IMLebanon

حرق مخيم بحنين… إشكال فردي أم “قلوب مليانة”؟

كتب أنطوان العامرية في “الجمهورية”:

العلاقة بين اللبنانيين والنازحين السوريين باتت قاب قوسين من الانفجار. فبعد دير الاحمر والشوف وبشري، جاءت المواجهة عنيفة في بحنين -المنية، عبر اشكال تطور الى اطلاق نار واحراق مخيم بكامله، كاد يودي بحياة اكثر من 400 نازح.

المواقف الشاجبة والمستنكرة للاعتداء الذي حصل على مخيم النازحين السوريين في بلدة بحنين واحراقه بالكامل، لم تغط الهوة التي باتت سحيقة بين اللبنانيين والنازحين السوريين، نتيجة الظروف والأزمات الاقتصادية والصحية والامنية الضاغطة التي يعيشها اللبناني المقهور، كما قال احد ابناء المنية لـ«الجمهورية»، مضيفاً: «بات اللبناني ينظر بعين الغضب الى النازحين الذين يحصلون على كافة انواع المساعدات وبخاصة المادية، إذ يحتشدون صبيحة كل يوم امام المصارف لسحبها، في حين باتت أموالنا رهينة اهواء المصارف».

أكثر من 86 عائلة كانوا يسكنون في مخيم بحنين، يقفون اليوم على اطلال الغرف المرمّدة التي كانت تحميهم، ينتظرون ايادي الخير لتساعدهم وتجد لهم مأوى جديداً، رغم مسارعة العديد من ابناء الشمال الى تأمين مسكن مؤقت لهم في المنية والقبة وطرابلس والميناء ومناطق شمالية اخرى.

وفي حين ينتظر الجميع نتيجة التحقيقات، اكّد احد رواد مطعم النابلسي، حيث حصل الاشكال واطلاق النار، انّ التضارب والرصاص كان بين السوريين وأحد ابناء البلدة الذي أُصيب وتمّ نقله الى المستشفى، وانّ معلومات وردت بعد الاشكال عن وفاته، مما اثار غضب الشبان الذين احرقوا المخيم. لكن نائب رئيس بلدية بحنين عامر البقاعي الذي كان يتفقد المخيم قال لـ«الجمهورية»: «ما حصل لا يمكن وضعه الّا ضمن خانة المشاكل الفردية بين أحد التجار والعاملين لديه، ما أدى الى حرق المخيم. البعض يتهم أهل بحنين بالاعتداء والأمر غير صحيح، حتى انّ أحداً لا يعرف ما الذي جرى، علينا انتظار نتائج التحقيقات وما تقرّره الدولة سنأخذ به، كوننا تحت سلطة القانون».

وأكّد أنّ «ما من قتلى سقطوا خلال الإشكال كما ذكرت وسائل التواصل الاجتماعي، انما هناك عدد من الإصابات الطفيفة».

ورداً على سؤال حول ورود اسماء من آل المير في عملية احراق المخيم قال: «ابن المير هو تاجر الحمضيات الذي وقع الخلاف بينه وبين بعض العمال السوريين الذين يعملون لديه، ولهذا السبب وقع الاشكال، وبعدها تداخلت الأمور ببعضها البعض ولم نعد نعرف ما الذي جرى حتى لجهة اطلاق الرصاص»، نافياً أن يكون لدى السوريين سلاح في المخيمات».

وبعد أن تمكنت فرق الدفاع المدني من إخماد النيران التي أتت على كل المخيم، نشطت الجمعيات الدولية وزارت المخيم للاطلاع على اوضاع العائلات. وقال مدير اتحاد الجمعيات الاغاثية في الشمال عبد الرحمن درويش: «بعض النازحين الذين يعملون في جمع محصول الليمون وقع اشكال بينهم وبين التاجر الذي يعملون لديه، لكن ردة الفعل التي حصلت غير مبررة لأنّ المطلوب محاسبة المخطئ وليس الجميع».

ولفت الى انّ «هناك 86 عائلة أي 400 شخص، وهناك عائلات لبنانية فتحت بيوتها لإيوائهم، اضافة الى توجّه عدد من العائلات الى احدى المدارس وهناك من توجّه الى عكار. وكجمعية تواصلنا مع UN ومع وزارة الشؤون الاجتماعية، وستكون هناك معلومات موحّدة لكل العائلات التي نزحت من المخيم بغية تقسيم الأدوار على المنظمات».

وأشار إلى أنّ الجمعية تقوم بتقديم الوجبات الغذائية، وسيتمّ توزيع الفرش والحرامات والمنظفات والثياب، وسيتمّ العمل على تنظيم الأوراق الثبوتية للاجئين لمساعدتهم في التنقل وتلقّي المساعدات.

بدء مسح الأضرار

وبدأت المنظمات الدولية والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة، بمسح الأضرار التي خلّفها حريق مخيم النازحين السوريين في منطقة بحنين، بالاضافة إلى بدء الشروع بخطة لإعادة تأهيل البنى التحتية، ضمن خطة طوارئ لتأمين عودة سريعة لهم، بعد إتمام عملية التأهيل.

في المقابل، بدأ عدد من الجمعيات الأهلية المحلية والدولية والمؤسسات التابعة للسفارات، ولا سيما السفارة السعودية، بإرسال مساعدات عينية للنازحين من أغطية وفرش، وكذلك فعلت الجمعية المحلية «سبل السلام» التي أرسلت المساعدات.

وقد بدأت تتكشف الأضرار في المخيم الذي يضمّ 93 خيمة مسجّلة لدى المنظمات الدولية غير الحكومية، بالاضافة إلى الجمعيات المحلية التي تهتم بالنازحين السوريين، سواء بالإعانة الغذائية أو العينية، وتبين بعد الكشف أنّ المخيم احترق بالكامل، والبنى التحتية التي كانت الهيئات الدولية والمنظمات الإنسانية بنتها من مياه ساخنة وخزانات أُتلفت بالكامل.

من جهة أخرى، تكفلت الجمعيات بتأمين أماكن لإيواء 93 عائلة تضمّ 468 شخصاً.

الجيش

أعلنت قيادة الجيش، أنّه «بتاريخ 27/ 12/ 2020، أوقفت دورية من مديرية المخابرات في بلدة بحنين – المنية، مواطنين لبنانيين وستة سوريين على خلفية إشكال فردي وقع في البلدة بين مجموعة شبان لبنانيين وعدد من العمال السوريين، ما لبث أن تطور إلى إطلاق نار في الهواء من قبل الشبان اللبنانيين الذين عمدوا أيضاً الى إحراق خيم النازحين السوريين. تدخلت على إثر ذلك وحدات الجيش وسيّرت دوريات في المنطقة، ونفّذت مداهمات بحثاً عن المتورطين في إطلاق النار وإحراق الخيم وضبط في منازل تمّت مداهمتها أسلحة حربية وذخائر وأعتدة عسكرية. وسلّم الموقوفون والمضبوطات وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص، فيما تستمر ملاحقة باقي المتورطين لتوقيفهم».