IMLebanon

الشارع يهتز مجدّدًا… الغلاء حرّك الناس

كتب رمال جوني في صحيفة نداء الوطن:

إهتزّ الشارع الشعبي مُجدّداً على وقع صرخات الفقر والبطالة والغلاء والإهتراء الكبير في المؤسسات العامة، والفساد الذي يعشعش في كلّ شيء. ولأنّ الجوع لا يرحم، والفقر بات داخل كلّ بيت، ولأنّ الإعاشة لا تبني وطناً، أطلق حراك النبطية صرخته في وجه السلالة المتحوّرة من الفاسدين الذين قصموا ظهر الناس.

من أمام ساحة النبطية، إنطلق الحراك في مسيرة رافضة للذلّ اليومي الذي يتعرّض له المواطن، ولسياسة رفع الدعم عن أبسط السلع، فالناس اختنقت من الغلاء على قدر اختناقها من “كورونا”.

حال الفيروس دون مشاركة العديد في التحرّك فالوباء ضاغط والأولوية لمواجهته، وفق تأكيد الجميع، ولكنّ الوضع الاقتصادي يضغط ايضاً. الجميع كان يعوّل على تأمين مقوّمات صمود للناس ومحاربة تُجّار الأزمة الذين يلعبون في ملعب الكسب السريع على حساب الفقراء، ولكنّ الظنّ خاب، يقول ابراهيم.

صحيح أنّ التحرّك جاء بمثابة فشّة خلق وردّة فعل على الارتفاع الفاحش بالأسعار، غير أنّه شكّل تحوّلاً في مسار الإعتراض، ورسم خريطة طريق جديدة للتحرّكات المتوقّع حصولها في القادم من الايام، ولكن هل ستنجح ونكون امام انتفاضة شعبية شاملة؟

أمام خيمة الحراك في ساحة النبطية، جلس أبو علي يدخّن سيجارته، ينتظر حضور الناس المتضرّرة من سياسة الغلاء السائدة. طال انتظاره، فالناس لم تعتد نظام الاعتراض والرفض، بل اتبعت نظام الصمت القاتم. منذ زمن لم ينتفض الناس على فقرهم، لم يسجّلوا إعتراضهم على نظام الغلاء القائم، بالرغم من أنّ الموسى وصل الى ذقن الفقراء وبات صعباً عليهم شراء شيء في ظلّ نظام رفع الاسعار اليومي للسلع. وبحسب المعطيات، فإنّ أسعار السلع الغذائية ستشهد ارتفاعاً كبيراً في الايام المقبلة بعد رفع الدعم عنها، ومعه ستكون الناس أمام سيناريو خطير، سيعجز كثر عن شراء غالون زيت أو كيلو سكر، فهل سيصرخون؟

يؤكّد الناشط علي بدير أنّه “لن يفرجوا عن صوتهم ولن يفعلوا، فالمواطن إعتاد نظام الإعاشة، أما الدفاع عن حقه فهو مصادر”.

إنتظر المحتجّون حضور الناس طويلاً، منّوا النفس أنّ الغلاء الكبير سيدفع بهم للتحرّك ورفع الصوت، ولكن لم يحضر أحد، سوى تلك الوجوه التي اعتادت عليها الساحة منذ زمن، في حين لفت بعضهم الى أنّ التحرّك شهد شدّ حبال بين مؤيّد ومعارض له بسبب جائحة “كورونا”، بالرغم من تأكيدهم أنّ الكلّ يتّفق على الخطوط العريضة، أما الشيطان فيكمن في التفاصيل في تأكيد أنّ “التحركات المطلبية منقسمة ويسودها مدّ وجزر من الخلافات التي لن تصبّ الا في خانة التشتّت أكثر.

لا يعدو تحرّك حراك النبطية كونه فشّة خلق في زمن الإقفال الصحّي وحظر التجوّل، غير أنّه جاء ليهزّ عرش التجّار الذين ينشطون على خط رفع الأسعار وتجويع الناس أكثر. يؤكّد الناشط تمام أنّ “التحرك لن يؤتى جدواه طالما لم يتوسّع”، ويجزم بأنّ “الوضع بات يؤرق الجميع، ومع ذلك لن يتحرّك أحد طالما الكلّ تبعي، يسير خلف حزبه وطائفته ومصلحته”.

حاول المحتجّون إستمالة الناس الى تحرّكهم، أو كسبهم على خط الإعتراض على ما يعيشونه عبثاً، يقول الناشط محمد ترحيني إنّ “خروجهم الى الشارع مُجدّداً ما هو الا إعتراض على خريطة الطريق الاقتصادية المتّبعة”، يرى أنّ “الظروف باتت سانحة لقلب الأمور رأساً على عقب، وأنّ الأولوية لإصلاح النظام الاقتصادي المهترئ والذي يشوبه الكثير من جيوب الفساد”.

ودعا الناشط الدكتور علي وهبي الناس الى أن “يتحرّكوا وينتفضوا على كرتونة الإعاشة وغالون المازوت”، مؤكّداً أنّ “صوته صرخة جنوبية ليستيقظ الناس ويسيروا على خطى الامام علي ليقولوا كلمة الحق”، مردفاً: “ما يبني الوطن هو تحرّك الناس والوقوف وقفة شجاعة في وجه الظالمين”.