IMLebanon

ربط التشكيل بتسلّم بايدن الرئاسة “ضرب جنون”

مضحك مبك رهان المنظومة الحاكمة ومن يشاطرها الرأي من اهل السلطة واللبنانيين على ربط مصير تشكيل الحكومة بموعد تسلم الرئيس الاميركي جو بايدن مقاليد الحكم في بلاده. ذلك ان الربط الدائم للاستحقاقات اللبنانية بمحطات خارجية، ولو كانت ذات اهمية وتأثير على الداخل اللبناني، أثبت فشله لا بل عقمه استنادا الى المعطيات الميدانية والوقائع المثبتة.

بعودة سريعة الى مسار تشكيل الحكومات في لبنان يتبين ان معظمها تم تعليقه على حبال تطورات تارة ايرانية واخرى اميركية لاسيما منها الانتخابات الرئاسية، غير ان الافراج عنها جاء بمعزل عن المحطات المشار اليها. ففي اعقاب انفجار 4 آب المشؤوم واستقالة حكومة الرئيس حسان دياب ظن الجميع للوهلة الاولى ان مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ستشكّل كاسحة ألغام تزيل اي معوقات قد تعرقل مسارها، غير ان رياح التشكيل لم تجر وفق ما تشتهي سفن فرنسا ولا لبنان، وعزا معظم المحللين السياسيين الامر الى وجوب انتظار نتائج الانتخابات الاميركية في 3 تشرين الثاني الماضي. مر 3 تشرين وانتُخب جو بايدن رئيسا فوفر الذريعة الانسب للمسؤولين اللبنانيين غير الراغبين بتشكيل حكومة لعدم اتمام واجبهم الدستوري ليضربوا موعدا جديدا في 20 الجاري موعد تسلم بايدن الرئاسة.

تؤكد مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية” ان عقدة لبنان التشكيلية ليست الا في الارتهان لقرار الخارج وعدم التحلي بالقدر الكافي من الحس الوطني لفصل لبنان حتى في لحظة نزاعه عن مصالح الخارج التي لا تسهم الا في اغراقه في وحولها حتى وصل الى ما وصل اليه من انهيار شامل. وتسأل: “ما الذي يمنع المسؤولين المعنيين بتشكيل الحكومة من التحرر من كل القيود والاصغاء الى نصائح اصدقاء لبنان المهتمين بانتشاله من قعر الحفرة حيث هو، اكثر من بعض اللبنانيين انفسهم، والانصراف سريعا الى التأليف وتوقيع المراسيم بمعزل عن اي شيء آخر؟ وهل ان مقعدا وزاريا “بالزايد او بالناقص” او حتى امتلاك الثلث المعطل يفوق اهمية مصير الوطن بقاء او زوالا؟”، مشددةً على ان “الواقع اللبناني الرديء لم يعد يحتمل استمرار المماطلة او بالاحرى الارتهان الى مصالح الخارج والارجح بات يحتاج عملية جراحية صعبة لكنها ضرورية قد لا تتحقق الا عبر القنوات الدولية”.

وتقول اوساط دبلوماسية غربية لـ”المركزية” ان “ملف لبنان ليس حتى على سلم اولويات الادارة الاميركية الجديدة التي يراهن بعض المكونات السياسية في لبنان على انها ستبادر الى مساعدة لبنان في خطوة انقلابية على مواقف ادارة ترامب، وتقلب الموازين لمصلحة محور الممانعة. فانشغالاتها الداخلية واهتماماتها الخارجية منظمة وفق سلم اولويات يبدأ بمواجهة جائحة كورورنا التي تفتك بالبلاد ولا ينتهي بملف الشرق الاوسط ودوله الكبرى ومنها ايران والنووي، والعلاقات الاميركية- الايرانية، وتركيا وتوسعها في المتوسط والتطبيع العربي مع اسرائيل، والارهاب والتطرف السني والشيعي، والعلاقات مع روسيا والصين”.

وتوضح ان “اذا كان من اهتمام اميركي بملف لبنان فهو ليس الا من زاوية البحث في الملف النووي الايراني ووضع “حزب الله” وتوسعه الخارجي والتزامه الاجندة الايرانية، الا ان الاهتمام الجزئي هذا لن يجد طريقه بالسرعة التي يراهن عليها بعض المسؤولين اللبنانيين، ذلك ان هناك توافقا بين الجمهوريين والديمقراطيين على اعتبار “حزب الله” منظمة ارهابية وثمة شروط اميركية للتفاوض مع ايران منها وقف تزويد اذرعها العسكرية بمنظومة الصواريخ الباليستية لاسيما “حزب الله”، تحديد تاريخ للاتفاق النووي، احترام التخصيب، وقف التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، تجنّب تهديد الملاحة البحرية في الخليج العربي ووضعه تحت رعاية دولية”.

كل ذلك لن يكون بلمح بصر انما سيحتاج حكما الى اشهر وربما سنوات، فهل سيبقى لبنان بلا حكومة حتى ذلك الحين، هذا ان بقي اساسا. تنصح الاوساط الدبلوماسية لبنان ومن يحرص على استمراره على الخريطة الدولية بالمسارعة الى تنفيذ المبادرة الفرنسية الانقاذية، خشبة الخلاص الوحيدة للبنان، والالتزم بآليتها بدءا من تشكيل حكومة المهمة، قبل فوات الاوان.