IMLebanon

موقف عون من “الهجوم الشيعي” على الراعي

كتبت راكيل عتيِّق في “الجمهورية”:

فيما يتمسّك رئيس الجمهورية ميشال عون بـ»حقوق المسيحيين» في الشراكة والتمثيل الحكوميين، ما يؤدي الى عملية شدّ حبال بينه وبين الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، بحيث يبقى التأليف عالقاً في عنق الزجاجة، يسأل كثيرون عن موقف رئيس الجمهورية إزاء ما تتعرّض له المرجعية المارونية الدينية الأعلى من «هجمات شيعية»، إن على لسان الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله أو من المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أو سواهما، على خلفية دعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى عقد مؤتمر دولي بهدف إنقاذ لبنان.

منذ طرح الراعي عقد «مؤتمر دولي من أجل لبنان» وبدء الردود الشيعية عليه، لاذ عون بالصمت. وتُفضّل دوائر القصر الجمهوري عدم مقاربة هذا الموضوع لكي «لا نزيد الطين بلّة أو نفتح الباب للمزايدات، فبهذه القضايا تؤدي المزايدات الطائفية والمذهبية دورها بينما البلد لا يتحمّل هزّات من هذا النوع».

لكنّ أوساطاً مُطّلعة تقول إنّ «المعالجات الهادئة لحالات من هذا النوع تبقى أفضل من المعالجات الاستعراضية، فكلّ ما يعمّق الخلاف ويفتح الباب أمام الأخذ والعطاء والفتن الطائفية والمذهبية يضرّ بلبنان، والتجارب التي مرّت علّمتنا هذا وجعلتنا نعيش ظروفاً انعكست سلباً على البلد. لذلك، هذه الأمور تتطلّب معالجة هادئة، والرئيس عون يتعاطى أساساً بهدوء مع حالات من هذا النوع ويقوّمها ويدرسها ويأخذ الموقف المناسب منها لمصلحة البلد ووحدته».

عندما طرح الراعي موضوع «حياد لبنان» كان موقف عون واضحاً لجهة أنّ أي طرح يتطلب إجماعاً، وأيّ اقتراح يتعلّق بوضع لبنان وخياراته يجب أن يحصل توافق وطني حوله، لأنّ تركيبة لبنان خاصة ومميّزة. وهذا الموقف يَسري أيضاً على طرح البطريرك الماروني موضوع المؤتمر الدولي، الذي «يتطلّب متابعة هادئة، وألّا يكون وسيلة أو سبباً لمشكلات جديدة».

وتقول المصادر نفسها: «هذا رأي البطريرك وهو يتصرّف وفق وجهة نظره، لكن هناك وجهات نظر أخرى في البلد. لذلك إنّ مقاربة هذا الموضوع تحتاج الى هدوء والى مزيدٍ من الدرس والتقويم، لكي لا يحصل استغلال سلبي لها يؤثّر في وحدة الوطن وفي الموقف اللبناني الجامع بقضايا من هذا النوع، خصوصاً في هذه الظروف». وتفيد أنّ «الرئيس يعالج هذا الموضوع بعيداً من الأضواء وبحكمته المعهودة وبهدوء وفق تقويمه لمصلحة البلد وبتَروٍّ وبما يفيد مصلحة لبنان، وخصوصاً وحدة اللبنانيين التي لن يقبل بالتفريط بها في عهده، خاصة أنّ وحدة البلد التأمَت بعدما انتُخب رئيساً وهو لن يضحّي بها، بل يقوم بكلّ ما هو ممكن للحفاظ على وحدة الشعب اللبناني».

