IMLebanon

“الحزب” الرابح الأكبر من تكبيل الحريري وانشغال ماكرون عن لبنان

لم ينجح الرئيس المكلف سعد الحريري في جر الجميع إلى النقطة التي كان يريد الانطلاق منها لتأليف حكومة من الاختصاصيين المستقلين، طبقا لما نصت عليه المبادرة الفرنسية. بل وقع سريعا في شباك سياسة الشروط والشروط المضادة التي عطلت المسار، على الأقل حتى اللحظة، مع العلم أن الكباش حولها ما عاد مقتصرا على خصوم الحريري، بل تعداه إلى حلفائه السابقين في ظل ما يمكن اعتباره إختلالا في التوازن السياسي. بدليل أن الحزب التقدمي الاشتراكي رفع أمس سقف المواجهة إلى حد المطالبة بالمقعدين الدرزيين في إطار صيغة من 20 وزيرا، زارعا مزيدا من الألغام على طريق الحكومة العتيدة.

هذه المعطيات تدفع مصادر سياسية مراقبة إلى الاعراب لـ “المركزية” عن أسفها لكون مبادرة الرئيس ماكرون غرقت في غياهب الكباشات المحلية، بدلا من أن تكون سترة النجاة الهادفة إلى انقاذ لبنان. وتذكر المصادر أن هذه الانتكاسة الحكومية تأتي فيما فرنسا المفجوعة بالضربات الارهابية تعيد رسم أولوياتها، في مواجهة التطرف الاسلامي، الذي تمدد في الأيام الأخيرة ليطال كندا والنمسا.

وفي السياق تلفت المصادر إلى خشية تبدو واقعية ومحقة من إندثار خطة الانقاذ الفرنسية بشكل نهائي يعيد الأمور إلى النقطة الصفر، داعية الجميع إلى التحسب إلى احتمال أن يستفيد الأطراف المناوئون لباريس في لبنان من الأزمة الإرهابية التي تمر بها لإعادة رسم الخطة الحكومية وفقا لأهوائهم الخاصة، وهو ما بدأ يطل برأسه في الآونة الأخيرة، بدليل أن المواعيد الكثيرة التي ضربت للولادة الحكومية لم تف بالغرض.

وفي محاولة لتقديم مزيد من الايضاحات في هذا المجال، تعتبر المصادر أن حزب الله يخشى أن تكون المبادرة الفرنسية بابا لعودة ما يعتبرها “وصاية” على لبنان، في مواجهة النفوذ الايراني، على أبواب الاستحقاق الرئاسي في الجمهورية الاسلامية، في حزيران المقبل.

في المقابل، تفيد المصادر بأن بعض القوى المعارضة للحزب أخذ على ماكرون تعويمه الطبقة السياسية الحالية، التي قامت الثورة الشعبية ضدها أساسا قبل أكثر من عام، وهو هدف ثمين يسجله حزب الله أيضا في مرمى الخصوم، في توقيت سياسي شديد الدقة، خصوصا أن ذلك يتزامن مع حملة تستهدف القطاع المصرفي وحاكم البنك المركزي رياض سلامة من جانب الاعلام الدائر في فلك الضاحية الجنوبية.

أمام كل ما تقدم، تدعو المصادر الرئيس المكلف إلى الركون إلى سياسة المواجهة، وهو المدعوم اليوم من المجتمع الدولي، برضى أميركي وعربي، بدلا من تقديم الكثير من التسهيلات إلى فريق سياسي يريد فرض ايقاعه على البلاد، وإلا سقطت المبادرة الفرنسية نهائيا، ووقعت البلاد في المجهول.