IMLebanon

لغم “التيار” فجّر الإستشارات… و”أنا فقط ومن بعدي الطوفان”!

كأنّ يداً خفيّة تحرّك الداخل في الإتجاه الصدامي، ولا تترك نافذة انفراج مفتوحة إلّا وتعيد إغلاقها؛ فطريق الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة الجديدة، انفجر فيها لغم سياسيّ تجلّى في المواقف الهجوميّة التي القى بها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، في طريق الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة. سرعان ما أصابت شظاياه موعد الاستشارات الملزمة التي كانت مقرّراً اليوم، فأجّلها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الخميس من الاسبوع المقبل.

بلا أي مقدّمات موضوعية، وبلا اي سبب مقنع او موجب له من اي نوع كان، صدر “فرمان رئاسي”، حسب تعبير مصادر سياسية، قرابة التاسعة ليل امس، بنصّ صادم يعلن فيه “انّ رئيس الجمهورية قرّر تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كانت مقرّرة يوم الخميس 15 تشرين الاول 2020 اسبوعاً، أي الى يوم الخميس 22 تشرين الاول 2020 بالتوقيت نفسه”، وقال انّ هذا التأجيل جاء “بناء على طلب بعض الكتل النيابية، لبروز صعوبات تستوجب العمل على حلها”.

أقلّ ما يُقال حيال هذا التأجيل، حسب المصادر، انّه “غير مبرّر على الإطلاق، بل هو يعبّر عن عجز في التعاطي مع استحقاق حكومي، ينتظر اللبنانيون ان يُدخلهم الى الانقاذ الموعود عبر المبادرة الفرنسية، التي كان رئيس الجمهورية، حتى الأمس القريب في صدارة المؤكّدين على الالتزام بها والعمل على انجاحها وعدم وضع العراقيل في طريقها.

خطورة قرار التأجيل، أنّه اتُخذ عن سابق تصوّر وتصميم، بقرار منفرد، وتحت عنوان احادي “أنا فقط .. ومن بعدي الطوفان”، مستجيباً لرغبة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ورفضه عودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، وهو ما اكّد عليه امام نواب “تكتل لبنان القوي” في الساعات الماضية. كما عاد واكّد ليلاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالقول: “لكل من يتفلسف ويتكهّن ويراهن: مع احترامنا لقرار تأجيل الاستشارات النيابية فإنّ هذا لن يغيّر في موقفنا”.

وتضيف المصادر، انّ “خطورة هذا القرار، ليس في مضمونه فقط، بل في كونه يؤكّد المقولة السائدة عن لبنان، بأنّه يفتقد الى القادة الحكماء الذين تقودهم مصلحة البلد، وفي كونه يجهز على البقية الباقية من هيبة الدولة ومؤسساتها، ويطوّع الدستور في خدمة مصلحة القريب، وتصفية الحسابات، ليس مع الحريري فقط، بل مع كل البلد!”

فأي رسالة يوجهّها هذا القرار الى المجتمع الدولي، لا بل كيف سينظر الخارج الينا بعد هذا القرار المعروفة اسبابه للقاصي والداني؟ واي مبرّر سنتذرّع به؟

واي رسالة يوجهها هذا القرار الى اللبنانيين، هل يدعوهم الى النزول الى الشارع؟ هل فات من يقف خلف القرار، انّ اللبنانيين اهتروا، وصاروا يصارعون الوقت، وكانوا يعلّقون الأمل على تشكيل حكومة يمكن ان يُفتح معها باب الخلاص، ويهربون من خوفهم المرعب من أنّ كل تأخير ومضيعة الوقت، يقرّبهم من قعر الهاوية، إن لم يكن أسوأ بإدخال البلد الى فوضى لن يكون في مستطاع احد ان يلحق بها او تقدير تداعياتها والمدى الذي ستبلغه؟

وأيّ مشهد لبناني هو الذي سيسود في الآتي من الايام؟ واي صورة ستكون عليها المكونات السياسية والنيابية، بعدما قفز فوقها التأجيل الرئاسي للاستشارات، فيما هي كانت قد اعدّت نفسها ليوم استشارات التكليف؟