IMLebanon

باسيل يروّج لـ”الحلف الرباعي” في محاولة لفك عزلته

 كتب محمد شقير في صحيفة “الشرق الأوسط”:

 

لم ينفك «التيار الوطني الحر» عن استنهاض الشارع المسيحي في مواجهة ما سمته قناة «أو تي في» الناطقة باسمه، قيام حلف رباعي قوامه «الثنائي الشيعي» وتيار «المستقبل» والحزب «التقدمي الاشتراكي»، مع أن مصادره لا تترك مناسبة إلا وتستغرب ما يشاع على هذا الصعيد وتنفي علمها بمجرد التفكير في قيام مثل هذا الحلف لما بين أطرافه من تباينات واختلافات يصعب التوصُّل إلى حلول لها ما اضطرها للدخول في ربط نزاع على خلفية تنظيم الاختلاف، وهذا ما هو حاصل الآن وتحديداً بين «حزب الله» وبين «المستقبل» و«التقدّمي».

وتقول مصادر مقرّبة من الحلف الرباعي «المزعوم» إن البلد لم يعد يحتمل إقحامه في انقسامات مذهبية على عتبة دخوله في مرحلة سياسية جديدة مع توقع تكليف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة، وتؤكد أن لا مصلحة في لجوء أي طرف إلى جرّ البلد لدورة جديدة من الفرز الطائفي وصولاً إلى تطييف عملية التأليف.

وتسأل المصادر نفسها: ما الجدوى من العودة بالبلد إلى المربع الأول وتظهير الصراع الدائر حالياً على أنه نزاع بين المسلمين والمسيحيين وإعادة التذكير كأن هناك مَن يخطط للإطاحة بـ«التيار الوطني» على غرار ما حصل في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 1990 عندما أُبعد آنذاك قائد الجيش العماد ميشال عون من القصر الجمهوري في بعبدا؟

كما تسأل في ظل إصرار «التيار الوطني» على الترويج لقيام حلف رباعي، عن مصير ورقة التفاهم التي وقّع عليها الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، مع مؤسس «التيار» العماد عون، في كنيسة مار مخايل في الشياح في فبراير (شباط) 2006، وتقول: هل قرر رئيس التيار النائب جبران باسيل الانقلاب من جانب واحد على التفاهم رغبةً منه في تمرير رسالة إلى الولايات المتحدة لعله يستعيد حظوظه لخوض الانتخابات الرئاسية؟

وتلفت المصادر إلى أن الترويج لقيام حلف رباعي هو من بنات أفكار باسيل وإعلامه وبعض نوابه المنتمين إلى «التيار الوطني»، وبالتالي فإن الآخرين يتعاملون معه على أنه لا أساس له من الصحة باعتبار أن القيمين على هذا الحلف لا يزالون مجهولي الهوية.

وترى أن باسيل يتعرض لحصار دولي وداخلي ويحاول أن يرمي التهمة على خصومه حتى إنه لم يوفر حليفه «حزب الله» وإنما بواسطة قناته التلفزيونية باتهامه بضلوعه في الحلف الرباعي، وتسأل المصادر: هل يتحمّل خصومه مسؤولية إبعاده وبقرار من مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، عن جدول اللقاءات التي عقدها في بيروت على غرار ما فعل من قبل نائب وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل؟

وفي المقابل تؤكد مصادر سياسية أخرى أن باسيل يعيش الآن في عزلة تكاد تحاصره من كل حدب وصوب لو لم تبقَ الاتصالات قائمة بين «التيار الوطني» و«حزب الله»، وتقول إنه يراهن على الرئيس عون لإعادة تعويمه من خلال تشكيل الحكومة، مع أن «العهد القوي» في حاجة لإنقاذ نفسه في الثلث الأخير من ولايته.

وتُحمّل المصادر باسيل مسؤولية العزلة التي فرضها على نفسه، خصوصاً في ضوء إطاحته بالتسوية التي أبرمها الحريري مع عون وسهّلت انتخاب الأخير رئيساً للجمهورية، وأيضاً في إسقاطه لتفاهم «معراب» بين عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية».

وتؤكد أن باسيل أضر كثيراً بـ«العهد القوي» الذي لم يبادر إلى وضع حدود لتصرفاته في السيطرة على المفاصل الرئيسة في إدارات الدولة، وهذا ما وضعه في معارك سياسية مع معظم القوى السياسية من تيار «المردة» إلى «التقدّمي» وصولاً إلى حركة «أمل» برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري. وترى أن باسيل استغلّ وصول عون إلى سدة الرئاسة لشن حملات على الآخرين في محاولة لإلغائهم، خصوصاً مَن ينافسه رئاسياً، وتؤكد أن تطييف الأزمة الحكومية ارتدّ عليه سلباً ولم يلقَ استجابة في الشارع المسيحي.

وتكشف أن باسيل حاول أن يعيد تواصله مع «القوات» وراهن على أن هناك إمكانية لإحياء التعاون، وهذا ما تبيّن في توسيطه وزيراً سابقاً للقيام بمهمة الوساطة بينهما، لكنه لم ينجح في مسعاه لأن باسيل هو المسؤول عن الإطاحة بإعلان النيات الذي وقّع عليه عون مع سمير جعجع الذي كان له دور في إيصاله لرئاسة الجمهورية.

كما حاول «التيار الوطني» إقناع البطريرك الماروني بشارة الراعي باستضافة اجتماع للقيادات المارونية، لكنّ «القوات» و«الكتائب» اشترطا على باسيل إصدار بيان يؤيد فيه دعوة الراعي لحياد لبنان يسبق التفاهم على البرنامج السياسي للمرحلة الراهنة، إضافةً إلى أن «المردة» ليس في وارد تعويم مَن أوصل الحكم إلى المأزق وافتعل اشتباكات سياسية مع الحلفاء والخصوم.

وعليه، فإن إصرار «التيار الوطني» على الترويج لقيام حلف رباعي بين القوى الإسلامية ارتدّ عليه سلباً ولم يمكّن باسيل -كما تقول مصادر مسيحية- من أن يفتح كوّة تسمح له بالخروج من الحصار السياسي المفروض عليه، وهذا ما يدفعه للتموضع تحت عباءة عون لعله يضع أمام الرئيس المكلف لائحة هي عبارة عن دفتر شروط يمكن أن تدفع باتجاه تعويمه بعد أن فقد سيطرته على عدد من نواب كتلته ما اضطره للجوء إلى المجلس السياسي لـ«التيار الوطني» لتجديد موقفه الرافض لتكليف الحريري.