IMLebanon

بري يشارك في مراسم تشييع قبلان

شارك رئيس مجلس النواب نبيه بري، في مراسم تشييع رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، فقيد العلم والعلماء، الشيخ عبد الأمير قبلان في مقر المجلس ظهر اليوم الثلثاء، الى جانب ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، ممثل رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الوزير في حكومة تصريف الأعمال عماد حب الله، ممثل وزيرة الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر وقائد الجيش العماد جوزاف عون اللواء مالك شمص، ممثل الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله السيد هاشم صفي الدين، الشيخ محمد حسن اختري على رأس وفد يمثل الجمهورية الاسلامية الايرانية، ممثل المرجع الديني السيد علي السيستاني في لبنان حامد الخفاف، وعدد من الشخصيات الوزارية والنيابية والديبلوماسية والقضائية والحزبية والدينية وعلماء الدين ووفود من مختلف المناطق وأعضاء الهيئة الشرعية والتنفيذية للمجلس وأسرة الفقيد.

وقلد بري الراحل باسم رئيس الجمهورية وسام الأرز الوطني من رتبة الوشاح الأكبر، تقديرا لجهوده وعطاءاته في خدمة الوطن، على الجثمان في مقر المجلس.

بدأت مراسم التشييع بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، وألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان كلمة استهلها بقوله: “الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون – أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون”.

وأضاف: “لا قول لنا ظاهرا أو باطنا في هذا المصاب الجلل إلا قول الله تعالى بلسان اهل الحسبان إنا لله وإنا إليه راجعون. لا شك في أنه يوم صعب، لحظة أليمة، وموقف مفجع سيصحبني طيلة العمر حتى ألقى الله سبحانه وتعالى، لأن المحمول في هذا اليوم حمل تاريخ هذا البلد بكل آلامه وأوجاعه ونيرانه، ولأن الحامل كلنا والأمانة عظمى وكأساس لما سأقوله وبمختصر، واسمحوا لي حتى لو أخرتكم قليلا ومن دون ألقاب لوالدي الشيخ عبدالأمير قبلان، كما عشته وعايشناه وأخوتي وكما عرفه العالم والكثير منكم، الشيخ عبدالأمير أنة الفقير ولهفة المسكين وأمل المحتاج وباب السائل وأنيس المكروب”.

وتابع: “نعم، لم يسأل عن دين ولم يسأل عن ملة. هو صلاة ليل، هو بكاء طويل في محارب الظلام هو راهب في صومعة، هو قائد في ميدان هو خطيب على منبر وطن هو حمل أشلاء ودماء، هو كافل ثكالى وأيتام، هو شجاع بشدة لحماية لبنان من الفتنة والتقسيم ومذابح الحرب الأهلية. هو ابن بيت أول ما علمه جدي الشيخ محمد علي أن الفتنة أكبر من القتل وأن الحرب الأهلية طاعون الأوطان. هو مفتي المقاومين، هو شيخ المجاهدين الأوائل، هو ذاكرة أرض، هو خنادق ومعسكرات هو حدود ملتهبة منذ اليوم الأول للاحتلال هو صاحب الفقراء في برج البراجنة، في الرمل العالي، في حي السلم، في الضاحية والمصيطبة والخندق الغميق، هو بعلبك الهرمل والجنوب وعكار وكافة مناطق المحرومين والمعذبين في هذا البلد المظلوم. هو رفيق الإمام الصدر أخوه وشريكه في أخطر اللحظات التي كانت تحيط بالبلد والمنطقة وهو القائل إن العيش المشترك والسلم الأهلي ومشروع الدولة الواحد بمثابة المسجد للمسلم والكنيسة للمسيحي، وأن من يطعن العيش المشترك إنما يطعن بمواثيق الله سبحانه وتعالى. نعم هو رفيق الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين وشريكه بخلاصة ان الوطن إنسان وأن الضمير دين وأن المسيحية كالإسلام خلاصة محبة الله ورحمته، وأن العائلة الوطنية شرط ضروري لقيامة لبنان”.

