IMLebanon

نائب حاكم مصرف لبنان: نسعى الى كسب مزيد من الوقت

كتبت رنى سعرتي في “الجمهورية”:

كيف سيكون المشهد الاقتصادي والمالي في حال فشلت المبادرة الفرنسية واعتذر مصطفى أديب عن تأليف حكومة؟ هل يمكن «تقطيع» المزيد من الوقت الى حين إجراء الانتخابات الاميركية، وهل يمكن ان يصمد الوضع المعيشي والاجتماعي ولا ينفجر قبل أن تنجلي صورة التحالفات الاقليمية الجديدة؟

تطورات مالية واقتصادية مرعبة متوقعة في حال فشل المبادرة الفرنسية وعدم الشروع بالاصلاحات المطلوبة للَجم الانهيار على المستويين المالي والاقتصادي، في ظلّ عجز مطّرد في المالية العامة للدولة يتم تمويله حصراً من قبل مصرف لبنان عبر طبع العملة، وبالتالي ارتفاع التضخم وتدهور سعر صرف الليرة.

فهل يستطيع مصرف لبنان شراء المزيد من الوقت وتفادي الانفجار الاجتماعي الكبير الى حين التوصّل الى اتفاق سياسي واستعادة ثقة المجتمع الدولي؟

في هذا الاطار، أكد نائب حاكم مصرف لبنان سليم شاهين لـ«الجمهورية» انه يجب خلال هذه الفترة تفعيل التعاون بين البنك المركزي والقطاع المصرفي والسلطات التشريعية على أمل لجم التدهور الاقتصادي بأكبر نسبة ممكنة في انتظار تشكيل حكومة جديدة، موضحاً انّ ترشيد الإنفاق هو العامل الاساس في المرحلة الراهنة ومتابعة الوضع المالي في القطاع المصرفي لحماية الليرة الى أقصى درجة ممكنة.

وشدّد شاهين على انّ لبنان يعتمد في صموده على عامل الثقة، وأي نظرية اقتصادية غير مبنية على هذا العامل هي نظرية ساذجة، «وبالتالي نحن بحاجة الى إصلاحات تعيد الثقة بالبلاد من اجل استرجاع التدفقات المالية». امّا في حال عدم تشكيل حكومة جديدة، قال: سنحاول قدر المستطاع، كبنك مركزي، كسب المزيد من الوقت بانتظار أن تَعي الاطراف السياسية مدى خطورة الوضع وتتعاون فيما بينها من اجل إنقاذ لبنان.

اضاف: العملية ليست مستحلية ولكنها تتطلب الاصلاحات والتفهّم من قبل القوى السياسية.

واكد انّ مصرف لبنان يحاول إيجاد الحلول وشراء المزيد من الوقت لحماية البلاد من الأزمات الاجتماعية، موضحاً انّ السياسة المالية التي يتّبعها البنك المركزي هدفها الصمود وشراء بضعة أشهر ستكون ثمينة، من اجل ان تتوصّل الطبقة السياسية في لبنان الى توافق سواء كانت قراراتها متعلّقة بالانتخابات الاميركية او غيرها من العوامل.

وجزم شاهين انه «ما زلنا نملك الوقت رغم انه يضيع أمامنا يومياً»، وأكد ردّاً على سؤال انه يمكننا الصمود الى ما بعد الانتخابات الاميركية والى نهاية العام الحالي على أمل ان تتحرك الطبقة السياسية بشكل سريع «لأنّ هدف السياسة المالية ليس إعطاء مهلة 3 اشهر او اكثر، بل إفساح المجال امام الطبقة السياسية للشروع بالاصلاحات».

وفيما أشار الى انّ جميع دول العالم تتّبع سياسة مالية وسياسة اقتصادية، لفت الى انه في ظل غياب حكومات قادرة على تطبيق الاصلاحات، فإنّ لبنان كان وما زال يعتمد فقط على السياسة المالية والتي لا يمكن ان تكون طويلة الامد لأنها ستبلغ حدودها القصوى.

وختم شاهين قائلاً: لدينا كلّ الامل بإنقاذ لبنان. لبنان هو عبارة عن مؤسسة صغيرة تمرّ بأزمة صعبة. وكونها مؤسسة صغيرة، فإنّ الحلول للخروج من أزمتها سهلة ومتاحة شرط تطبيق الاصلاحات. الترشيد سيسمح لنا بكسب المزيد من الوقت، أمّا الاصلاح فسيسمح لنا ببناء الدولة.

طباعة العملة

من جهته، أوضح رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية والاقتصادي السابق في صندوق النقد الدولي منير راشد انّ عدم تشكيل حكومة جديدة يعني مواصلة السير بالاتجاه الحالي من دون الاصلاح، أي انّ الوضع المالي سيستمرّ في التدهور وسيواصل عجز الدولة ارتفاعه مع تراجع الايرادات على مختلف أنواعها وعدم توفر إمكانية الاستدانة، مما سيؤدي الى اعتماد الدولة على مصرف لبنان بالكامل لتمويل عجزها، وبالتالي الى ضَخ سيولة نقدية من خلال طبع العملة.

وأشار راشد لـ«الجمهورية» الى انّ هذا الامر سيضغط بشكل اكبر على سعر صرف العملة المحلية الذي سيواصل هبوطه في حال عدم تشكيل حكومة والشروع في الاصلاحات المطلوبة، خصوصاً في قطاع الكهرباء الذي يشكل جزءاً أساسياً من عجز الدولة.

ولفت الى انّ عدم تشكيل حكومة جديدة يعني عدم اتخاذ قرار في شأن توحيد سعر الصرف، والذي يطالب صندوق النقد الدولي بتعويمه.

بالاضافة الى ذلك، استبعد راشد ان تغيّر حكومة تصريف الاعمال سياسة الدعم المتّبعة التي تستنزف احتياطي مصرف لبنان، والتي تستفيد منها بنسبة 75 في المئة الطبقات التي لا تحتاج فعلياً الى الدعم.

وحول إمكانية استخدام الاحتياطي الالزامي للمصارف للاستمرار في دعم السلع المستوردة، شرح انّ دولاً عدّة في العالم قامت بتلك الخطوة ولكن بموازاة تنفيذ خطة لتصحيح الاقتصاد.

واعتبر راشد انّ ترشيد الإنفاق اليوم يجب ان يبدأ فوراً من خلال وقف الدعم وتوجيهه مباشرة نحو الأسَر الأكثر حاجة من خلال البطاقات التموينية، لافتاً الى انّ عميلة الاصلاح يجب ان تبدأ بغضّ النظر عن اي مبادرة فرنسية او اجنبية اخرى، «لأن العام 2020 سينقضي، ولم تقم السلطات المعنيّة بأي إصلاح لغاية اليوم».