IMLebanon

واشنطن ترفض أي دور واسع لـ”الحزب” في الحكومة

كتب حسين زلغوط في “اللواء”:

تلقى لبنان منذ أسابيع نصائح دولية بضرورة عدم ربط تأليف الحكومة بأي استحقاق خارجي لا سيما الانتخابات الأميركية، غير ان المسؤولين في لبنان عن قصد أو عن عدم قصد ذهبوا إلى ربط الاستحقاق الحكومي بالانتخابات الأميركية، وهي عادة لطالما اعتادها لبنان في أي استحقاق داخلي، اما هروباً إلى الأمام وإما بانتظار معرفة مسار رياح أي استحقاق إقليمي أو دولي متزامن لكي يُبنى على الشيء مقتضاه.

وعلى الرغم من انكار المسؤولين اللبنانيين بكافة انتماءاتهم لهذه المسلمة أو تبادل الاتهامات في ذلك، فإن عملية تأليف الحكومة لن تمّ قبل انقشاع الرؤية في ما خص الانتخابات الأميركية التي انطلقت على وقع المخاوف من دخول الولايات المتحدة، بفعل ما ستنتج عنه هذه الانتخابات، مدار الفوضى غير المعهودة.

وإذا كان لبنان قد دخل الآن مرحلة حبس الأنفاس حكومياً، فإن المعلومات الشحيحة تؤكد بأن عامل الوقت ليس في مصلحة أي طرف الآن، وأن الأفرقاء المعنيين باتوا يُدركون بأن ترك الوضع للفراغ سيكون مكلفاً على البلد، لذا فإن الساعات المقبلة ستكون زاخمة بالاتصالات المرئية والبعيدة عن الأنظار للتفاهم على توليفة حكومية يصعد بها الرئيس المكلف إلى قصر بعبدا لاعلان مراسيمها وطي هذا الملف والانصراف الى مقاربة جبل الملفات الذي ينتظر الحكومة الجديدة، وان الاتصالات ستتركز الآن من أجل إيجاد حل للمشكلة الأساس التي تتمحور حول عدد أعضاء الحكومة حيث يُصرّ الرئيس سعد الحريري على ان تكون من ثمانية عشر، في حين يتمسك الرئيس ميشال عون بالحكومة العشرينية، وفي حلا بقي الرجلان على موقفهما فإن عملية التأليف ستكون في خطر شديد وأن تأثيرات الوصول إلى هذه النقطة ستكون في غاية السلبية على الوضع اللبناني برمته لا سيما على مستوى الوضع النقدي، حيث ان عملية صرف الدولار تتأثر كثيراً بالعملية السياسية، وفي حال ارتطمت مساعي التأليف بالحائط المسدود، فإن سعر صرف الدولار في السوق السوداء سيتفلت من عقاله وعواقبه ستكون وخيمة.

ووفق مصادر عليمة فإن النقاط الخلافية الموجودة إلى جانب مسألة العدد الذي قد يرسو على ثمانية عشر هي حقائب الطاقة والاشغال والصحة، وهذه الحقائب تأخذ شكل «السبحة» بحيث ما ان يُصار إلى فك عقدة الخيط حتى تتهاوى كامل الحبيبات وتنتهي المشكلة، وان هذا الأمر يعمل الرئيس نبيه برّي من خلال تواصله مع كافة الأطراف المعنية على حله، سيما وان «تيار المردة» ما زال يتمسك بالاشغال، فيما «حزب الله» يرغب في ان تبقى حقيبة الصحة من حصته، مشددة على ان هذه العقد رغم فاعليتها فإنها تبقى قابلة للحل، لأنه في نهاية المطاف هناك حكومة يجب ان تؤلف، وفي مقابل ذلك فإن أي فريق سياسي في الظروف الراهنة لن يكون قادراً على تحمل وزر الاتهام بالتعطيل.

ووفق هذه المصادر فإن الكباش الحاصل حول التأليف ربما يشتد ضراوة مع الساعات المقبلة حيث سيسعى كل فريق معني بالتأليف بعد ان تحط الانتخابات الأميركية أوزارها إلى تثبيت التوازنات التي يرى فيها مصلحة له، وهذا الوضع سيفاقم الوضع المحتدم على خط تشكيل الحكومة في ظل غياب كامل لأي نوع من الثقة المتبادلة، وتجنب كل فريق تقديم أي تنازل للفريق الآخر لكي تعبر عملية التأليف إلى بر الأمان.

وجزمت المصادر بأن الرئيس الحريري لن يقدم على خطوة تقديم تشكيلة أمر واقع حكومية إلى رئيس الجمهورية اليوم ولا في أي يوم، وهو سيبقى في تفاوض مستمر مع رئيس الجمهورية لتذليل العقبات واسقاط الحقائب على الأسماء والخروج بحكومة مكتملة الاوصاف تحوز على تأييد غالبية القوى السياسية وتقديمها إلى المجتمع الدولي الذي يعتبرها شرطاً اساسياً إلى جانب الولوج في الإصلاحات لكي يفتح خزائنه ويبدأ بتقديم المساعدات للبنان للخروج من أزماته الاقتصادية والمالية.

وتتوقع المصادر ان تحمل الساعات المقبلة بشائر سارة في ما خص التأليف ما لم يطرأ أي تطور غير متوقع يفرمل هذه العملية، وذلك بعد ان توصل فريقا التأليف إلى قناعة بأن الاستمرار في لعبة «العناد» لن يفيد أحداً، وأن العودة إلى العمل على قاعدة تبادل التنازلات تبقى المخرج الملائم لأي أزمة سياسية وعلى وجه الخصوص أزمة تشكيل الحكومة بعد ان وصلت الأوضاع إلى الحدود الكارثية.

وفي السياق ذاته، كشف مصدر وزاري سابق ان عقدة التأليف الأساسية هي خارجية وليست داخلية وسأل: لماذا لم تبرز الخلافات حول توزيع الحقائب مع بداية المشاورات بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف؟

وأشار المصدر إلى ان المسؤولين في لبنان تبلغوا مباشرة وعبر القنوات الدبلوماسية رفض الولايات المتحدة الأميركية ان يكون هناك دور واسع لـ«حزب الله» في الحكومة الجديدة، وفي مقابل ذلك فإن إيران تنحاز إلى جانب فرملة التأليف بعض الوقت إلى حين جلاء نتائج الانتخابات الرئاسية في أميركا، وهذا المشهد الأميركي – الإيراني تستفيد منه بعض القوى السياسية لتحسين شروطها في التأليف.