وقال: “أيها الإخوة المؤمنون، لم يهتم لكاميرا وكلكم تعلمون ذلك، لم يهتم لبروتوكول، لم يهتم لدعاية، لم يهتم للرد على متهم أو نمام أو مغتاب لأن قوله دائما حسبي الله يوم آتيه وهو العالم بحالي وأسراري وما أنا عليه من مظلومية ووجع. نعم، كان مطمئنا على الطائفة وكان يراهن على أمر واحد هو شراكة وأخوة ومحبة دولة الرئيس بري والسيد حسن نصرالله، وقال فيهم حماية الشراكة بين الرئيس بري والسيد حسن ليس بالضرورة للشيعة فقط بل هي ضرورة لحماية لبنان من العواصف الآتية، وما أكثر العواصف التي تضرب لبنان. أيها المؤمنون، أيها الأحبة، للشيخ عبدالأمير مما قاله إذا جمعنا القرآن بالإنجيل بخصوص الناس، نخرج بأمر واحد وهو ان الناس وصية الله وخدمتهم طاعة وشرف كبير في الدنيا والآخرة، وأشار إلى لبنان وقال هذا البلد ميدان معارك والعالم غابة مصالح والسياسات الدولية تعتمد على القوة للحق، لذلك المطلوب حماية لبنان من العالم حتى لا يتمزق لبنان بطوائفه وأديانه”.

وأضاف: “نعم أيها الاخوة، أشار الى الإمام الصدر فقال أخي الإمام الصدر كان يجمع بين الكنيسة والمسجد لأن كليهما محراب الله وضمير الإنسان. أشار إلى أن لبنان بلد متنوع دينيا وطائفيا تماما كتنوع هذا الكون، ولا عيب بالتنوع الديني، إنما العيب استغلال الدين والسياسة. نعم أوصانا وأوصاني الوطن أمانة، والناس أمانة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد روحه الطاهرة فسيح جنانه وأن يسكنها مع من أحب وتولى بحد الجنون مع مولاه علي بن أبي طالب سلام الله عليه. نعم أيها الأخوة، العهد يا ابي، أن نبقى على الأمانة التي حملتنا إياها، العهد لك يا من حمل وجع لبنان، يا من حمل دموع الفقراء والمظلومين والمحرومين، وها انت تغادرنا الآن الى حيث مقرك الأبدي، أن أكون عند حسن ظنك، أن أكون انا وإخوتي وأهلي وأحبتي عند حسن ظنك، خادما للفقراء، عونا للمساكين والأيتام والمظلومين والمحرومين، نصيرا للحق، متفانيا بالدفاع عن هذا البلد، وفيا للمحرومين وعذاباتهم، شريكا للمقاومة، وأن أحفظ هذا البلد وشراكته وسلمه الأهلي ووحدته الوطنية والإسلامية بكل جروحي، وأن أخدم قضايا المسيحيين قبل المسلمين وأن أصلي بالكنيسة والجامع، وكفى بذلك وعدا وعهدا أمام الله”.

وختم: “شكرا لكم أيها الأحبة من أين ما حضرتم. شكرا لكم على مواساتكم. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا صبر زينب على فراق أخيها المنحور، أن يلهمنا قدرة زينب لكي نكمل هذه المسيرة التي هي مسيرة محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين. رحم الله موتاكم وموتانا والشهداء والعلماء والمراجع العظام ولا سيما الى المرجع الكبير الذي أبى الا أن يرحل معه في اليوم عينه السيد محمد سعيد الحكيم رحمة الله عليه. إليهم جميعا نهدي ثواب الفاتحة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

وألقى نائب رئيس المجلس الشيخ علي الخطيب كلمة تأبينية قال فيها: “إنا لله وإنا اليه راجعون، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. يعز علي أن أقف في هذه اللحظات مؤبنا لكبير منا افتقدناه في أصعب اللحظات من تاريخنا وفي أحلك الليالي وأكثر الأوقات حاجة اليه والى حكمته وسداد رأيه وتجربته وخبرته العميقة، واضطلاعه بالمسؤولية في مواجهة الأزمات والمحن التي مر بها بلدنا العزيز الى جانب قائد هذه المسيرة الإمام السيد موسى الصدر، أعاده الله سالما، والإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، رضوان الله عليه، مستفيدا من كل ذلك في العمل على توجيه السفينة نحو شاطىء الأمان وفي إعطاء الرأي السديد تجنبا للوقوع في الأشراك التي نصبها العدو الإسرائيلي للبنانيين وجرهم الى الحروب الداخلية والفتن المذهبية، فكنت على الدوام أيها الراحل الكبير يا سماحة الإمام أيها الشيخ الجليل داعية حوار وتفاهم ووحدة ووئام بين كل الأطياف والمذاهب والأطراف، تدعو بالحكمة والموعظة الحسنة، فلم تكن الا كذلك، في كل مواقفك أبا عطوفا لكل اللبنانيين وأخا نصوحا حريصا ألا يصدر منك كلمة واحدة تخدش كرامة أحد أو تؤذي مشاعرهم او تعطي لهم انطباعا بأنك متحيز لأحد على حساب الحقيقة والحق، دون أن يكون في ذلك أي انتقاص له أو تخل عنه، بل إصرار على تحقيق ما ترى فيه مصلحة اللبنانيين جميعا ومصلحة المسلمين”.

