IMLebanon

أبو الحسن: منظومة التهريب أقوى من الدولة

عرض الحزب “التقدمي الاشتراكي”، في مؤتمر صحافي في مركز الحزب في بيروت، اقتراحه لـ”إعادة توجيه الدعم وترشيده”، في حضور أمين سر كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب هادي أبو الحسن، أمين السر العام في التقدمي ظافر ناصر، عضو مجلس القيادة محمد بصبوص ومفوض الاعلام صالح حديفة، ومفوض المالية رفيق عبدالله.

وقال أبو الحسن: “بداية نتقدم بالشكر من وسائل الاعلام على مواكبة هذا المؤتمر الصحافي المخصص للحديث عن الأزمة الكبرى التي تواجه اللبنانيين، والتي ستؤدي اذا ما استفحلت الى انفجار إجتماعي كبير لا سمح الله في غضون الشهرين المقبلين مع توقف مصرف لبنان عن الاستمرار في دعم المواد الاساسية كنتيجة حتمية لانسداد الأفق في البلاد على كل المستويات السياسية والإقتصادية والمالية والاجتماعية واضمحلال قدرة الدولة تدريجيا واستمرار النزف المالي وتناقص الاحتياطي المركزي ما يفاقم عمليات التهريب والاحتكار وعدم ضبط الاسعار، وبالتالي عدم استفادة الفئات المحتاجة فعلا والفقيرة من آليات الدعم، كل ذلك يجري في ظل تعثر تشكيل الحكومة لأسباب باتت واضحة ومكشوفة وتأخر الإصلاحات واستمرار النزف الكبير في مالية الدولة، وقد رأينا بالأمس ما كشفه رئيس دائرة المناقصات حول الهدر الفاضح في ملف الكهرباء الذي سبب نصف الدين العام”.

وأضاف: “كل ذلك يضع لبنان واللبنانيين امام واقع مر وأليم، عنيت بذلك نفاذ الإحتياطي الممكن استخدامه لدعم المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأدوية والمحروقات، وهذا سيضعنا امام كارثة اجتماعية نتيجة ارتفاع معدلات الفقر بشكل غير مسبوق قد يسبب انفجارًا اجتماعيًا سيؤدي الى فوضى أهلية لا يمكن لأحد تقدير نتائجها”.

وتابع: “وأمام هذا الواقع، ولما كان الهدف الاساسي من الدعم هو مساعدة الفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، لا كبار التجار والمحتكرين او المهربين ما يؤدي حاليا الى خلل كبير اذا ما استمر على ما هو عليه سيوصلنا حتما الى عدم القدرة على الاستمرار بالدعم وعندها سيقع المحظور، لذا كان قرارنا في الحزب “التقدمي الاشتراكي” انطلاقا من قناعاتنا وايماننا بضرورة تأمين العدالة الاجتماعية والأمن المعيشي والحماية للطبقات المحتاجة، أن نتصدى بجرأة لموضوع الدعم العشوائي والتقدم باقتراح واضح وجريء بإعادة النظر في كل القواعد المتبعة للدعم، وذلك بإعادة توجيهه نحو الفئات ذوي الحاجة، وترشيده بما يحد من استنزاف الاحتياطي المركزي، ورفعه عن كل ما هو ليس ضروريا وعن كل الفئات غير المستحقة لمصلحة الفئات المستحقة حصرا”.

وأشار الى أن “هذا الاقتراح اليوم ليس حلا جذريا، لكنه الخيار الأمثل في هذه المرحلة الدقيقة علنا نؤخر الانفجار القادم، وهو يضع كل القوى السياسية ومؤسسات الدولة امام مسؤولياتها. ومن هنا نوجه النداء للجميع بإعلاء المصلحة الوطنية والسير بهذا الطرح بشكل سريع لحماية ما تبقى من أمن اجتماعي ومعيشي ومنح اللبنانيين فرصة إضافية للعيش الكريم، ورفد العائلات الفقيرة بمقومات الصمود من خلال ترشيد الدعم بحيث نحمي الطبقات الشعبية، ونؤخر نفاذ احتياطي المصرف المركزي الى اقصى مدى ممكن بغية ملاقاة الحلول المتوخاة عند ولوج طريق الاصلاحات وتطبيق بنود المبادرة الفرنسية وتلقي الدعم والمساعدات الخارجية”.

