IMLebanon

لا دعم مالياً لحكومة تعـويم تسوية 2016؟

كتبت راكيل عتيِّق في “الجمهورية”:

على رغم أنّ الرئيس المكلف سعد الحريري كان قد أعلن في الذكرى الـ15 لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، انتهاء التسوية الرئاسية في عام 2016، والتي أدّت الى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد عامين من الفراغ في سدة الرئاسة، إلّا أنّ تكليف الحريري ومسار تأليف الحكومة العتيدة، يُشيران، بحسب جهات سياسية معارضة، الى محاولة لترميم تسوية عام 2016 وإعادة تعويمها. وتعتبر هذه الجهات أنّ عمل أركان التسوية على الانقاذ يستهدف أولاً إنقاذ حكمهم ووجودهم في السلطة وصوَرهم لدى الرأي العام، مع انقضاء 4 أعوام من عهد عون وعودة الحريري الى رئاسة الحكومة بعد ما يُقارب عاماً على استقالته في 30 تشرين الاول 2019 تحت ضغط «ثورة 17 تشرين».

ما يُسَرّب عن مسار التأليف من توزيع الحقائب الوزارية وتقاسمها بين القوى السياسية، وضلوع هذه القوى فيه الذي تشير اليه تصريحات النواب والمسؤولين الحزبيين، يَدلّ، بحسب جهات معارضة، الى أنّ ذهنية «المحاصصة» التي كانت أساس «تسوية 2016» قد فُعلّت مجدداً. وبالتالي، فإنّ الحكومة العتيدة، إذا أبصرت النور، لن تنال ثقة المجتمع اللبناني وخصوصاً من «ثوار 17 تشرين» ولا ثقة المجتمع الخارجي.

وتعتبر هذه الجهات أنّ هناك سعياً الى تعويم التسوية، ولو وفق «محاصصة» بطريقة أخرى، إذ إنّ تسوية 2016 تمّت على قاعدة: عون رئيساً للجمهورية والحريري رئيساً للحكومات في عهده، إضافةً الى قانون الانتخاب الذي أقرّ حينها، والذي هو أساساً قانون «حزب الله»، فهو مَن كان يطرح النظام الانتخابي النسبي ويتمسّك به.

وتؤكد الجهات السياسية أنّ حكومة كهذه، يُعطى فيها «حزب الله» تحديداً ما يريده، لن تتمكّن من جَلب أي مساعدة للبنان، وبالتالي من إنقاذه، إذ إنّ غالبية دول العالم ذاهبة الى الضغط على «الحزب» وتجفيف مصادر تمويله وفرض عقوبات على إيران. وتسأل: «هل يعطوننا أموالاً لكي يرتاح «حزب الله»؟»، مشيرةً الى أنّ واشنطن أعلنت بعد ساعات على تكليف الحريري، في رسالة هادفِة وواضحة، «مواصلة فرض العقوبات على «حزب الله» وحلفائه اللبنانيين والمتورّطين في الفساد، بصَرف النظر عن محادثات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل وعن تأليف الحكومة، وأنّ أي حكومة يجدر بها تنفيذ الإصلاحات الضرورية ومحاربة الفساد».

وتذكّر الجهات نفسها بأنّ واشنطن فرضت عقوبات على الوزير الأسبق علي حسن خليل لأنّه، بحسب وزارة الخزانة الأميركية، مَرّر أموالاً لـ»حزب الله» بواسطة وزارة المال. كذلك فرضت عقوبات على الوزير الأسبق يوسف فنيانوس لأنّه أعطى مشاريع من خلال وزارة الأشغال والنقل العام لـ»حزب الله». وتقول: «بصَرف النظر عن صدقية الأميركيين أو عدمها وأهدافهم، إلّا أنّهم يعتبرون أنّ الأموال التي تدخل الى الدولة اللبنانية تصل الى «حزب الله».

