيبة وزارة المال، هي من حق الطائفة الشيعية الكريمة، وهذا حق مُكرّس ميثاقيّاً حسب زعمهم…كذا… .

بالعودة إلى أحكام الدستور ونصوصه، يتبيّن جليّاً أنّ الدستور لم يذكُر على الإطلاق تخصيص أي حقيبة وزارية لأي طائفة أم مذهب. كذلك، وثيقة الوفاق الوطني والموّقعة في الطائف في 22/10/1989، علماً، أنّه ولو سلّمنا جدلاً وإستطرادًا كُلّيًا وإستفاضةً في البحث ليس إلاّ، وفيما لو وَرَدَ ذلك في وثيقة الوفاق الوطني، فذلك لا قوّة دستورية له على الإطلاق، عملاً بقرار المجلس الدستوري الرقم 1 /2002 تاريخ 31/1/2002 والذي نصّ على عدم إخضاع أحكام وثيقة الوفاق الوطني إلى رقابة المجلس الدستوري، إلاّ في أحكامها المُدْرَجة في مقدّمة الدستور أو في مَتْنِهِ.

كذلك، التذرُّع أنّ المُطالبة بهذه الحقيبة حصل أثناء المُداولات في الطائف، لا يُفيد أيضاً، كوْنْ المُداولات غير منشورة من جهة، وغير مُلزِمة أيضًا من جهة ثانية، فضلاً عن كَوْنْ الطائفة الشيعية الكريمة، كان هدفها يومها مُنحصراً في تمديد ولاية رئيس المجلس النيابي إلى أربعة أعوام عوضاً عن سنة، وكان لها ذلك في المادة /44/ من الدستور اللبناني، ولم تتطرّق على الإطلاق إلى توزيع الحقائب أو المطالبة بإحداها.
وتتذرّع الطائفة الشيعية الكريمة، بأنّ مُطالبتها بحقيبة وزارة المال سببه تكريس توقيع ثالث على المراسيم والتي تصدر دستورًا، كل ذلك حسب زعمها، تأمينًا لمبدأ «الميثاقية» التي تفرض التواقيع الثلاثة على المراسيم وعدم حصرها بتوقيع رئيس الدولة ورئيس الحكومة…كذا… مِنْ هُنا نسأل، هلى تُدرِك الطائفة الشيعية الكريمة، أنّه وعملاً بأحكام المادة/56/ من الدستور اللبناني (الفقرة الأخيرة) أنّ القرارات والتي تتّخذها الحكومة، وفي حال عدم طلب رئيس الجمهورية إعادة النظر فيها، وإنقضاء مهلة خمسة عشر يومًا من تاريخ إيداعها رئاسة الجمهورية، تصدر مراسيمها حُكمًا، ويُعتبر المرسوم نافذًا، ووجب نشره، دون توقيع رئيس الجمهورية.

فهل إفتقاد توقيع رئيس الجمهورية هذه المراسيم يُفقدها الميثاقية؟.

وأيضًا، بالنسبة الى القوانين، نصّت المادة /57/ من الدستور اللبناني، أنّه وفي حال عدم طعن رئيس الجمهورية بالقانون وعدم نشره ضمن المهلة الدستورية، يُعتبر القانون نافذًا حُكمًا ووَجَبَ نشره، دون توقيع رئيس الدولة. فهل يُعتبر ذلك إفتقادًا للميثاقية؟.

كذلك، إصدار مراسيم القوانين (والتي يُصدرها مجلس النوّاب) من قِبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حصرًا، عملاً بأحكام الفقرة الأخيرة من المادة /54/ من الدستور، يُعتبر غير ميثاقيّ، لإفتقاده التوقيع الشيعي؟.

مع الإشارة أيضًا، إلى أنّ تخصيص أي وزارة لأي طائفة أم مذهب يُخالف أحكام الفقرة (ج) من الدستور، والتي تنُّص على المساواة بين المواطنين، والمادة السابعة منه، وأيضًا أحكام المادة /95/ من الدستور، والتي تنُّص على ضرورة وحتميّة تمثيل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة. وهل تخصيص حقيبة وزارية مُحدّدة لطائفة مُعيّنة وحرمانها عن بقية الطوائف يُراعي مبدأ عدالة التمثيل؟.

حتى أنّ أحكام الفقرة (ب) من المادة /95/ من الدستور نصّت على إلغاء قاعدة التمثيل الطائفي في الوظائف العامة، بإستثناء وظائف الفئة الأولى، حيث تكون مُناصفةً بين المسيحيين والمسلمين، دون تخصيص أي وظيفة لأي طائفة، فإذا كان الأمر كذلك لوظائف الفئة الأولى، فكيف هي في الأجدر للحقائب الوزارية؟.

أمّا التحجّج بالعُرف، فلا يستقيم، كَوْنْ العُرف ولكي يُصبح عُرْفًا، يجب أن يكون نتيجة مُمارسة مُتكرّرة غير مُنْقَطِعة لفترة طويلة، من دون إعتراض أي من الأفرقاء، فأين نحن منها؟ حيث تَعَاقب على حقيبة وزارة المال وزراء سُنّة وشيعة ومسيحيون و… ولم تُخصّص يومًا لطائفة أو مذهب على الإطلاق.

فضلاً، عن أنّ العُرف ولكي يُعتمَد عرفًا، يجب أن يترافق مع شعور نفسي بضرورة الخضوع وإلزامية إحترام المبدأ العُرفي (opinio juris)، وهذا الأمر غير متوافر في الحالة الحاضرة.

في الخُلاصة، فإنّ تزوير الحقائق، وتشويه الثوابت، وتحريف الوقائع، وإبتداع الأعراف، لن تفيد. فلا حقيبة مُكرّسة لأي طائفة، ولا وزارة لأي مذهب.