IMLebanon

ساعاتٌ مفصلية… تنفرج حكومياً أو تنفجر؟

… غداً لناظره قريب. ففي حين سيكون «أربعاء العالم» مشدوداً إلى الدخان «الأزرق أو الأحمر» الذي سيتصاعد من «البيت الأبيض» في ختام السباق الرئاسي، يبدو «الأربعاء اللبناني» على موعدٍ مع محطةٍ أُسبِغ عليها طابعٌ مفصلي، فإما تُفْرَج حكومياً أو… تنفجر! ولم يكن ممكناً أمس تَلَمُّس ما يمكن أن تحمله الساعاتُ المقبلة لتَفادي إيصال لعبة «مَن يصرخ أولاً» بين فريق رئيس الجمهورية ميشال عون وبين الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى نقطة «اللا عودة» وما سيرتّبه ذلك على واقعِ بلدٍ مسكونٍ بـ «حال رعبٍ» دائمة، من «أوّل شتوةٍ» لم يهنأ اللبنانيون معها بأوّلِ الثلوج (في القرنة السوداء) التي كلّلت جبالَه بعدما أيقظ ليلُ الرعدِ صوتَ «الانفجار الهيروشيمي» (4 أغسطس) في قلوبٍ كثيرة ارتعدتْ في السرّ وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، فيما ارتسمَ مع طلائع موسم البرْد الكابوسُ المخيفُ الذي يترسّخ تباعاً على متن أرقام قياسية متلاحقة لعدّاد «كورونا» والذي لا تُبْدي السلطاتُ أي جدية بمحاولة منْعه، ما خلا إجراءاتٍ مجتزأة تعكس ارتباكاً كبيراً وتُسابِق انهياراً بات مسألة وقت للنظام الصحي برمّته، لتكتمل مؤشراتُ «الدولة الفاشلة» الساقطة مالياً – اقتصادياً والتي تدور في حلقة قاتلةٍ من الأزماتِ الفتّاكة.

وتلقّفت أوساطٌ سياسيةٌ باهتمام كبير المناخات التي أوحتْ بأن يوم غد سيشهد «نَقْلةً» جديدة على رقعة شطرنج تشكيل الحكومة، عبر التلويح بأن الحريري، الذي يشاع أن رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل زرع له «عبوةً» في مسار التأليف عنوانها العام «المعيار الواحد والمسطرة»، سيعمد بحلول الأربعاء إلى تقديم تشكيلة «أمر واقع» إلى عون وفق رؤيته لحكومةٍ قابلة للتسويق دولياً تكون «لايت» من 18 وزيراً من الاختصاصيين غير البعيدين عن القوى السياسية ولكن «غير المربوطين» بها بالولاء المباشر ووفق مداورةٍ في الحقائب (باستثناء المال تبقى للمكوّن الشيعي)، وبعيداً من المحاصصة الفاقعة التي تجعل زعيم «تيار المستقبل» يستنسخ تجربة حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة.

وإذ لم يُعرف إذا كان الحريري سيَمْضي، بعدما زار عون فجأة أمس، في لعب ورقةِ تشكيلة الـ 18 التي يمكن أن تكون أول خطوةٍ في مسار لا يُستبعد أن يَلوح الاعتذارُ في آخِره، أو أن هذا الجوّ هو في إطار استدراج جميع اللاعبين لتحمُّل مسؤولياتهم وكشْف نياتهم الحقيقية بإزاء ما اعتُبر «انقلاباً» من باسيل على تفاهماتٍ كانت قائمة مع عون على صيغة 18 وزيراً ويُعتبر تسليم الرئيس المكلف بالتراجع عنها بمثابة «انتحارٍ» سياسي له في الداخل وتجاه الخارج المتحفّز لحكومةِ إصلاحاتٍ لا تشبه سابقاتها، فإنّ الإشارات التي صدرت عن قريبين من «التيار الحر» بدتْ وكأنها «تردّ التحية» للحريري عبر اعتبار أن الساعات المقبلة ستكون حاسماً لجهة تأليف الحكومة أو عرْقلتها، بما فُسِّر إعادةً لكرة المسؤوليات إلى ملعب الحريري.

ولم يكن عابراً صدور بيان عن باسيل نفى فيه «كل ما يتمّ فبركته في الإعلام» حول تدخّله في تشكيل الحكومة، معتبراً «أن ذلك يهدف لتحميله مسؤولية العرقلة وتغطية المعرقلين الفعليين»، ولافتاً إلى «أن الاستمرار بسياسة الكذب في الإعلام تشوّه الحقائق كما أن التذاكي في عملية تأليف الحكومة يؤخّران تأليفها». وسبق هذا الموقف بيانٌ بالغ الدلالة أكد فيه المكتب الإعلامي لرئيس الجمهورية أن «التشاور في تشكيل الحكومة يتم حصراً ووفق الدستور بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ولا يوجد أي طرف ثالث في المشاورات، لا سيما النائب جبران باسيل، علماً أن هذه المشاورات لا تزال مستمرة بما تفرضه المصلحة الوطنية العليا».

وتعاطت الأوساط السياسية مع بيان «القصر» على أنه بمثابة «تبرئة ذمة» باسيل من فرْملة مسار التأليف وأن عون «يأخذ بصدره» المسؤولية عن معايير التشكيل التي قَلَبَتْ إيجابيات الأسبوع الأول من التكليف، وسط اعتبار هذه الأوساط أنه بمعزل عن تفاصيل التعقيدات فإن خلفية «التجرؤ» على معاندة المبادرة الفرنسية ومواصفاتها لحكومةِ المَهمة يرتبط باستشعارِ بعض الداخل بأن باريس باتت منهمكة في مشاكلها بدءاً من «كورونا» وليس انتهاءً بما وصفه وزير داخليتها أمس «حالة حرب تعيشها فرنسا بوجه التهديد الإرهابي». من هنا رأت الأوساط أن غرق فرنسا بهمومها أتاح إطلاقَ محاولاتٍ لتحصين المواقع و«ردّ الاعتبار» لأطراف محلية وخصوصاً باسيل الذي يستشعر منحى لإبعاده عن مراكز النفوذ داخلياً، وهو ما يفسّر السعي لتوسيع الحكومة إلى ما لا يقلّ عن 20 بهدف توزير ممثلٍ للنائب طلال أرسلان (درزي) ذهبَ النائب السابق مروان حماده لاعتباره «حصان طروادة» لتأمين الثلث المعطّل لرئيس «التيار الحر» في الحكومة، ناهيك عن الكلام عن إصرار التيار على الإبقاء على حقيبة الطاقة في إطار «المعاملة بالمثل» مع «المالية»، وهما العقدتان اللتان لا تحجبان صعوباتٍ أخرى ترتبط بتوزيع الحقائب الخدماتية على ممثلين «ناعمين» للقوى السياسية.