وفي حين أنّ الحريري والآخرين يراهنون على مؤتمر دعم لبنان الذي وَعدَ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعَقده ودعوة دول عدة إليه في حال أُلّفت الحكومة والتزمت تنفيذ ورقة الإصلاحات وفق المبادرة الفرنسية، تسأل المصادر: «أيّ دول ستشارك في هذا المؤتمر وتقدّم مساعدة لحكومة يُشارك فيها «حزب الله»؟ هل هي الولايات المتحدة الأميركية أو السعودية أو الإمارات؟». وتشير الى الموقف السعودي الواضح في هذه الإطار، والذي عَبّر عنه العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز شخصياً في أيلول الماضي أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، حيث شَنّ هجوماً حاداً على «حزب الله»، واصفاً إيّاه بأنّه «حزب إرهابي تابع لإيران»، وأكد أنّ «تحقيق ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني الشقيق من أمن واستقرار ورخاء يتطلّب تجريد هذا الحزب الإرهابي من السلاح».

كذلك، وتعليقاً على «الرضى العربي» على الحريري وإمكانية استفادة لبنان من علاقات الحريري الخارجية، تسأل هذه المصادر: «أي خطوة عربية وخليجية تحديداً أظهرت الدعم السياسي للحريري ولمسار تأليف الحكومة»؟ مشيرةً الى غياب كلّ من سفيرَي السعودية والإمارات في بيروت عن الساحة السياسية، وامتناعهما عن عقد أي لقاء أو إجراء أي زيارة سياسية منذ بدأ مشاورات التأليف.

كذلك، تشير الى الموقف الأميركي الجديد المتشدّد حيال «النأي بالنفس» وربطه بالإفراج عن المساعدات، حيث أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر أخيراً «انّنا مصرّون على حاجة أي حكومة جديدة إلى تَبنّي الإصلاحات وتطبيقها، وتبنّي الشفافية ومحاربة الفساد ومحاسبة المسؤولين عن جرائمهم والتزام النأي بالنفس»، مشيراً الى أنّ «هذه الأشياء طالبت بها الولايات المتحدة مراراً كشرط مُسبق للدعم الأميركي لتحرير قرض صندوق النقد الدولي والمساعدات للبنان». كذلك كشف شينكر أنّ «الفرنسيين قالوا الشيء نفسه في ما يتعلق بمساعدات مؤتمر «سيدر»، ونحن ومجموعة الدعم الدولية أوضحنا ذلك أيضاً».

الى المعطيات السياسية، تعتبر الجهات المعارضة أنّ الرهان على صندوق النقد ومؤتمر «سيدر»غير كافٍ بلا حلّ سياسي يعيد ترميم علاقات لبنان، ما يمهّد لدخول الدولار الى البلد وعودة الاستثمارات الخارجية، ولا سيما الخليجية. وتشير الى أنّ المانحين خصّصوا في مؤتمر «سيدر» 10 مليارات دولار وهذا منذ نحو 3 سنوات، وهذه المبالغ لم تعد موجودة الآن، وربما تبقّى منها ملياران أو 3 مليارات، فضلاً عن أنّ الوضع في البلد الآن مختلف عن ذلك الوقت، حيث كان وضع القطاع المصرفي سليماً ولم تكن المصارف متوقفة عن الدفع، وكان الاقتصاد لا يزال صامداً وليس منهاراً مثلما هو حالياً، كذلك كانت نسبة الدين العام 70 مليار دولار وليس 100 مليار، ولم يكن هناك انفجار بيروت وتداعياته الكارثية حيث أنّ كلفة إعادة الإعمار تتخطّى الـ10 مليارات دولار، فضلاً عن أنّ تصنيف لبنان الائتماني لم يكن «ccc». وبالتالي، حتى لو نجحت الحكومة المقبلة في نيل هذه الأموال، فهي لن تبدّل شيئاً في الأزمة الراهنة التي كان سَببها سياسيّاً وحلّها كذلك، بحسب المصادر المعارضة.