وأضاف: “ينبع ذلك من ايمانك العميق وصراحتك المعهودة في قول كلمة الحق دون مواربة، وفي دعم القضايا العربية والإسلامية المحقة، وبالأخص القضية التي اعتبرتها قضية العرب والمسلمين الأولى، وهي الثابتة التي كانت المنطلق لك في كل مواقفك وآرائك ومعالجاتك للقضايا الداخلية والخارجية، وهو الموقف من القضية الفلسطينية كما الإمام الصدر والإمام شمس الدين في اعتبار العدو الإسرائيلي شرا مطلقا يجب الوقوف في وجهه، فكنت السند الأكبر للقضية الفلسطينية والداعم الأكبر للمقاومة رفدتها بمواقفك، ولم تبخل في أي فرصة سنحت لك في شرح مبرراتها وضروراتها لحفظ لبنان ووحدته وسيادته من دون استفزاز لمشاعر أحد بل بأسلوب الحريص على اللبنانيين جميعا ومصلحتهم ومصلحة بلدهم ودعوتهم للحفاظ عليه وعدم التفريط به”.

وتابع: “فوداعا أيها الإمام الراحل. وداعا يا أبا الفقراء والمساكين والمستضعفين الذي لم يستنكف يوما عن السعي في قضاء حاجة محتاج منهم دون تمييز. أيها الإمام الراحل الذي تواضع لكل الناس فلم يقفل بابه أبدا في وجه من أتاه طالبا حاجة أو متظلما أو مشتكيا، فلم أره يوما متأففا في وجه ملح إنما مبتسما صاغيا ملبيا ما أمكنه. وداعا أيها الإمام الراحل الذي وقف بجانب أهله الذين تعرضوا للعدوان الإسرائيلي في كل المراحل، وخصوصا بعد العدوان الغاشم الذي طاول كل لبنان، مبلسما جراحهم، مسخرا مؤسسات المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وإمكاناته لإعادة إعمار ما هدمه العدو في الضاحية الأبية وغيرها. ويكفي أن أقول فيك في ختام هذه الكلمات ما قاله امير المؤمنين علي (ع): ألسنة الناس أقلام الحق، سنبقى مقصرين في تعداد صفاتك مهما قلنا فيك، وتبقى أكبر من كل الكلمات فجرح فراقك لن يلتئم، وقد كان أملك وأملنا أن يعود الإمام الصدر واخويه من هذا الغياب الطويل لتلتقيه قبل هذا الفراق الأبدي: إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا ابا علي لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا”.

وختم: “إلى رحمة الله يا أبا علي وإلى جنان الخلد نشيعك مع احبائك وإخوانك الذين اجتمعوا اليوم لوداعك في هذه اللحظات الأليمة إلى جانب أنجالك المكلومين، وكلنا مكلوم بفراقك وخصوصا سماحة اخي المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، نتوجه إليهم بأحر التعازي سائلين المولى عز وجل أن يجعلهم من الصابرين الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون: وان يحفظهم جميعا من كل سوء وأعظم الله أجوركم جميعا وجزاكم خير الجزاء ولا أرانا فيكم مكروها وانا لله وانا اليه راجعون”.

وبعد تلاوة مجلس عزاء حسيني، أم الخطيب الصلاة على الجثمان، وانطلق موكب التشييع الرسمي والشعبي من مقر المجلس سيرا، وحمل النعش على الأكف في مسيرة حاشدة ليوارى الجثمان الطاهر الثرى في روضة.