على صعيد الحكومة، قال عون كلمته ويعلمها الحريري، بحسب أوساط قريبة من الرئيس، تؤكد أنّ عون «حاضر لأي بحث ونقاش إذا كان الرئيس المكلف يريد إعادة تحريك التأليف مع الأخذ في الاعتبار الملاحظات التي أدلى بها عون في مناسبات مختلفة». وتؤكد أنّ «الرئيس منفتح للمعالجة ويريد الحكومة اليوم قبل الغد، لكنّه يريدها وفق أسسٍ متينة وصلبة تحفظها وتمكّنها من أن تؤدي دورها وليس أن تواجه مشكلات. لذلك إنّ الرئيس حاضر، وحميع الذين يزورونه يلمسون استعداده لمعالجة الملف الحكومي وفق الأسس والقواعد التي عرضها مع الحريري، والتي يرى أنّها الأنسب لكي تتحصّن الحكومة الجديدة وتتمكّن من الانطلاق والعمل».

أمّا بالنسبة الى المبادرة الأخيرة الموضوعة على طاولة التأليف، التي أعلنها نصرالله وتقضي بتوسيع الحكومة لتضمّ 20 وزيراً، فتؤكد المصادر إيّاها أن لا مشكلة لدى عون في هاتين النقطتين، إذ إنّه أساساً لم يطالب بالثلث المُعطّل وسعى الى حكومة من 20 وزيراً لكي يكون هناك توازن فيها ولكي تتمثّل الطوائف بعدالة.

ولجهة «الثلث المعطّل»، فهو «عملية حسابية يجريها الحريري وغيره من الأفرقاء، بحسب هذه المصادر، أي 6 وزراء من المسيحيين يسمّيهم الرئيس عون إضافة الى وزير حزب «الطاشناق»، فيما أنّ «الطاشناق» يقول إنّه مستقل، وأكد الأمين العام للحزب مراتٍ عدة انّه يريد وزيراً مستقلّاً لا يكون محسوباً على أحد في الحكومة». وتسأل: «لماذا يجلبون وزير «الطاشناق» بالقوة الى حصة الرئيس؟»، مشيرةً الى أنّ عون أكد بأن «لا مشكلة لديه في تسمية 6 وزراء مسيحيين كما يُطرح في حكومة من 18 وزيراً مُقسّمة الى (6 – 6 – 6) ويكون الوزير الأرمني بمفرده أي من خارج حصة الرئيس عون».

وعن عدم تراجع عون عن حصة من 6 وزراء مسيحيين في الحكومة، توضح المصادر أنّ «الواقع يفرض أن يتمسّك عون بـ6 وزراء، إذ إنّ الأفرقاء المسيحيين الأساسيين لن يتمثّلوا بالحكومة، أي «التيار الوطني الحر» إضافة الى حزبي «القوات اللبنانية» و»الكتائب اللبنانية». وبالتالي، من سيحافظ على الحصة المسيحية لكي يكون هناك توازن ومشاركة»؟ مشيرةً الى أنّه من المُفترض أن تُقسّم الحصة المسيحية في الحكومة كالآتي: وزير لتيار «المردة»، وزير أرمني، ووزير ضمن حصة الحريري، والرئيس عون لا يطلب أكثر من 6 وزراء».

وإذ تعتبر أنّ «توسيع الحكومة لأن تضمّ 20 وزيراً يحقّق العدالة في تمثيل الطوائف، فتحصل كلّ من طائفتي الدروز والكاثوليك على حصة من وزيرين مثلما جرت العادة»، تشير الى أنّ «الرئيس عون لم يقُل إنّه يريد أن يكون هذا الوزير الكاثوليكي ضمن حصته، أو أن يرفع حصته الى أكثر من 6 وزراء»، لافتةً الى أنّ «الحديث في حكومة من 20 وزيراً لم يُجر بعد لكي يجرى توزيع الحصص فيها».

وتؤكد أنّ «الرئيس منفتح، وما يهمّه أن يكون هناك حكومة وفق المعايير التي سبق أن حدّدها وحكومة مُحصّنة يمكنها أن تحكم». وانطلاقاً من ذلك، تعتبر أنّ الكرة في ملعب الحريري لكسر الحلقة المفرغة داخلياً، بأن يأخذ المبادرة لاستكمال مشاورات التأليف مع الرئيس عون».