وسأل أبو الحسن: “هل من المقبول بعد اليوم ان نستنزف احتياطنا وفق معادلة غير عادلة، بحيث يتلقى المقتدر والغني الدعم ذاته الذي يتلقاه المعدم والفقير؟ هل من المقبول مثلا ان يدفع من هم تحت خط الفقر ثمن صفيحة البنزين او المازوت كما يدفعها من ينعم بإمكانيات مادية كبيرة، فأين العدالة الإجتماعية بذلك؟ هل من المقبول بعد اليوم ان ندعم المحروقات من إحتياطنا لتهرب الى خارج الحدود من خلال منظومة التهريب والاقتصاد الأسود نتيجة وهن الدولة وضعفها وغياب قرارها المركزي القادر على ضبط حدودها واحترام إجراءاتها؟ هل من المقبول ان نستورد اكثر من 1400 صنف من الدواء المدعوم في ظل وجود الصناعة الوطنية للدواء وإمكانية تطويرها ودعمها وتحفيزها. وهنا لا بد من ابقاء الدعم على ادوية الجينيريك والأدوية الأقل كلفة من نفس الصنف (إقتراح اللقاء الديمقراطي ) بالإضافة للأدوية الاساسية وخصوصا المتعلقة بالأمراض المزمنة والمستعصية وطبعا من دون المس بالمستلزمات الطبية. هل من المقبول ان يشمل الدعم معظم الاصناف الغذائية والكثير منها ليست بمتناول اصحاب الدخل المحدود او المعدمين، بل هي من الكماليات وهنا لا بد من التنويه بخطوة المدير العام لوزارة الإقتصاد على هذا الصعيد”.

وأردف: “إنطلاقا من ذلك، فإننا نقترح إعادة النظر بالدعم وفق الطريقة الحالية، واستبداله بدعم مباشر للعائلات الفقيرة بعد تطوير وتحديث بيانات برنامج الأسر الأكثر فقرا من خلال تدقيق تجريه وزارة الشؤون الإجتماعية والجيش اللبناني والبلديات والمخاتير، على ان يكون الدعم عبر بطاقات لهذه الفئات تسمح لها بالاستفادة من دعم موجه ومباشر لها. وفي الوقت نفسه وقف الدعم الذي تستفيد منه كل الفئات الميسورة وهذا المسح غير مستحيل، ولا يتحجج أحد بأي صعوبة على الاطلاق ، وما تجربة برنامج دعم الأسر الاكثر فقرا الا خير دليل على ما نقول. بهذه الطريقة فقط نوجه الدعم للمستحقين، ونمنع الاحتكار واستغلال كبار التجار والمستوردين ونحد من التهريب ونؤمن وفرا يقارب 5 مليار دولار من الاحتياطي، خصوصا وان البعض نسي الدعم المخصص لشراء الفيول والذي يقدر بملياري دولار سنويا”.

وردا على سؤال عن الاتصال مع القوى السياسية والكتل النيابية، قال أبو الحسن: “من موقعنا في المجلس النيابي نجري تواصلا دائما، وفي موضوع الدواء ومن خلال وجودنا في لجنة الصحة النيابية تقدم اللقاء الديمقراطي باقتراح قانون ثان في ما خص الدواء، وجرى تواصل مع الرئيس نبيه بري عندما قمنا بزيارته برفقة رئيس الحزب وليد جنبلاط وتم التطرق بشكل أساسي الى موضوع الدعم، وكانت وجهات النظر متطابقة في هذا الشأن، والاتصال دائم ومستمر مع وزارة الاقتصاد والمدير العام للوزارة ونقابة مستوردي الأدوية ومع كل الشرائح المعنية بالموضوع. وأما اليوم فقمنا بإطلاق الصرخة، واعتبارا من الغد ستستكمل الاتصالات وسنعمل على تحفيز كل القوى السياسية على تبني هذا التوجه، فهناك أمور تحتاج الى قوانين من خلال الاقتراحات التي تقدم وفي الجلسات التشريعية يمكن تعديلها واقرارها، وهناك أمور تحتاج الى قرارات لا قوانين وباستطاعة وزارة الاقتصاد ان تباشر بهذا الأمر”.

وأضاف: “لماذا نطرح هذا الموضوع اليوم بشكل أساسي؟ هنا لا بد من التأكيد على نقطة أساسية وهي أن اللقاء الديموقراطي كان أول من تقدم بإخبار لدى القضاء بموضوع التهريب، ورغم كل المحاولات التي حصلت بكل أسف لم نصل الى أي نتيجة لان منظومة التهريب وجماعة الاقتصاد الأسود يبدو انهم اليوم أقوى من الدولة اللبنانية، ولذلك لا بد من اللجوء الى اجراءات أخرى الى ان تحسم الدولة أمرها وتضبط حدودها وتحترم إجراءاتها”.

وتابع: “يحكى اليوم أننا وصلنا الى حافة الحد المقبول لاستخدام الاحتياط، أي 17 مليار و500 مليون دولار، ولدينا هواجس وبعض المعطيات التي بدأت تتسرب بأنهم مسوا بهذا السقف، فهذه مسؤولية مصرف لبنان بأن يجيب على هذا الأمر. صحيح أننا نستهلك شهريا ما يفوق الـ530 مليون دولار لدعم المواد ولكن لم يتطرق أحد الى موضوع الفيول لمؤسسة كهرباء لبنان، وسمعنا بالامس وزير الطاقة يقول أن الاعتمادات مرصودة. صحيح مرصودة، ولكن في العملة اللبنانية فليخبرونا من أين سيأتون بالدولار لتأمين الكهرباء للناس، فهذه نتيجة الإمعان في الهدر والفساد في ملف الكهرباء”.

وختم: “حكومة تصريف الاعمال، ووزارة الاقتصاد تستطيع ان تتخذ قرارات اجرائية تضبط الكثير من الأمور، ونحن جاهزون للأمور التي تحتاج الى تشريع”.